02-سبتمبر-2018

بدأ نظام الخدمة العسكرية الحديث في أعقاب الثورة الفرنسية (ميخائيل دي/ تويتر)

يعود تاريخ التجنيد القسري إلى عصور قديمة، ويستمر في بعض البلدان حتى يومنا هذا تحت أسماء مختلفة، لكن النظام الحديث للخدمة العسكرية الإلزامية شبه الشاملة للشباب والرجال، بدأ مع الثورة الفرنسية في تسعينات القرن التاسع عشر، لتشكيل جيش هائل الحجم.

بدأ النظام الحديث للخدمة العسكرية الإجبارية شبه الشاملة للشباب والرجال، مع الثورة الفرنسية في تسعينات القرن الـ19

وبعد ذلك قامت العديد من دول العالم بنسخ ذلك النظام في وقت السلم، بحيث يقوم الرجال في سن معينة بالخدمة لمدة محددة ومن ثم نقلهم إلى قوات الاحتياط.

اقرأ/ي أيضًا: 3 أسئلة تجيب عن كل ما يتعلق بقانون التجنيد الإجباري المغربي

وفي حين يعترض البعض على طريقة التجنيد الإجباري لأسباب سياسية أو فلسفية تتعلق بالاستنكاف الضميري، تنهج سلطات بعض البلدان هذه الإستراتيجية من أجل ترسيخ المشاعر الوطنية في أوقات السلم وتعزيز قوة الجيش خلال الحرب.

ومؤخرًا دخل المغرب على خط التجنيد الإجباري مجددًا، بعد أن أصبح القانون الخدمة العسكرية الإجبارية رسميًا بمصادقة الحكومة المغربية عليه، ليعود مجددًا نظام التجنيد الإلزامي الذي عرفه المغرب منذ الستينات قبل أن يلغى في 2007، ويعود مجددًا مع القانون الأخير.

جدد ذلك القانون الجدل حول نظام التجنيد الإجباري، بما دفعنا هنا لاستعراض 3 نماذج مختلفة لدول تفرض نظام التجنيد الإجباري:

1. مصر

بدأ التجنيد الإجباري في مصر منذ أربعينات القرن التاسع عشر، وتم ترسيخه في نظام القانون الوطني في مصر الحديثة عام 1948، والذي تم تعديله مرة أخرى في أعوام 1955 و1957 و1996، وكذا 1988.

وتجب الخدمة العسكرية على مصريي الجنسية من الذكور الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و30 سنة، لمدة عام إلى ثلاث أعوام، حسب الخلفية التعليمية والصحية والاجتماعية للمرشح.

وتؤجل الخدمة بالنسبة للطلاب حتى الانتهاء من دراستهم، قبل أن يبلغوا 25 عامًا، حيث لا يمكنهم بعد ذلك السفر إلى الخارج بدون تصريح سفر من وزارة الدفاع، التي تتحقق من أدائهم الخدمة العسكرية.

بينما يتم إعفاء عدد من الحالات، بينها من ليس لديهم أشقاء أو إذا كان المرشح هو المتحمل الوحيد لمسؤولية أسرته، بالإضافة إلى الحاصلين على شهادة طبية تعفيهم من التجنيد.

مصر واحدة من أبرز الدول التي استمر فيها نظام التجنيد الإجباري لعقود طويلة
مصر واحدة من أبرز الدول التي استمر فيها نظام التجنيد الإجباري لعقود طويلة

ويحاول العديد من الشباب في مصر التهرب من الخدمة العسكرية بطريقة أو بأخرى، من خلال التذرع بالأسباب التي من شأنها أن تعفيهم من الخدمة، وبينما ينجح ذوو الميزات الاجتماعية من أصحاب المال والعلاقات في الابتعاد عن التجنيد، أو على الأقل تخفيض المدة، يجد أبناء الطبقات الشعبية أنفسهم مجبرين على أداء الخدمة العسكرية.

ويستنكر ناشطون بعض الممارسات التي يصفونها بـ"الشائنة" في الخدمة العسكرية بمصر، مثل "أعمال السخرة" حيث يضطر المجندون إلى القيام بأعمال مدنية لصالح شركات الجيش بدون مقابل، إلى جانب القيام بخدمات ذات أغراض شخصية لفائدة الضباط ذوي الرتب العليا، ما يثير استياء فئات مصرية عريضة من استمرار نظام التجنيد الإجباري بهذا الشكل، خاصة وأن البلاد ليست معرضة لحرب شاملة منذ توقيعها معاهدة السلام مع إسرائيل سنة 1979.

