09-أكتوبر-2016

عناصر من تنظيم أحرار الشام في ريف إدلب (فراس تاكي/الأناضول)

تطورت الأحداث العسكرية سريعًا، منذ يوم الجمعة، في محافظة إدلب وريفها تحديدًا، بعد إعلان حركة "أحرار الشام الإسلامية" حربًا على تنظيم "جُند الأقصى"، بسبب إقدام الأخيرة على اختطاف مجموعة من عناصرها، بعدما أوقف حاجز للأحرار سيارة تقل خلية لتنظيم "الدولة الإسلامية"، وهو ما أكدته الحركة في بيانها، وصفحات عديدة على مواقع التواصل الاجتماعي لهم صلاتهم بالفصائل الإسلامية شمال سوريا.

تنظيم "جُند الأقصى" الذي تتهمه أحرار الشام بكونه تابعًا لداعش، كان قد انسحب من تحالف "جيش الفتح" في شمال سوريا، بسبب رفضه قتال داعش

تسلسل الأحداث جاء متواليًا، إلا أن الجُند كانت لهم الأسبقية، عندما أصدروا بيانًا هددوا من خلاله بإيقاف "غزوة مروان حديد"، والتوجه لقتال الأحرار وحماية أنفسهم، إذا لم يفرج الأحرار عن العناصر الموقوفة لديهم، سارعت الأخيرة على إثره لإصدار بيان مضاد دعت فيه الجُند لإطلاق عناصرها، وأمهلتها 24 ساعة، لكن طلبها رفض من الفصيل، الذي يعتبر من أبرز الفصائل المشاركة بكامل ثقلها في معارك ريف حماة.

ولا يمكن تشبيه الخلاف الذي نشب بين الطرفين، مثلما سبقه من خلافات، كان أخرها في الـ21 من تموز/يوليو العام الحالي، وتَدَخل يومها جماعة "أهل العلم" لفض الخلاف، والنظر فيه عبر تشكيل "محكمة شرعية" للفصل فيما بينهما.

اقرأ/ي أيضًا: هل يتصادم الجهاديون في الشمال السوري

إذ، على ضوء تسارع الأحداث في الشمال السوري، أصدر 18 فصيلًا، بينهم كبرى الفصائل المعارضة، بيانًا أيدوا من خلاله أحرار الشام، لكن جبهة "فتح الشام" لم تكن بينهم، نظرًا لانقسام أعضاء شورتها وعناصرها بين مؤيد، وداعٍ للتهدئة، الدعوة التي قابلها الناطق باسم الأحرار، وقائدها العام، أبو يحيى الحموي، بسلسلة تغريدات أكدوا فيها أنه لا رجعة عن قرار القضاء على الجُند، اتبعها الحموي بتغريدة في اليوم التالي، كتب فيها القول الفصل "لن ينسى أهل الشام من وقف معهم في محنتهم ضد الطغاة والغلاة، ولن يسامحوا من تخاذل...".

وأنهى البيان الذي صدر أمس السبت، عن 15 شيخًا من جماعة "أهل العلم"، أجاز وأوجب قتال الجُند "حتى يرجع عن بغيه"، أي نوع من أنواع التهدئة، وقضى على وساطة الشرعيين، ألحقه الأحرار بنشر صورٍ لقطع آثار موثقة، ومحفوظة داخل أكياس، قال إنها وجدت في مقرات للجُند.

حتى البيان الذي أصدره الجُند، وطالبوا فيه "فتح الشام" بالتدخل لحل الخلاف، لم يلقَ أذانًا صاغية عند الأخيرة، فأقدم على قتل القيادي البارز في الأحرار، أبو منير دبوس، بكمين نصبه له الجُند في ريف إدلب.

ومن المعروف أن تنظيم "جُند الأقصى"، انسحب في تشرين الأول/أكتوبر من العام الماضي، من تحالف "جيش الفتح" في شمال سوريا، مرجعًا السبب للضغط الذي مارسته عليه أحرار الشام من أجل قتال تنظيم الدولة، والجُند في أكثر من مناسبة التزموا الحياد، وأعلنوا أنهم لن يقاتلوا التنظيم.

أحرار الشام، من أكثر الحركات العسكرية التي استُهدف قادتها بعديد التفجيرات، أبرزها كان في إدلب وراح ضحيته أكثر من 45 من قادة الحركة

وعلى الرغم من أن الحركة تملك أدلة تدين الجُند، ظهر عددٌ من الشرعيين الذي طلبوا الاحتكام للقضاء، واتهموا الأحرار بالعمالة لواشنطن، والجيش التركي، خصيصًا وأن مجلسها الشرعي أجاز التنسيق مع الأخير ضمن عملية "درع الفرات"، ما جعل ثلاثة شرعيين وكتيبة تعلن انشقاقها عن الحركة.

وعند الحديث عن أحرار الشام، لا يمكن تجاهل أنها من أكثر الحركات العسكرية التي استُهدف قادتها بعديد التفجيرات، أولها كان ممهورًا بتفجير اجتماع يحضره القائد العام للحركة، حسان عبود، في ريف إدلب بتاريخ 9 أيلول/سبتمبر 2014، قضى على إثره بجانب عبود نحو 45 آخرين، معظمهم من قادة الحركة، وتوالت بعدها التفجيرات.

كما أن الحركة من أكثر الفصائل تنظيمًا، إن كان سياسيًا أو عسكريًا، وهي تحاول أن تخاطب الجمهور الغربي بواسطة مقالات منسقها العام، لبيب نحاس، التي ينشرها باللغة الإنجليزية، وكتب سفير الولايات المتحدة السابق في سوريا، روبرت فورد، للإدارة الأمريكية يطلب إيجاد قناة لفتح محادثات معها.

وهذه المرة الثانية التي تقف فيها معظم فصائل المعارضة، إلى صف أحد أكبر الفصائل الإسلامية في سوريا، أولها عندما رفضت جميعها استهداف مقرات جبهة "فتح الشام"، التي لم يشملها الاتفاق الروسي-الأمريكي في الـ 9 من أيلول/سبتمبر الفائت، وثانيها مع أحرار الشام، رغم أن بعضها التزم الحياد مع الأخيرة.

وحتى إعداد التقرير عينه، سيطرت الحركة والفصائل التي تدعمها على معظم مقرات الجُند في ريف إدلب، واعتقلت عددًا من قادتها، بينهم قائد الجُند في محافظة إدلب، أبو هاشم الميري، فيما أعلن مجموعة عناصر انشقاقهم عن الجُند وانضمامهم للأحرار.

تقف اليوم أحرار الشام أمام مفترق طرق، فهي في الوقت الذي وجدت نفسها في حرب ضد الجُند، بعد أن أوقفتها لأكثر من مرة سابقًا، تجد وجودها مهددًا من روسيا التي تُصر على ضمها لقائمة "المنظمات الإرهابية"، وواشنطن حذرة من التعامل معها، ومتهمة بالعمالة لها أيضًا. لذا عليها أن تعرف أن ما قبل حربها ضد الجُند غير ما بعد انتهائها، ومن هنا عليها أن تعي أنه ينتظرها في المرحلة اللاحقة، أكثر من مفصلٍ منذ تاريخ تأسيسها وحتى يومنا الراهن، وعليه سيتم تحديد أولوياتها، ورؤيتها السياسية، بشكل واضح للمتابعين لمسيرة ومآل الحركة.

اقرأ/ي أيضًا:

حرب باردة في مجلس الأمن حول حلب..ومصر مع الجميع

كيف تحولت مكاسب روسيا في سوريا وأوكرانيا لخسائر؟