04-يوليو-2018

إنجلترا تنتصر بركلات الترجيح لأوّل مرة في تاريخها بالمونديال (Getty)

ضربت إنجلترا العديد من العصافير بحجر واحد، بعد فوزها على كولومبيا في آخر لقاءات دور الستة عشر من مونديال 2018 بركلات الترجيح، إذ حجزت مقعدها في دور الثمانية، ووضعت بحسب الكثير من المحللين قدماً لها في المباراة النهائيّة، لأنها قامرت بلعبة بلجيكا في دور المجموعات وخسرتها مقابل التواجد في الطريق الأقل صعوبة الموصل للنهائي. كذلك انتصرت إنجلترا بركلات الترجيح لأول مرة في تاريخها بالمونديال، بعد لعنة بدأت منذ 28 عاماً، وتحديداً في مونديال إيطاليا 1990.

تخلّصت إنجلترا من لعنة استمرّت 28 عامًا، إذ خسرت في كل المباريات المونديالية التي انتهت بركلات الترجيح

وضعت قرعة دور المجموعات التي أقيمت قبل انطلاق المونديال بأشهر إنجلترا في المجموعة السابعة، وجرت مباراتها في الجولة الأخيرة أمام بلجيكا في وقت متأخّر وفق الجدول المحدّد مسبقاً، وهو ما استفادت منه أيّما استفادة، إذ ضمن فريق الأسود الثلاثة تأهّلهم إلى دور الستة عشر قبل هذه المباراة، حالهم كحال الفريق البلجيكي واتّضحت خريطة الوصول إلى المباراة النهائيّة للفريقين المتأهّلين عن هذه المجموعة قبل بدء مباراة فضّ شراكة الصدارة بينهما.

اقرأ/ي أيضًا: فرنسا تطرد الأرجنتين من كأس العالم.. ونجوم التانغو في طريقهم للاعتزال

وضعت الأقدار بلجيكا وإنجلترا في خيارين متناقضين،  فهما متساويان في كلّ شيء، يملك كلّ منهما 6 نقاط و8 أهداف، وتلقّى مرماهما هدفين، والفائز منهما سيتصدّر المجموعة ويواجه اليابان، والخاسر سيلاقي فريقاً أقوى في دور الستة عشر اسمه كولومبيا. لكن من سيتصدّر هذه المجموعة سيضع نفسه في ورطة كبرى بعد تجاوز اليابان، فمسير المباريات التالية سيكون مليئاً بالعقبات الكبرى التي تتمثّل بفرق هي البرازيل والمكسيك وفرنسا والأرجنتين والأوروغواي والبرتغال، بينما ستقتصر مهمّة صاحب المركز الثاني إن تخطّى كولومبيا على اللعب مع الفائز من مباراة السويد وسويسرا، ولن يشوب طريقه للمباراة النهائية عقبات كبرى كحال المتصدّر، فالخيارات المتبقّية بعد ذلك هي إسبانيا وروسيا وكرواتيا والدنمارك، وهي بالتأكيد أقلّ صعوبة من الطريق الأول الوعر.

لعبت إنجلترا تلك المباراة بتشكيلة احتياطيّة بالكامل ما عدا حارس المرمى، فأصبحت الفريق الوحيد الذي أشرك كلّ لاعبيه في المونديال، باستثناء حراس المرمى الاحتياطيين، وخرج الإنجليز فرحين من موقعة بلجيكا بعد الخسارة التي وضعتهم في المركز الثاني.

حققت مباريات الدور الثاني العديد من المفاجآت، أبرزها خروج إسبانيا أمام مستضيف البطولة بركلات الترجيح، وحققت بلجيكا المراد عندما أقصت اليابان بطريقة درامية 3-2، وخلقت موعداً مع البرازيل في الدور ربع النهائي. وقبل بداية لقاء إنجلترا مع كولومبيا المرتقب انتصرت السويد على سويسرا بهدف وبلغت دور الثمانية لأول مرّة منذ مونديال 1994. هنا اتّضحت الخريطة للإنجليز تماماً، فإن تخطّوا عثرة الكولومبيين سيكون الطريق للمباراة النهائيّة  للمرة الأولى منذ تحقيق اللقب عام 1966 ليس بالصعب، بل العقبة الكولومبية هي أصعب من اللقاءات القادمة، لأن فريق الأسود الثلاثة سيلاقي السويد في الدور ربع النهائي، وبعد ذلك لن يفصله عن المباراة النهائيّة سوى انتصار واحد على الفائز من كرواتيا وروسيا. هي مقامرة ومغامرة فعلها فريق المدرّب ساوثغيت عندما قرر نيل المركز الثاني في مجموعته، فإما يلاقي فريقاً سهلا كاليابان ويتأهّل لدور الثمانية بسهولة ويلاقي بعدها الويلات، أو يبدأ المراحل الإقصائيّة بمواجهة صعبة لفريق لاتيني قوي مثل كولومبيا، ويعبّد طريقه السلس للمباراة النهائيّة مع خروج إسبانيا المبكّر، أو يخسر هذا اللقاء، وهنا تكمن المقامرة الحقيقية التي خاضها زملاء هاري كين.

