28-يوليو-2020

السلطات العراقية تقمع الاحتجاجات من جديد (تويتر)

ألترا صوت – فريق التحرير

عادت قوات الأمن العراقية لاستخدام العنف مجددًا في ردها على الاحتجاجات الشعبية في ساحة التحرير وسط العاصمة بغداد، بعد التقارير التي تحدثت عن سقوط قتيلين على الأقل في الاحتجاجات التي شهدتها الساحة قبل أقل من يومين، ويأتي ذلك بالتزامن مع عدة تطورات على الساحة العراقية، وفي مقدمتها الضربات الصاروخية التي تستهدف القواعد العسكرية التي تتخذها القوات الأمريكية مقرًا لها.

عادت قوات الأمن العراقية لاستخدام العنف مجددًا في ردها على الاحتجاجات الشعبية في ساحة التحرير وسط العاصمة بغداد

ونقل موقع ألترا عراق عن أحد المحتجين أن الاحتجاجات التي شهدتها ساحة التحرير يوم الأحد، شهدت منحى تصعيديًا من المحتجين عبر حرقهم للإطارات قرب الساحة، أسوةً بالحملة التصعيدية التي بدأها المحتجون في محافظتي النجف والناصرية، ردًا على سوء الطاقة الكهربائية، غير أن المحتجين في بغداد قوبلوا برد عنيف بعدما استخدمت قوات الأمن الغاز المسيل للدموع، والرصاص الحي لتفريقهم مما أسفر عن مقتل اثنين من أبرز الوجوه النشطة في الاحتجاجات العراقية.

اقرأ/ي أيضًا: الكاظمي يفتتح "مؤشر الدم" في حقبته.. رصاص حي وضحايا وسط ساحة التحرير

وفي أول رد رسمي على سقوط ضحايا مدنيين في الاحتجاجات الأخيرة، أكد رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي على أن الاحتجاجات حق مشروع للعراقيين، مشيرًا لعدم وجود إذن لدى قوات الأمن "بإطلاق الرصاص.. حتى لو رصاصة واحدة" اتجاه المحتجين، لافتًا إلى أنه أمر بفتح تحقيق، على أن تظهر نتائجه في غضون 72 ساعة، غير أن تطمينات الكاظمي قوبلت بانتقادات من المحتجين، الذين اعتبروا أن إدارته لإخماد الاحتجاجات تتشابه مع الاستراتيجية التي استخدمها رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي.

من جهته قال الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة اللواء يحيى رسول إن "هناك بعض الأحداث المؤسفة التي جرت (الأحد) في ساحات التظاهر، وقد تم التوجيه بالتحقق من ملابساتها، للتوصل إلى معرفة ما جرى على أرض الواقع، ومحاسبة أي مقصر أو معتدي"،  مؤكدًا أن "استفزاز القوات الأمنية لغرض جرها إلى مواجهة هو أمر مدفوع من جهات لا تريد للعراق أن يستقر"، وهو ما اعتبره ناشطون أنه إعادة لخطاب الناطق السابق باسم القائد العام للقوات المسلحة في حكومة عبد المهدي، عبد الكريم خلف في دفاعه عن استخدام قوات الأمن للعنف في قمع الاحتجاجات.

وكانت المحافظات العراقية قد شهدت احتجاجات يومية منذ تشرين الأول/أكتوبر الماضي، ردًا على تردي الأوضاع الاقتصادية، وانتشار الفساد بين المؤسسات الرسمية، وارتفاع معدلات البطالة بين الشباب، قوبلت بقمع عنيف مما أدى إلى مقتل ما لا يقل عن 500 مدني، وعلى خلفية أحداث العنف التي شهدتها الاحتجاجات قدم عبد المهدي استقالته في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي.

وتولى الكاظمي مهام تشكيل الحكومة الحالية في نيسان/أبريل الماضي، وهي الفترة المصاحبة لذروة انتشار جائحة فيروس كورونا الجديد، الأمر الذي أدى لتوقف الاحتجاجات مع استمرارها بشكل متقطع في عدة محافظات عراقية، قبل أن تعود لتشهد زخمًا كبيرًا في ساحة التحرير مؤخرًا، وهذه أولى الانتهاكات ضد المتظاهرين التي تسجل منذ استلام الكاظمي لمنصبه.

