12-فبراير-2025
هيئة التفاوض والائتلاف

الرئيس السوري أحمد الشرع يستقبل وفد هيئة التفاوض والائتلاف الوطني (إكس)

دخلت سوريا مرحلة جديدة في تاريخها السياسي بعد سقوط النظام، وما رافقه من تحولات نتج عنها إعلان القائد العام لإدارة العمليات العسكرية، أحمد الشرع، رئيسًا للمرحلة الانتقالية في سوريا، تلاها سلسلة من القرارات الخاصة بالأجسام العسكرية والسياسية، والتي يظهر أنها كانت السبب وراء إعلان هيئة التفاوض السورية، بالإضافة إلى الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة توجههما إلى حل نفسهما، تمهيدًا للاندماج في مؤسسات الدولة السورية الجديدة.

هيئة التفاوض والائتلاف يسلمان العهدة للحكومة السورية

ضمن هذا الإطار، قال بيان صادر عن الرئاسة السورية عبر معرفاتها الرسمية على منصات التواصل الاجتماعي إن الشرع استقبل رئيس هيئة التفاوض، بدر جاموس، بالإضافة إلى رئيس الائتلاف الوطني، فارس البحرة، مضيفًا أن الوفد أكد على ضرورة "وقوف السوريين شعبًا وقيادة ومؤسسات صفًا واحدًا لمواجهة التحديات كافة في هذه المرحلة من تاريخ سوريا".

وذكر بيان الرئاسة السورية أن الوفدين قاما "بتسليم العهدة المتضمنة كافة الملفات الخاصة بهيئة التفاوض والائتلاف الوطني والمؤسسات المنبثقة عنهما إلى الدولة السورية لمتابعة العمل بها بما يخدم مصالح الشعب السوري وبناء الدولة"، مضيفًا أن الوفدين أكدا على "تخطي هذه المرحلة وإعادة توحيد البلاد وتحقيق الأمن والاستقرار".

هيئة التفاوض والائتلاف الوطني أكدا على ضرورة "وقوف السوريين شعبًا وقيادة ومؤسسات صفًا واحدًا لمواجهة التحديات كافة في هذه المرحلة من تاريخ سوريا"

وبالإضافة إلى ما سبق، شدد الوفدان على "إتمام تشكيل الجيش السوري على أسس وطنية عبر استكمال دمج جميع الفصائل العسكرية فيه، وحصر السلاح بيد الدولة، والمضي قدمًا في تنفيذ خارطة الطريق" التي أعلن عنها الشرع، والتي تشمل "تشكيل حكومة انتقالية شاملة تمثل كل السوريين، وصياغة دستور جديد لسوريا بقوة الشعب السوري، ومن ثم الوصول إلى إجراء انتخابات حرة ونزيهة على كافة المستويات".

وتأتي خطوة توجه هيئة التفاوض والائتلاف الوطني في سياق ما خلص إليه بيان "مؤتمر انتصار الثورة السورية" نهاية الشهر الماضي، والذي تخلله إعلان "حل جميع الفصائل العسكرية، والأجسام الثورية السياسية والمدنية"، على أن "تدمج في مؤسسات الدولة".

قرارات وانسحابات سابقة

كانت تقارير إعلامية سابقة، من بينها منشور للإعلامي، أيمن عبد النور، عبر منصة "إكس" قد أشارت إلى الائتلاف الوطني أصدر قرارًا بإغلاق مكتبه في مدينة أسطنبول في تركيا، مضيفًا أن الائتلاف أبلغ "موظفيه بانتهاء عملهم مع إمكانية دمجهم في مؤسسات الدولة السورية"، لافتًا في الوقت نفسه إلى أن الائتلاف عقد سلسلة لقاءات مع حكومة تصريف الأعمال السورية "بهدف الوصول إلى صيغة توافقية".

وفي السياق ذاته، أعلن المتحدث باسم المجلس الوطني، فيصل يوسف، في تسجيل مصور على منصة "فيسبوك" نُشر قبل أيام أن المجلس قرر الانسحاب من الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة، بالإضافة إلى هيئة التفاوض السورية.

وأكد يوسف في التسجيل المصور أن قرار الانسحاب اتخذ خلال الاجتماع الذي عقده المجلس، في مدينة القامشلي في شمال شرقي سوريا، مضيفًا أن المجلس سيعمل على تشكيل وفد كردي مشترك لإجراء حوار مع حكومة تصريف الأعمال السورية.

وكان بيان صادر عن الحكومة السورية المؤقتة التابعة للائتلاف الوطني قد أشار إلى وضعها كافة الإمكانيات والكوادر والخبرات "تحت تصرف الدولة السورية الجديدة لخدمة مشروع بناء سوريا الحديثة"، وأكد البيان على أن هذه الخطوة تأتي في سياق "ضرورة توحيد الجهود من أجل تحقيق المصلحة الوطنية الشاملة".

تحول في المشهد السياسي السوري

بالاستناد إلى ما سبق يمكن ملاحظة أن بيان الرئاسة السورية يعكس تحولًا في المشهد السياسي السوري، حيث يشير إلى أن هيئة التفاوض والائتلاف الوطني يسعيان في موقفهما إلى الانخراط في العملية السياسية التي تشهدها البلاد، وهي خطوة تندرج في سياق توحيد الجهود المؤسساتية لدعم الاستقرار.

كما أن البيان يظهر توافقًا على واحدة من النقاط الأساسية، والتي تتمثل بضرورة بناء جيش وطني موحد تحت سيطرة الدولة السورية الجديد، ما يعكس توجهًا لإنهاء الفصائلية العسكرية، فضلًا عن التأكيد على أهمية تشكيل حكومة انتقالية وصياغة دستور جديد، بالإضافة إلى إجراء انتخابات حرة، وهو ما يشير إلى محاولة خلق بيئة سياسية أكثر شمولية.

من ناحية أخرى، تبرز الانسحابات من الائتلاف الوطني، مثل قرار المجلس الوطني الكردي، كدلالة على إعادة ترتيب التحالفات، ما قد يؤثر على مسار الحل السياسي في سوريا، بعد التحوّلات التي رافقت سقوط نظام الرئيس المخلوع، بشار الأسد، في الثامن من كانون الأول/ديسمبر الماضي، وهو ما يستدعي انتقال الأجسام المعارضة إلى الاندماج مع مؤسسات الدولة الجديدة، ومحاولتها التأسيس لمؤسسات قوية وشاملة، بعيدًا عن الانقسامات التي ميزت المشهد السوري خلال السنوات الماضية.

وعلى الرغم من ذلك، فإن هذا المسار الذي يحمل وعودًا بمستقبل أكثر استقرارًا، يعتمد نجاحه على قدرة الحكومة الجديدة على تنفيذ إصلاحات حقيقية وضمان عملية انتقال سياسي عادلة وشاملة، وصولًا إلى خلق بيئة أمنة تمهد لإجراء انتخابات مستقلة، وإنتاج مؤسسات دستورية تضمن التداول السلمي للسلطة، بما يعزز الثقة في العملية الديمقراطية، ويؤسس لنظام سياسي يأخذ بالاعتبار تطلعات جميع مكونات المجتمع السوري.