15-يونيو-2022
مقتل سلطان جبنة في تقسيم

قتل السوري سلطان جبنة في حادثة عنصرية جديدة في تركيا (Getty)

لقي شاب سوري يدعى سلطان جبنة حتفه يوم الإثنين الماضي في منطقة تقسيم في القسم الغربي من مدينة إسطنبول التركية، وذلك خلال شجار بين مجموعتين من الأتراك. تنضم هذه الجريمة المروعة إلى سلسلة سلسلة جرائم مشابهة تكررت في الآونة الأخيرة وتزايدت وتيرتها في عدة مدن تركية مع تصاعد موجة التحريض ضد اللاجئين، وبعد أقل من شهر على مقتل شاب سوري آخر في منطقة أخرى من إسطنبول، بدوافع عنصرية. 

توفي سلطان جبنة إثر طعنة سكين في القلب بلا سبب واضح، تزامنًا مع شجار نشب بين أتراك قرب محله مساء يوم الاثنين

وقد توفي سلطان جبنة إثر طعنة سكين في القلب بلا سبب واضح، تزامنًا مع شجار نشب بين أتراك قرب محله مساء يوم الإثنين.

وفي التفاصيل، وقعت وفاة جبنة بعد ساعات قليلة من حادثة طعن قال سوريون إنها حصلت بدوافع عنصرية، بينما يستبعد آخرون أن تكون كذلك، في ظل شح المعلومات المتداولة عن الجريمة رسميًا، بما يتعلق بدوافعها ومرتكبيها، كما تجاهلت العديد من وسائل الإعلام التركية الواقعة. 

دفن اللاجئ السوري سلطان جبنة في إسطنبول، وفق ما بيّنت "ورقة النعوة" التي نشرها أقرباء المغدور، بينما لم تصدر بعد أي تفاصيل من قبل السلطات التركية.

وبحسب المعلومات المتداولة، يعمل جبنة ابن مدينة حمص السورية، حلاقًا في منطقة تقسيم بمدينة إسطنبول، وكان قد تزوّج منذ شهرين، وزوجته حامل، لتكون النهاية التي لم يردها سلطان، عندما كتب في منشور سابق له عبر حسابه في فيسبوك، "تلك هي الحياة، لا البدايات التي نتوقعها، ولا النهايات التي نريدها"، المنشور الذي تداوله له روّاد مواقع التواصل الاجتماعي، متأسفين لنهاية مأساوية للاجئ سوري في مقتبل العمر.

 

هكذا هي الحياة لآ البدايات التي نتوقعها ولا النهايات التي نريدهآ

Posted by Sultan Homs on Wednesday, March 31, 2021

وتفاعل سوريون مع مقتل جبنة بأسف وحزن كبيرين، لاسيما وأن الأيام القليلة الماضية شهدت مقتل شاب سوري آخر في تركيا أيضًا، على يد شبان بدوافع عنصرية بحسب روايات شهود. 

 الباحث السوري محمد السكري كتب عبر حسابه في تويتر، "جريمة بلا رقم، العنصريون القتلة يحصدون روحًا سورية جديدة في إسطنبول سلطان جبنة، شابٌ سوري يعمل في الحلاقة تزوج قبل شهرين فقط، اعتدوا عليه، طعنوه وقتلوه"، محملًا الحكومة والمعارضة التركية مسؤولية "الفلتان الأمني والاستهداف المدروس للسوريين، بعد إجراءات التضييق والعنصرية". غير أنه حذف التغريدة لاحقًا لأسباب غير معروفة. 

كما تحدث المغرد محمد خير كنجو عن لعنة الجنسية السورية، التي حملت الموت والشقاء للسوريين أينما حلّوا، "طعنة غدر تودي بحياة الشاب السوري العشريني سلطان جبنة أمام محله في اسطنبول، شجار بين شبان أتراك لا ناقة له فيه ولاجمل، ربما ذنبه الوحيد أنه سوري"، مردفًا "أصبح دمنا أرخص من المياه وكلأ مباحاً لجميع شذاذ آفاق الأرض" وفق تعبيره.