بالتزامن مع تجدد الاشتباكات بين المحتجين والقوات الأمنية في بغداد ومحافظات أخرى في ساعة متأخرة من مساء الاثنين، قال بيان عسكري إن قاعدة التاجي العسكرية العراقية التي تستضيف قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن استهدفت بثلاثة صواريخ، كما أشار بيان منفصل إلى وقوع انفجارين في قاعدة سبايكر الجوية، ولم يصدر أي بيان يشير إلى وقوع إصابات أو قتلى في الحادثين، كما أنه لم يصدر عن أي جهة بيان يتبنى الحادثين.

كما تأتي الأحداث الأخيرة بعد أقل من أسبوع على أول زيارة خارجية للكاظمي قام بإجرائها إلى طهران، بعدما كان مقررًا أن تكون إلى الرياض، غير أنه تم تأجيلها بعد خضوع الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز لعملية جراحية، ما غير وجهة الزيارة إلى إيران التي التقى فيها الزعيم الأعلى الإيراني أية الله علي خامنئي، والرئيس الإيراني حسن روحاني.

وأشار موقع ميدل إيست أي البريطاني في تعليقه على زيارة الكاظمي إلى أن التنافس بين واشنطن وطهران واللاعبين الإقليميين الآخرين المستمر منذ 17 عامًا تسبب في الفوضى وتقويض الأمن العراقي، مع استمرار نفوذ كل جانب من خلال الشبكات التي تخترق جميع المؤسسات الرسمية، فضلًا عن أن الحروب والعقوبات الاقتصادية والفساد داخل المؤسسات أدت في النهاية إلى شل الاقتصاد العراقي، مما يجعله معتمدًا بشكل كامل على صادراته النفطية التي تأثرت بانهيار أسعار النفط خلال الأسابيع الماضية.

وبحسب مستشار رئيس الوزراء هشام داود فإن العراق رفض طلب الجانب الإيراني بأن تلعب بغداد دور الوسيط أو ساعي البريد مع الرياض، موضحًا أن الكاظمي أراد من الزيارة إخبار طهران وواشنطن ودول الخليج بـ"أن السيادة تعني أن بغداد قادرة على الحفاظ على مسافة واحدة من الجميع، أما الوساطة فهي تعني القبول المسبق بسيادة الوسيط، فهل تقبل إيران ذلك؟".

اقرأ/ي أيضًا: خطابات الكاظمي تخلو من محاسبة قتلة المتظاهرين.. هل تراجع عنها؟

وأضاف الموقع البريطاني نقلًا عن داود بأن الإيرانيين طلبوا ضمانات من الكاظمي بعدم قطع حكومته العلاقات بشكل كامل مع طهران، أو إغلاق حدودها في وجه البضائع الإيرانية أسوةً بحلفائها، كما أشار سياسي عراقي إلى أن طهران طلبت ضمان استمرار تدفق الدولار الأمريكي إلى أراضيها عبر الحدود التي تربطها مع العراق، ورفع مستوى التبادل التجاري لضمان بقاء إيران شريكًا رئيسيًا في السوق العراقية، لافتًا إلى أن الكاظمي صارح الإيرانيين بأنه يتفهم اهتماماتهم، وفي مقابل ذلك يجب على الإيرانين تفهم أن العراق مُطالب بتنويع علاقاته مع الدول الأخرى.

 تأتي الأحداث الأخيرة بعد أقل من أسبوع على أول زيارة خارجية للكاظمي قام بإجرائها إلى طهران، بعدما كان مقررًا أن تكون إلى الرياض

وأضاف الموقع البريطاني في نهاية تقريره مشيرًا إلى أن التغريدات التي صاحبت لقاء خامنئي مع الكاظمي، بيّنت في ظاهرها توبيخ الزعيم الإيراني للعراقيين على عدم ردهم على مقتل قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني في محيط مطار بغداد الدولي مطلع العام الجاري، وهو ما رأى فيه مسؤول عراقي رفيع أن طهران أرادت أن تظهر للإيرانيين أن خامنئي صاحب الكلمة الأخيرة في أي قرار سياسي، مشيرًا إلى ذلك بقوله: "مهما كانت الرسالة التي أرادوا إيصالها فهي موجهة لجمهورهم.. بالنسبة لنا، لقد قال العراق موقفه الرسمي أمام الكاميرات".

 

اقرأ/ي أيضًا: 

الديوانية تخرج عن صمتها.. فقراء العراق في قلب الحركة الاحتجاجية