شن جيش الاحتلال الإسرائيلي، أمس الإثنين، عشرات الغارات الجوية التي استهدفت أقضية النبطية، بالإضافة إلى مرجعيون وبنت جبيل وجزين في جنوب وشرق لبنان، ما يُمثل خرقًا مباشرًا لوقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ، الثلاثاء الماضي، زاعمًا أن هذه الغارات جاءت للرد على خرق حزب الله لبنود الاتفاق، مما دفع بالمسؤولين الأميركيين للإعراب عن قلقهم من انهيار وقف إطلاق النار الذي تخلله أكثر من 50 خرقًا إسرائيليًا.
وكان حزب الله قد قال في بيان، أمس الإثنين، إنه استهدف بقذيفتين صاروخيتين موقع رويسات العلم التابع لجيش الاحتلال في تلال كفرشوبا اللبنانية المحتلة، مشيرًا إلى أن عملية الاستهداف جاءت "ردًا دفاعيًا أوليًا تحذيريًا" على "الخروقات المتكررة" لجيش الاحتلال الإسرائيلي التي جرت خلال الأيام الماضية، مما أسفر عن سقوط شهداء وجرحى، فضلًا عن انتهاك المقاتلات الإسرائيلية للأجواء اللبنانية، بما في ذلك تحلق الطائرات المسيّرة على علو منخفض في العاصمة بيروت.
وبعد ساعات قليلة من رد حزب الله "الأولي"، شن جيش الاحتلال سلسلة غارات جوية استهدفت بلدات جنوب وشرق لبنان، وصولًا إلى استهداف المعابر الحدودية التي تربط لبنان مع جارتها سوريا. وقبيل ساعات من شن سلسلة الغارات الجوية، قال رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، إن إسرائيل "سترد بقوة على هذا الهجوم"، مضيفًا "نحن مصممون على الاستمرار في فرض وقف إطلاق النار، والرد على أي انتهاك من حزب الله، سواء كان كبيرًا أو صغيرًا". وبحسب بيانات السلطات اللبنانية، فإن الغارات الأخيرة أسفرت عن سقوط 11 شهيدًا.
زعم جيش الاحتلال أن سلسلة الغارات التي استهدفت المدن والبلدات في جنوب وشرق لبنان جاءت ردًا على خرق حزب الله لبنود الاتفاق
وزعم جيش الاحتلال في بيان صدر عقب الانتهاء من شن الغارات الجوية أن "إطلاق القذائف الصاروخية نحو إسرائيل خرق للتفاهمات بين دولة إسرائيل ودولة لبنان"، متجاهلًا التطرق إلى خروقاته المتكررة منذ دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، مطالبًا لبنان "بتطبيق التفاهمات ومنع أي عمليات عدائية لحزب الله انطلاقًا من أراضيه"، وادعى أن "إسرائيل ملتزمة بالتفاهمات التي أبرمت بخصوص وقف إطلاق النار في لبنان، لكن سيبقى الجيش مستعدا لمواصلة الغارات وفق الضرورة وسيواصل العمل لحماية مواطني إسرائيل".
ونقل موقع "العربي الجديد" عن مصدر نيابي في حزب الله قوله إن: "رد حزب الله هو أولي والمقاومة لا تنوي العودة إلى ما قبل وقف إطلاق النار، لكنها لن تقف متفرجة على الخروقات الإسرائيلية المستمرة والفاضحة للسيادة اللبنانية، واليوم للجيش اللبناني"، وتابع المصدر مضيفًا "تمهلنا في الرد على الخروقات لعدم التسرع وترك الجهات المعنية تبادر إلى المعالجة، وانتظرنا التأكد من طبيعة الخروقات لكن كل الخروقات ثبت أنها ليست ضمن بنود الاتفاق وكل المزاعم الإسرائيلية كاذبة".