بدورها، غرّدت الصحفية السورية يمان عموري عبر تويتر قائلة " ستموت دون ديّة، أو ملاحقة قضائية، ستذهب فرق عملة، ولا بواكي لك، وسينقطع ذكرك إلا من أخبارٍ مقتضبة تنقل خبر قتلك عمداً بسلا.ح العنصر.ية، فليس هناك أسهل من قتل السوري في تركيا!".

وقبل أسبوع تقريبًا، قتل الشاب شريف خالد الأحمد في منطقة باغجلار بمدينة إسطنبول التركية على يد شبّان أتراك، تلفّظوا أثناء مرورهم قرب شباك غرفة المغدور بألفاظ مسيئة وشتائم عن السوريين، ثم ذهبوا وعادوا بعد ساعة تقريبًا، ليردوا اللاجئ السوري أرضًا برصاصتين واحدة في ساقه وأخرى في رأسه، لحظة خروجه من باب شقته.

ولم تكن هذه الحادثة الأولى من نوعها، إذ تعرّض قبل ذلك الشاب نايف النايف (19 عامًا)، قبل أشهر، لجريمة عنصرية مشابهة، حيث قتل وهو في فراشه، على يد شبّان أتراك أيضًا.

ويوم أمس، تداولت وسائل إعلام تركية، خبر طعن مواطن تركي بالسكين من قبل أتراك داهموا مستودع ورق في منطقة أتاشهير بمدينة إسطنبول التركية، بعدما ظنّوا أنه أجنبي، ليتبيّن لهم لاحقًا أنه مواطن تركي. وقد اعتبر معلقون أن هذه الحادثة توضّح حجم الكارثة التي تحيق باللاجئين في حال استمرار تصاعد خطاب التحريض العنصري ضدّهم في وسائل الإعلام ومن قبل الفرقاء السياسيين في تركيا، ولاسيما من بعض الأحزاب المعارضة التي تتبنى خطابًا يمينيًا متطرفًا معاديًا للاجئين. 

فقد تصاعدت حدة خطابات العنصرية والكراهية ضد اللاجئين من قبل الأحزاب التركية المعارضة، التي يعتبرها سوريون سبب هذه الجرائم المتكررة بل والمحرّض الرئيسي عليها، كما استنكر آخرون موقف الحكومة التركية التي لم تتخذ إجراءات أمنية وقانونية كافية بحق من يحرّضون على ارتكاب جرائم بحق اللاجئين السوريين.

أمّا السوريون فيعايشون درجة عالية من الاحتقان والقلق حيال مصيرهم في تركيا، وذلك بالتزامن مع تصريحات متكررة من قبل الحكومة التركية بشأن إعادة قرابة مليون سوري إلى الأراضي السورية خلال عام، إضافة إلى ممارسة أنواع شتى من الضغوطات والتضييق على اللاجئين السوريين لإجبارهم على العودة الطوعية إلى بلادهم. وقد وثّق موقع ألترا صوت في وقت سابق انتهاكات وقعت بحق سوريين من قبل السلطات التركية، بعد أن أجبرتهم على "العودة الطوعية" تحت وطأة العنف والإكراه، فضلًا عن قرارات رسمية "فوضوية" أدت لإيقاع سوريين بمشكلات قانونية تتعلق بوضع "كمالك" الحماية المؤقتة الخاصة بهم.

تصاعدت حدة خطابات العنصرية والكراهية ضد اللاجئين من قبل الأحزاب التركية المعارضة، التي يعتبرها سوريون سبب هذه الجرائم المتكررة بل والمحرّض الرئيسي عليها

من جانبها، تعمل منذ سنوات الأحزاب المعارضة على تأجيج وتأليب الشارع التركي، حيال الوجود السوري، ما اعتبره البعض السبب الرئيسي لجعل السوريين "قرابين على مذابح العنصرية"، وفق وصفهم.

هذا يذكر أن عدد اللاجئين السوريين في تركيا قد تجاوز 4 ملايين لاجئ ولاجئة، نصفهم تقريبًا من الأطفال دون 18 عامًا.