08-مارس-2019

لم تحقق الأمم المتحدة أي إنجاز في ملف الصراع في الحديدة (Getty)

الترا صوت – فريق التحرير

يتجه الوضع في اليمن نحو مزيد من التصعيد،  فبعد مرور عام على تعيين مارتن غريفيث، مبعوثًا أمميًا إلى اليمن، لم تحقق الأمم المتحدة، أي شيء سوى جلسة مفاوضات استمرت لأسبوع في العاصمة السويدية ستوكهولم، خلال كانون الأول/ديسمبر الماضي، نتجت عنها هدنة هشة في محافظة الحديدة، البوابة الغربية بالبلاد.

عقب هجوم شنته جماعة الحوثيين على وزير الخارجية البريطاني، جيرمي هنت، يتلقى مارتن غريفيث هجومًا هو الآخر من الناطق الرسمي باسم الحوثيين، محمد عبدالسلام الحوثي

لم يستطع مارتن غريفيث، الدبلوماسي البريطاني الذي يمتلك خبرة واسعة في حل النزاعات المسلحة، فك رموز الأزمة اليمنية، ولو في ملف واحد، منذ تعيينه مبعوثًا خاصًا إلى اليمن، في شباط/فبراير 2018، خلفًا للمبعوث السابق إسماعيل ولد الشيخ، وحظي بدعم كبير من الأمم المتحدة والدول الخمسة دائمة العضوية في مجلس الأمن، إلى جانب الاتحاد الأوروبي، غير أنه أخفق في تحقيق أي تقدم في وقف الحرب وعودة السلام إلى البلاد.

اقرأ/ي أيضًا: هل ينجح المراقبون الأمميون في السيطرة على الوضع في الحديدة؟

وعقب هجوم شنته جماعة الحوثيين على وزير الخارجية البريطاني، جيرمي هنت، يتلقى مارتن غريفيث هجومًا هو الآخر من الناطق الرسمي باسم الحوثيين، محمد عبدالسلام الحوثي، واصفًا إياه بأنه مبعوث إنجليزي لا يمثل الأمم المتحدة. وقال الحوثي إنه "كما يبدو لنا ليس مبعوثًا للأمم المتحدة وإنما مبعوث إنجليزي يمثل بريطانيا خاصة بعد توضيح وزارة الخارجية البريطانية أهدافها وموقفها بوضوح، والذي ينسجم مع عرقلة الاتفاق". وقال إن بريطانيا تدير عملية عرقلة الاتفاق عبر مبعوثها إلى اليمن تحت غطاء الأمم المتحدة.

وأكد عبدالسلام في تدوينة مطوّلة له على موقع "فيسبوك"، إن اتفاق ستوكهولم بين الأطراف اليمنية، لم يشر بأي شكل من الأشكال إلى أن جهات محايدة هي من يجب أن تتسلم ميناء الحديدة ولا في غيرها. وأضاف أن "الاتفاق ينص على خطوات من كل الأطراف، والمطالبة بإعادة الانتشار لطرف دون طرف ليس انحيازًا فحسب، بل كذب وخداع ومغالطة لاتفاق معلن".

وادعى بأن طرف الحكومة اليمنية يشترط ضرورة الاتفاق على القوات المحلية، "بالرغم أن هذا مخالف للاتفاق الذي لم ينص على التوافق على أي سلطة أو قوات محلية"، مشيرًا إلى أن جماعته قبلت بدور رقابي للأمم المتحدة في ميناء الحديدة فقط.

وتابع الناطق الرسمي باسم الحوثيين، إن ذلك القبول "هو لإنهاء ذرائع ومبررات الطرف الآخر ومن يقف خلفهم وليس على أساس تسليمه للطرف المعتدي، فهذا لا يسمى حوارًا ولا نقاشًا في العرف الإنساني والعالمي والسياسي، فلو كان المطلوب تسليمه للطرف الآخر لما كانت حاجة لوجود الأمم المتحدة أصلًا (...) من يخالف اتفاق ستوكهولم شكلًا ومضمونًا وبشكل صريح هي دول العدوان والتي [تعدّ] بريطانيا أحد ركائزها الأساسية". وأضاف أن "المشكلة ليست في رؤساء لجان التنسيق وإعادة الانتشار، وإنما في تلقيهم التوجيهات من دول العدوان".

أثار منشور الحوثي الكثير من التساؤلات في الشارع اليمني، حول اتفاق ستوكهولم والذي قضى بانسحاب القوات المسلحة من المحافظة المطلة على البحر الحمر، ومينائها، الذي يعد شريان حياة لحوالي 80% من سكان البلاد.

واعتبرت حكومة هادي، المدعومة بالتحالف السعودي الإماراتي، تصريح ناطق الحوثيين، تنصل الجماعة، عن اتفاق ستوكهولهم.