اقرأ/ي أيضًا: السامبا تنثر سحرها في كأس العالم.. وعقدة دور الـ16 تطيح بالمكسيك

مضت مباراة كولومبيا بمدّ هجومي لافت للإنجليز مع أفضليّة واضحة لهم، فكانت الفرص الكولومبيّة نادرة للغاية، ومع بداية الشوط الثاني استطاع هاري كين أن يحصل على ركلة جزاء أتت إثر عرقلة من الكولومبي كارلوس سانشيز، والذي أضرّ فريقه في أولى مبارياته  أمام اليابان عندما طُرد مع بداية اللقاء وحرم كولومبيا من اللعب بـ11 لاعبا، فخسرت اللقاء متأثرة بالنقص العددي. ترجم هاري كين هذه الركلة بنجاح، فحقق هدفه السادس متربّعاً على صدارة هدّافي المونديال، وأتت أهدافه الست من 6 ركلات على المرمى فقط، كذلك عادل رقم مواطنه غاري لينكير في مونديال 1990 عندما توّج المهاجم الإنجليزي هدّافاً للبطولة بستة أهداف.

لو خيّرت إنجلترا بالفوز على كولومبيا في الوقت الأصلي أو الانتصار الصعب عبر ركلات الترجيح لاختارت الثانية!

استطاعت كولومبيا أن تعدّل النتيجة في الوقت القاتل، وتحديداً في الدقيقة الثالثة من الوقت بدل الضائع عندما انبرى ياري مينا برأسه مستغلّاً كرة أتت من ركلة ركنيّة، فأودع الكرة بشباك الإنجليز، وهنا اعتقد الجميع أن الفريق الإنجليزي الشاب فرّط بالمباراة نظراً لقلّة خبرته، ومع مرور الوقتين الإضافيين استمرّت النتيجة على حالها، فلجأ الفريقان لركلات الترجيح، والتي شكّلت لعنة على الإنجليز بدأت منذ مونديال 1990، والذي تربّع خلاله لاعباً إنجليزيّاً على عرش الهدّافين.

هي لحظات سريعة للغاية طرح بها ملايين المشجّعين بداخلهم المفارقات السابقة، فمنذ تلك البطولة المشؤومة، خرجت إنجلترا من نصف النهائي أمام ألمانيا بركلات الترجيح، وفي مونديال 1998 حدث ذلك أمام الأرجنتين بالدور ربع النهائي، وتكرّر الأمر في مونديال 2006 أمام البرتغال في الدور ذاته.

ولتكتمل اللحظات الدرامية، أهدرت إنجلترا ركلتها الترجيحية الثالثة عبر جوردان هندرسون، فتقدّمت كولومبيا واقترب الحلم من الذوبان في بوتقة اللعنة الأزليّة، لكن الفريق اللاتيني أهدر ركلتين بعد ذلك، فانتصر الإنجليز أخيراً وكسروا لعنة استمرّت 28 عاماً، ولم يحزنوا على هدف دخل مرماهم في لحظات القاء الأخيرة، بل رأوا في الفوز بركلات الجزاء بداية عهد جديد لفريق الأسود الثلاثة، وإن خُيّر هذ\اه المنتخب بين الفوز في الوقت الأصلي للمباراة، أو الفوز بركلات الترجيح، لاختار الثانية بالتأكيد، لأنّ تحقيق ذلك يعتبر حدثاً تاريخيّاً لزملاء هاري كين.

ومع نشوة الانتصار هذه، سيدخل الفريق مباراة السويد في الدور ربع النهائي بحالة معنوية رائعة، والفوز بها سيعيده لمربّع الكبار لأول مرّة منذ مونديال إيطاليا 1990، وما هي إلا مباراة واحدة فقط ويصبح هذا الفريق طرفاً في المباراة النهائيّة، وهو ما لم يحدث منذ أن توّج الإنجليز أبطالاً للعالم عام 1966.  

 

اقرأ/ي أيضًا:

كافاني يُلحق رونالدو بميسي.. ويُخرج بطلة أوروبا من كأس العالم

ركلات الترجيح تصعق إسبانيا والدنمارك وتقصيهما من كأس العالم