25-مايو-2017

حديقة الأزبكية (حاتم مشير/ويكيبيديا)

يقول البعض "أن تأتي متأخرًا خير لك من ألّا تأتي على الإطلاق". ويبدو أن هذا التصور يتوافق مع رؤية اللجنة القومية لحماية وتطوير القاهرة التراثية، بعد قرارها العمل بخطى سريعة على مشروع تجديد وإعادة إحياء حديقة الأزبكية، التي تعتبر واحدة من ضمن أشهر وأهم المناطق التاريخية في مصر.

من المنتظر أن يعاد فتح حديقة الأزبكية للعموم قريبًا، وهي التي تعتبر واحدة من ضمن أشهر وأهم المناطق التاريخية في مصر

وتقع حديقة الأزبكية بين ميدان الأوبرا من جهة ومدينة العتبة من الناحية الأخرى، ورغم أنها كانت تعتبر لأعوام كثيرة واحدة من أشهر وأجمل الحدائق العامة والمتنزهات في رقيّها وأهميتها، إلا أنها شهدت تدهورًا كبيرًا على مدار السنوات الماضية. كما تعتبر الحديقة أيضًا من أكبر الحدائق النباتية في مصر لاحتوائها على قدر هائل من النباتات والأشجار المتنوعة.

بدأ إنشاء حديقة الأزبكية في عام 1864 عندما ردمت بركة مياه كانت تتوسط الميدان الرئيسي، ثم تم إنشاء الحديقة في نفس مكانها عام 1872، تحت إشراف المهندس الفرنسي "باريل ديشان بك" على مساحة 188 فدانًا، وأُحيطت بسور من الحديد وفتحت بها أبواب من الجهات الأربع.

اقرأ/ي أيضًا: البلفيدير في تونس.. تاريخ مهمل

وشيّد حاكم مصر آنذاك "الخديوي إسماعيل" المسرح الكوميدي والمسرح الفرنسي ودار الأوبرا الخديوية، في الجانب الجنوبي من منطقة الأزبكية. وبعد الانتهاء من تجميل وتزيين الحدائق، كلّف الخديوي إسماعيل مهندسًا فرنسيًا يدعى "باريل ديشان بك" بأن يكون مسؤولًا عنها وناظرًا لها ولجميع المتنزهات الأخرى.

عندما عاد عام 1867 من زيارته لفرنسا، كان الخديوي إسماعيل مبهورًا بالعمران الحديث والحدائق الفرنسية، فقرر تحويل منطقة الأزبكية إلى حي حديث يحاكي الأحياء الفرنسية، فأصدر أوامره عام 1864 بردم البركة التي كانت تتوسط الميدان وإنشاء حديقة الأزبكية.

وكانت تقام بحديقة الأزبكية الكثير من الاحتفالات الرسمية والشعبية الضخمة، يحضرها أجانب ومصريون. ففي يونيو 1887، تم الاحتفال بعيد الملكة فيكتوريا فيها من قبل الجالية الإنجليزية في مصر، أمّا الاحتفالات المصرية في الحديقة فكان أبرزها الاحتفال بما كان يسمّى آنذاك "عيد الجلوس السلطاني" استقبالًا للخديوي المنصّب، كما كانت تحتفل بعض الجمعيات الخيرية المصرية على أنغام الموسيقي العسكرية، وأحيانًا أخرى كان يحيي تلك الحفلات بعض المطربين مثل الشيخ يوسف المنيلاوي وعبده الحامولي وغيرهم، والذين يمكن اعتبارهم أشهر مطربين القاهرة آنذاك، ثم شيّد بعدها في المكان عدد من أشهر الفنادق المصرية.

لكن بعد حريق القاهرة، الذي وقع في كانون الثاني/ يناير  1952، طرأت بعض التغييرات على ميدان الأزبكية، ثم تم تقسيم ميدان الأزبكية بمساحته الهائلة إلى أربعة أماكن تضم حاليًا مبنى البنك المركزي الجديد ومحطة بنزين وجراج الجمهورية وبعض المباني التابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية والتأمين الصحي، أما حديقة الأزبكية فقد قسمت هي الأخرى، وشيد على جزء منها سنترال الأوبرا، وبجانبها شارع 26 يوليو، الذي قطع المنطقة إلى نصفين.

الجدير بالذكر أن هذا العام يشهد مرور مئة وخمسين عامًا منذ بداية التخطيط لتحديث تلك المنطقة في قلب القاهرة، لذلك تعمل اللجنة القومية لتطوير وحماية القاهرة التراثية مع محافظة القاهرة والجهاز القومي للتنسيق الحضاري وعدد من المنظمات الثقافية ومنظمي الفعاليات الفنية للترتيب لسلسلة من التظاهرات الكبرى للاحتفال بهذه المناسبة التاريخية. وتتحضر اللجنة لإعادة افتتاح حديقة الأزبكية للجمهور قريبًا.

 

اقرأ/ي أيضًا:

تعرف إلى الأصول التاريخية لأسماء بعض أحياء القاهرة الشهيرة

في مصر.. أسماء قرى أغرب من "ميت البز"