يجتمع مجلس النواب الأميركي، اليوم الإثنين، للمصادقة على فوز دونالد ترامب، بانتخابات الرئاسة الأميركية، وذلك بعد مضي أربع أعوام على دعوته أنصاره لاقتحام مبنى الكابيتول في العاصمة واشنطن، متهمًا الديمقراطيين بـ"سرقة الانتخابات"، تصريحات كان لها الدور الكبير بتأجيج مشاعر الغضب بين أنصار اليمين المتطرف، وهو ما دفع الديمقراطيين حينها إلى اتهامه ب"الانقلاب على الديمقراطية".
ومن المتوقع أن تكون إجراءات المصادقة على فوز ترامب في الانتخابات سلسلة، والتي يشارك فيها مجلسا النواب والشيوخ، وكلا المجلسين يحظيان بسيطرة "هشة" من الجمهوريين، وهي جلسة ستضطر نائبة الرئيس، كامالا هاريس، لترؤسها، على أن يتولى ترامب مهامه رسميًا في البيت الأبيض في الـ20 من الشهر الجاري.
ترامب يعيد كتابة التاريخ
يقول تقرير لموقع "ذا هيل" الأميركي إن ترامب أمضى السنوات الأربع الماضية في محاولة إعادة كتابة أحداث يوم السادس من كانون الثاني/يناير 2021، عندما حاول مثيرو الشغب إيقاف التصديق على هزيمته أمام الرئيس، جو بايدن. ومنذ ذلك اليوم، شكك الرئيس الجمهوري المُنتخب بمصداقية الانتخابات التي كانت جزءًا أساسيًا في حملة إعادة انتخابه رئيسًا للويات المتحدة لولاية ثانية.
أمضى ترامب السنوات الأربع الماضية في محاولة إعادة كتابة أحداث يوم السادس من كانون الثاني/يناير 2021، عندما حاول مثيرو الشغب إيقاف التصديق على هزيمته أمام الرئيس، جو بايدن
وعلى طول حملته الانتخابية وصف ترامب الأشخاص الذين اعتقلتهم قوات إنفاذ القانون على خلفية اقتحام الكابيتول بـ"الرهائن". وتعليقًا على ذلك يقول "ذا هيل" إن المصادقة على فوز ترامب ستجعل أنصار ترامب يشعرون بالانتصار، كما أنه يوجه ضربة أخرى لمنتقدي ترامب الذين كانوا يأملون أن يرى الناخبون تقاعسه أثناء أعمال الشغب، فضلًا خطابه في السنوات التي أعقبت حادثة الاقتحام.
على الجانب ذاته، لم توفر السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض، كارولين ليفيت، الجهد، وانتهزت الفرصة لمهاجمة وسائل الإعلام الأميركية في بيان، الأمر الذي يعيد التذكير بتصريحات سابقة أطلقها ترامب. واتهمت ليفيت في البيان وسائل الإعلام برفض "الإبلاغ عن الحقيقة حول ما حدث في ذلك اليوم"، ونددت بلجنة مجلس النواب التي حققت في اقتحام الكابيتول، واصفة التحقيقات بأنها "واحدة من أعظم عمليات الاحتيال السياسية في التاريخ".
من جهته، كرر الرئيس بايدن خلال السنوات الأربع الماضية مرارًا إعرابه عن شعوره بأن "ترامب يشكل تهديدًا للديمقراطية"، وكان حجة رئيسية في حملة إعادة انتخابه لولاية ثانية، قبل أن يقرر الانسحاب من السباق الانتخابي في نهاية تموز/الماضي. كما جعل أحداث ذلك اليوم جزءًا من أيامه الأخيرة في منصبه، ومنح ميدالية المواطنين الرئاسية للنائب، بيني تومسون، الذي قاد لجنة التحقيق في مجلس النواب، بالإضافة إلى النائبة الجمهورية، ليز تشيني، التي كانت من أعضاء اللجنة.
