23-مايو-2023
Getty

تتجه الأنظار نحو هجوم الربيع الأوكراني الذي طال انتظاره (Getty)

خاضت القوات الروسية والأوكرانية في مدينة باخموت، أشرس وأطول المعارك منذ بداية الغزو الروسي لأوكرانيا، ورغم القيمة الاستراتيجية المنخفضة للمدينة، إلّا أنّ قيمتها الرمزية طغت على جوانب القتال، بالإضافة إلى ما شهدته من صراعات داخلية بين مجموعة فاغنر ووزارة الدفاع الروسية.

زار وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو مركز القيادة الأمامية للقوات الروسية في زاباروجيا

وقادت مجموعات فاغنر العسكرية الروسية الخاصة الهجوم على المدينة، ورغم التأكيد الروسي على سقوط باخموت بيد مجموعات فاغنر، إلّا أن أوكرانيا تستمر في نفي ذلك، مؤكدةً على استمرار القتال في الجزء الغربي الجنوبي من المدينة، بل وصل الحديث في نائبة وزير الدفاع الأوكراني هانا ماليار، للإشارة إلى تطويق القوات الأوكرانية لباخموت بشكل جزئي، مع استمرار السيطرة على قطاع من المدينة.

وقيمة السيطرة على باخموت، رمزية لروسيا التي تحقق نصرها الأول منذ الصيف الماضي، بعد نجاح الهجوم الأوكراني المضاد، فيما تشكل خسارةً للجيش الأوكراني، الذي استهلك كميات ضخمة من الذخيرة والجنود في هذه المعركة.

بودكاست مسموعة

بالتزامن مع التطورات في باخموت، زار الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي مشاة البحرية يوم الثلاثاء على خط دفاع فوهليدار-مارينكا في منطقة دونيتسك ، في إطار الاحتفالات باليوم الوطني لمشاة البحرية الأوكرانية.

وشنت القوات الروسية، هجومًا جويًا على مدينة دنيبرو جنوب شرق أوكرانيا، وكتب حاكم المقاطعة لوغانسك سيرهي ليساك عبر قناته على تليغرام: "بفضل قوات الدفاع، صمدنا أمام الهجوم". وأكدت السلطات الأوكرانية المحلية، أن "الدفاعات الجوية في دنيبرو أسقطت 15 مسيرة هجومية روسية، و4 صواريخ من نوع كروز".

ووسط هذه التطورات، تستمر الأنظار في التوجه نحو ساحات القتال، وذلك مع استمرار الحديث عن الهجوم الأوكراني المضاد الذي طال انتظاره، بالإضافة إلى توجيه القوات الروسية ثقلها إلى ساحات أخرى في الجبهة الأوكرانية.

زاباروجيا.. المعركة القادمة؟

تواصل القوات الروسية تحركها من الجبهة الشرقية لأوكرانيا باتجاه الجنوب، حيث عززت دفاعاتها في الجبهة الجنوبية، بالأخص في مناطق خيرسون وزاباروجيا.

وقام وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، بزيارة ميدانية لجبهات القتال وتفقد الوحدات المنتشرة على المحور الشرقي من المحطة، كما زار مركز القيادة الأمامية للقوات الروسية في زاباروجيا. 

Getty

وذكرت وزارة الدفاع الروسية أن شويغو عقد اجتماعًا مع قائد الجبهة، أشاد فيه بما وصفه بـ"الكفاءة العالية في تحديد وتدمير المعدات العسكرية، وتجمعات القوات الأوكرانية بالمحاور الرئيسية من القتال"، بحسب بيان الوزارة. وكلف شويغو قائد الجبهة بمهمة مواصلة العمل الاستطلاعي النشط والشامل، على حد تعبيره.

الزيارة والتحرك الروسي في الجنوب، تأتي بالتزامن مع الاستعدادات الأوكرانية لشن  الهجوم المضاد الكبير المتوقع بأي لحظة.

وفي سياق الاستعداد الروسي لمواجهة الهجوم الأوكراني المضاد، عززت القوات الروسية في الأسابيع الأخيرة من مواقعها الدفاعية في محيط محطة زاباروجيا للطاقة النووية وحولها لمنع وصول القوات الأوكرانية إليها.

بالإضافة لذلك، هناك توجه روسي لضمان وجود دفاعات حاسمة، لا تسمح بأي اختراقات أوكرانية للجبهة، حيث ينتشر فوق بعض مباني المحطة النووية، قناصة ومع نصب نقاط إطلاق النار منذ أشهر، بالإضافة إلى معدات دفاعية لمواجهة المُسيّرات الأوكرانية.

وتُعدّ مقاطعة زاباروجيا واحدةً من 4 مناطق أوكرانية أعلنت روسيا ضمها العام الماضي، كما لها أهمية خاصة لروسيا باعتبارها منطقة استراتيجية نووية، والسيطرة عليها يعطي لها حيزًا من الأمان، ويقوي من وضعها ضمن أي ترتيبات قادمة، لا سيما أن محطة زاباروجيا النووية تحتوي على 6 مفاعلات نووية. 

وتقول الوكالة الدولية للطاقة الذرية، إن الوجود والنشاط العسكريين في تزايد حول محطة زاباروجيا النووية، وهو ما يبرز الحاجة إلى تحرك عاجل، وحذرت الوكالة الدولية منذ أشهر، من خطر وقوع حادثة كبيرة في المحطة النووية.

زكي وزكية الصناعي

وفي هذا الإطار، قال مسؤول عينته روسيا في الجزء الذي تسيطر عليه في المنطقة، إن محطة زاباروجيا للطاقة النووية تحولت إلى وضع الاستعداد وتعمل على مولدات الكهرباء المخصصة للطوارئ.

وأضاف: أن "المحطة انفصلت بالكامل عن أي إمداد خارجي بالكهرباء بعد أن فصلت أوكرانيا خط الطاقة الكهربائية الذي تسيطر عليه".

في المقابل، قالت شركة "Energoatom" الأوكرانية المملوكة للدولة، إن "انقطاع الكهرباء عن محطة زاباروجيا للطاقة النووية وقع بسبب قصف روسي على خط خارجي للطاقة الكهربائية"، وأضافت الشركة في بيان أن "خط دنيبروبتروفسك للكهرباء في أوكرانيا الذي يغذي محطة زاباروجيا النووية بالطاقة الكهربائية انقطع بعد قصف روسي خلال الليل".

وقالت هيئة الأركان العامة الأوكرانية، إن روسيا نفذت، يوم الإثنين، 20 ضربة صاروخية ضد مقاطعات دنيبروبتروفسك وزاباروجيا وخاركيف، باستخدام صواريخ كروز وصواريخ إسكندر إم الباليستية وصواريخ إس -300 المضادة للطائرات خلال اليوم الماضي، كما تحدث عن أن روسيا شنت 48 غارة جوية باستخدام طائرات شاهد المُسيّرة، واستهدفت أهدافًا مدنية وعسكرية بما يصل إلى 90 ضربة باستخدام أنظمة إطلاق صواريخ متعددة.

تُعدّ مقاطعة زاباروجيا واحدةً من 4 مناطق أوكرانية أعلنت روسيا ضمها العام الماضي، كما لها أهمية خاصة لروسيا باعتبارها منطقة استراتيجية نووية

وما سبق، يفتح احتمالية توجيه الهجوم الروسي المقبل، تجاه واحدة من هذه المناطق، خاصةً مع سعي الكرملين، إلى تثبيت وجوده في المناطق التي أعلن عن ضمها سابقًا.