وقال نائب الرئيس اليمني علي محسن الأحمر إن الحوثيين رفضوا الانسحاب من الموانئ، بحسب خطة إعادة الانتشار المتفق عليها في الحديدة، وطالب الأحمر خلال تواجد مارتن غريفيت في الرياض، الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لتطبيق اتفاق الحديدة، مشيرًا إلى أن الحكومة تعاملت بإيجابية مع الجهود الأممية الرامية لتنفيذ التفاهمات الخاصة بشأن المحافظة، وقال إن الحوثيين عطلوا تنفيذ المرحلة الأولى من إعادة الإنتشار، "وسط صمت وعدم اتخاذ أي موقف دولي تجاه هذا التعنت".

وشدد الأحمر على ضرورة استكمال تنفيذ اتفاق الحديدة وانسحاب الحوثيين من الموانئ والمدينة، وتسلُّم السلطات المحلية والأمنية المحلية لمهامها وفقًا للقانون اليمني". وقال إن ذلك يعد خطوة لخوض أية مشاورات جديدة.

في سياق متصل، أكد جريمي هنت وزير الخارجية البريطاني، في تصريحاتٍ إعلامية، على ضرورة تسليم المدينة إلى طرف محايد، عقب مغادرته مدينة عدن مطلع الأسبوع الجاري.

وأضاف "إنه يجب الإسراع في تسليم مدينة الحديدة لجهة محايدة، قبل أن ينهار اتفاق السويد، وتفجر الأوضاع في حرب شاملة".

وردت حكومة هادي على التصريحات التي أدلى بها وزير الخارجية البريطاني معتبرة ذلك مخالفًا لما تم الاتفاق عليه في ستوكهولم أو حتى ما دار من نقاشات في زيارته الأخيرة للمنطقة. وقالت وزارة الخارجية في بيان لها "إن الحكومة إذ تؤكد أن كافة القوانين اليمنية والقرارات الدولية وكل البيانات والمواقف الدولية ذات الصلة، تؤكد الحق الحصري للحكومة في إدارة شؤون الدولة اليمنية وبسط نفوذها على كافة تراب الوطن دون انتقاص".

وشددت على ضرورة أن تخضع محافظة الحديدة، لسيطرتها، مؤكدة أن الحديث عن سلطة محايدة لا تتبع السلطة اليمنية، هو تفسير غريب يبتعد كليًا عن مفهوم الاتفاق ومنطوقه.

اتصالات أممية مكثفة

تقول الأمم المتحدة إن مبعوثها الخاص إلى اليمن، يقوم حاليًا باتصالاتٍ مكثفة مع طرفي الأزمة بغية التنفيذ الكامل لاتفاق ستوكهولم.

وقال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة استيفان دوغريك، في مؤتمر صحفي عقده بالمقر الدائم للمنظمة الدولية في نيويورك، "إن تركيز غريفيث منصب الآن على دفع الطرفين لتنفيذ اتفاق الحديدة خاصة، والطرفان أعربا مرارًا عن التزامهما به".

وأضاف: "نحن نريد أن نرى بنود الاتفاق وقد تم ترجمتها إلى وقائع على الأرض.. ولذلك فالمناقشات مستمرة بين المبعوث الخاص وكلا الطرفين". وتابع أن "الأطراف عبّرت في مناسبات متكررة عن استعدادها للقيام بذلك. من الواضح أن الشيطان يكمن في التفاصيل".

ولم تتمكن الأمم المتحدة من تطبيق اتفاق الحديدة الذي توصلت إليه الأطراف اليمنية بحضور الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، في الـ13 كانون الأول/ديسيمبر 2018.

يتبادل طرفا الصراع باليمن الاتهامات بعرقلة تنفيذ الاتفاق، غير أن نص القرار الأممي مبهم، ولم يسم الطرف الذي سوف يتسلم السلطة في مدينة الحديدة

وينص الاتفاق بين الحكومة الشرعية والحوثيين، على انسحاب القوات العسكرية من مدينة الحديدة، وموانئها الثلاثة، إضافة إلى تبادل الأسرى والمعتقلين لدى الجانبين، الذين يزيد عددهم عن 15 ألفًا.

اقرأ/ي أيضًا: زيارات غريفيث المتكررة إلى صنعاء.. تراكم للفشل!

ويتبادل طرفا الصراع باليمن الاتهامات بعرقلة تنفيذ الاتفاق، غير أن نص القرار الأممي مبهم، ولم يسم الطرف الذي سوف يتسلم السلطة في مدينة الحديدة، واكتفت الأمم المتحدة بذكر "السلطة المحلية"، وهو ما تفسره الأطراف حسب مصالحها.

وتجددت المواجهات العنيفة، بين القوات التابعة لهادي، ومسلحي جماعة الحوثيين، في محافظات الحديدة وصعدة وحجة، وجبهات القتال الأخرى. وهي مواجهات تؤكد فشل الأمم المتحدة والدول الراعية للسلام في إيقاف الحرب في اليمن وتنذر بكارثة إنسانية تضاف إلى سابقاتها، في البلد الأشد فقرًا في القرن الحادي والعشرين.