وأشار المصدر في حديثه إلى أنه على الرغم من الخروقات الإسرائيلية المتكررة، فإنه "رغم ذلك لم يرد حزب الله واختار اليوم ردًا مدروسًا، وسنرى كيف سيتحرك الأميركيون والفرنسيون بوجه الخروقات الإسرائيلية"، معيدًا التأكيد على أن "الحزب متمسك منذ اليوم الأول بالاتفاق، وهو يعوّل على الجهات الرسمية اللبنانية لوقف هذه الخروقات وننتظر ما ستؤول إليه الأمور والكلمة ستبقى للميدان".
من جانبه، أوضح منسق الحكومة اللبنانية السابق لدى قوات اليونيفيل، منير شحادة، في حديث لوكالة "الأناضول"، أن "رد الحزب لم يخرق القرار الأممي رقم 1701 لأنه جاء في منطقة لا تخضع للقرار". ووفقًا لما يقول مراقبون فإن مناطق مزارع شبعا لا تعد ضمن القرار 1701، وذلك بالنظر إلى الخلاف بشأنها مع سوريا، والتي صدر بشأنها القرار الأممي رقم 1860 في 2006، والذي يدعو سوريا ولبنان إلى ترسيم الحدود المشتركة بينهما، لا سيما المناطق الحدودية المتنازع عليها.
وعلى ضوء التطورات الأخيرة التي شهدها اتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل، ذكر موقع "أكسيوس" أن مسؤولين في إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، أعربوا عن قلقهم "من انهيار وقف إطلاق النار الهش في لبنان"،مشيرين إلى أن المبعوث الأميركي للشرق الأوسط، عاموس هوكشتاين، أعرب عن قلقه هو الآخر من مواصلة جيش الاحتلال هجماته على لبنان، ووصف مسؤول أميركي الخروقات الإسرائيلية بأنها "لعبة خطيرة".
الأمين العام لحزب الله "نعيم قاسم" يؤكد في كلمته على اهتمام الحزب "باكتمال عقد المؤسسات الدستورية" التي تنتهي بانتخاب رئيساً لـ #لبنان بعد فراغ في المنصب لأكثر من عامين.
اقرأ أكثر: https://t.co/ccqJwr2vuv pic.twitter.com/alAnJnMZy5
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) November 30, 2024
وبحسب "أكسيوس"، فإن المسؤولين الأميركيين قالوا إن هوكشتاين أبلغ الجانب الإسرائيلي بأنه "ينبغي عليهم إفساح المجال لبدء تنفيذ آلية مراقبة وقف إطلاق النار"، فيما أشار مسؤول إسرائيلي إلى أن المبعوث الأميركي نقل رسالة إلى حكومة الاحتلال مفادها أنها تطبق وقف إطلاق النار "بشكل عدواني للغاية"، ولم يستبعد المسؤول الإسرائيلي أن تؤدي الهجمات الأخيرة إلى انهيار وقف إطلاق النار، لكنه أضاف "أن ذلك سيعتمد على كيفية رد حزب الله على الرد الإسرائيلي".
إلى ذلك، أبلغ وزير الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو، نظيره الإسرائيلي، جدعون ساعر، بضرورة التزام كل الأطراف اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان، بحسب وكالة الأنباء الفرنسية، التي أشارت إلى أن بارو شدد على "الحاجة لأن يحترم كل الأطراف اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان".
وكان رئيس البرلمان اللبناني، نبيه بري، قد قال في بيان، أمس الإثنين، إن الخروقات الإسرائيلية لوقف إطلاق النار تجاوزت 54 خرقًا و"لبنان والمقاومة ملتزمان تمامًا بما تعهدا به"، وتابع مضيفًا "نسأل اللجنة الفنية التي ألفت لمراقبة تنفيذ هذا الاتفاق أين هي من هذه الخروقات والانتهاكات المتواصلة؟"، داعيًا اللجنة "إلى مباشرة مهامها فورًا وإلزام اسرائيل بوقف انتهاكاتها وانسحابها من الأراضي التي تحتلها قبل أي شيء آخر".