2. كوريا الجنوبية

بسبب خطر الحرب المفتوحة مع كوريا الشمالية، يوجد نظام التجنيد العسكري في كوريا الجنوبية منذ عام 1957، حيث يتوجب على الذكور الكوريين بين 18 و35 عامًا، أداء حوالي سنتين من الخدمة العسكرية الإجبارية، بموجب المادة 39 من الدستور، التي تقول: "على جميع المواطنين واجب الدفاع الوطني وفقا للشروط المنصوص عليها في القانون"، ولا يُطلب من النساء أداء الخدمة العسكرية، ولكن يمكنهن التجنّد طوعًا إذا ما شئن.

عندما يبلغ الشاب سن 19 سنة في كوريا الجنوبية، يُطلب منه الخضوع لفحص جسدي لتحديد ما إذا كان مناسبًا للخدمة العسكرية، ومن ثمة يرسلونه لأداء الخدمة بأحد فروع الجيش الكوري الجنوبي، وبعد الانتهاء يوضع المجندون تلقائياً في قائمة الاحتياط، ويلتزمون بحضور بضعة أيام من التدريب العسكري في كل عام لمدة 6 سنوات. في حين يحظى الرياضيون البارزون الذين حققوا إنجازات عالمية بإعفاءات من الخدمة العسكرية.

وتنتقد الصحافة الكورية والمنظمات الحقوقية المحلية استمرار التجنيد الإجباري، وتدعو إلى تقصير مدته تدريجيًا قبل الانتقال إلى نظام الخدمة العسكرية التطوعية كليًا، بيد أن الحكومة الجنوبية ترد بأنها لن تخفض فترات الخدمة، سيما بعد القصف الهجومي الذي نفذته بيونغ يانغ سنة 2010، حينما كادت تشتعل الحرب بين الكوريتين.

ومع ذلك فالجمهور في كوريا الجنوبية يقدس الخدمة العسكرية الإلزامية في البلاد، إلى درجة أن "المزاج العام ضد الرافضين للتجنيد عدائي للغاية، حتى أن الفنانين في الوقت الحاضر باتوا يشعرون أنه من الأفضل أداء الخدمة لضمان استمرار شهرتهم" كما يقول الصحفي الكوري الجنوبي جاي كيون.

ولكن في نفس الوقت، لا يتحمل الرأي العام في هذه البلاد مظاهر الفساد أو أولئك الذين يستخدمون سلطة ذويهم المالية أو السياسية للتهرب من الخدمة أو تلقي معاملة خاصة، وغالبًا ما يواجه أمثال هؤلاء عقوبات سجنية قاسية.

في 2017 عادت السويد لتطبيق نظام التجنيد الإجباري للرجال والنساء على حد سواء
في 2017 عادت السويد لتطبيق نظام التجنيد الإجباري للرجال والنساء على حد سواء

 

3. السويد

كان لدى السويد خدمة عسكرية إلزامية للذكور منذ عام 1901، وألغيت سنة 2010. لكن في 2017، مع تزايد النشاط العسكري الروسي في دول البلطيق، قررت الحكومة السويدية إعادة التجنيد العسكري من جديد للذكور والإناث على حد السواء.

وبرر وزير الدفاع بيتر هالتشفيست حينها هذا الإجراء، بأنه جاء ردًا على تدهور البيئة الأمنية في أوروبا، موضحًا: "نحن في سياق ضمت فيه روسيا شبه جزيرة القرم، إنهم يقومون بمزيد من التمارين في محيطنا المباشر".

وكانت السويد تشتكي من الخصاص في مؤسساتها العسكرية، بعدما تقلصت جودة الجيش بنسبة ْ90% منذ نهاية الحرب الباردة، وهو نقصٌ ظهر جليًا عندما نفذت الطائرات الحربية الروسية عام 2013 غارات وهمية على حدود السويد على حين غرة، دون أن ترصدها الدفاعات الجوية السويدية.

ومع ذلك تعطي السويد حق الإعفاء من الخدمة للمستنكفين ضميريًا، أي هؤلاء الذين يرفضون الخدمة العسكرية كمبدأ. وتطالبهم في المقابل بتعويض ذلك بتقديم خدمات مدنية بديلة.

كان لدى السويد نظام تجنيد إجباري قبل أن يلغى في 2010، ثم أُعيد مرة أخرى في 2017 بسبب تزايد النشاط العسكري الروسي في الجوار

وقامت معظم بلدان أوروبا بالتخلص تدريجيًا من التجنيد الإجباري بعد انتهاء الحرب الباردة بين المعسكر الغربي والاتحاد السوفييتي، غير أن الدول الاسكندنافية (الدنمارك وفنلندا والنرويج) ظلت تحتفظ بالخدمة العسكرية الإلزامية، فيما تفكر بلدان غربية أخرى مثل فرنسا وألمانيا في العودة إليها من جديد.

 

اقرأ/ي أيضًا:

بعد 13 عامًا..التجنيد الإجباري مجددًا في العراق

التجنيد الإجباري يفرغ دمشق من شبابها