أكبر تحقيق قضائي في تاريخ الولايات المتحدة
وبحسب صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، فإنه تمت محاكمة ما يقرب من 1600 شخص لهم علاقة باقتحام الكابيتول، وقد وجهت للبعض اتهامات بارتكابهم جرائم جنائية مثل الاعتداء أو التحريض، حيث لا يزال معظمهم في السجن، فيما تم الإفراج عن مئات المتهمين بارتكاب جرائم أقل خطورة. وأدى الهجوم في ذلك اليوم إلى إصابة أكثر من 140 شرطيًا، فيما لجأ المشرعون من كلا الحزبين إلى التخفي خوفًا على حياتهم.
وتشير "نيويورك تايمز" إلى أن حادثة الاقتحام أفضت إلى إجراء أكبر تحقيق على مستوى وزارة العدل في تاريخ الولايات المتحدة، وشملت عمليات الاعتقال مئات الأشخاص المقيمين في مختلف الولايات الأميركية، حيثُ جرت محاكمتهم بتهمة تقويض الديمقراطية، بمنعهم الانتقال السلمي للسلطة. ونقلت الصحيفة عن القاضي، رويس سي لامبيرث، شعوره بـ"الصدمة" بعدما شاهد أن "بعض الشخصيات العامة تحاول إعادة كتابة التاريخ، مدعين أن مثيري الشغب تصرفوا بطريقة منظمة"، والإشارة إلى المعتقلين بأنهم "سجناء سياسيين".
بدأت التناقضات تظهر بين مكوّنات ائتلاف #ترامب الذي أوصله إلى سدة الحكم في الانتخابات نتيجة قضايا عديدة أبرزها الهجرة.
اقرأ المزيد: https://t.co/8vY2NpI6VL pic.twitter.com/ZBy84o9iTH— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) January 6, 2025
من جانبه، يوضح موقع "بوليتيكو" الأميركي أن المدعين الفيدراليين يدرسون توجيه اتهامات إلى ما يصل لـ200 شخص شاركوا في اقتحام الكابيتول، بما في 60 شخصًا يشتيه باعتدائهم على ضباط الشرطة أو إعاقتهم عمل أفراد الشرطة أثناء أعمال الشغب، وهو ما كان سيعرقل انتقال السلطة من ترامب إلى بايدن. كما يواجه نحو 180 شخصًا آخرين اتهامات بحيازة سلاح خطير داخل الكابيتول، إضافة إلى اتهام 153 شخصًا بتخريب وتدمير الممتلكات الحكومية.
ويشير تقرير "بوليتيكو" إلى أن المدعين اختاروا عدم توجيه التهم للأشخاص الذين اقتصر اقتحامهم على الساحة الخارجية للكابيتول، دون أن يشاركوا في اقتحام المبنى من الداخل، والذين تقدر أعدادهم بنحو 400 شخص. لكنهم أشاروا أيضًا إلى أنه تمت إدانه نحو 1100 شخص، بما في ذلك 700 أكملوا أحكام السجن أو لم يدخلوا السجن على الإطلاق، فيما لا يزال يوجد نحو 300 قضية أخرى لم تصل بعد إلى المحاكمة أو الإقرار بالذنب، بما في ذلك حوالي 180 يواجهون تهمًا جنائية.
وكان ترامب قد وصف يوم السادس من كانون الثاني/يناير 2021 بأنه "يوم الحب"، ووصف من اعتقلتهم السلطات الأميركية على خلفية مشاركتهم في أحداث الشغب التي شهدته العاصمة واشنطن يومها بـ"الرهائن". وخلال حملته الانتخابية أطلق وعودًا مرارًا وتكرارًا أنه بمجرد توليه المنصب سيصدر عفوًا عن المتهمين باقتحام مبنى الكابيتول، وسط توقعات بأن يتم إغلاق التحقيق نهائيًا.