06-فبراير-2025
تهجير سكان غزة

(NYTIMES) فلسطينيون يعودون إلى جباليا في قطاع غزة بعد سريان اتفاق وقف إطلاق النار

تواصل سلطات الاحتلال الإسرائيلية محاولتها تنفيذ مخطط تهجير سكان قطاع غزة، والتي بدأت تتضح ملامها منذ الإعلان عما بات يُعرف باسم "خطة الجنرالات" الموضوعة لتهجير سكان شمال غزة إلى الجنوب، بعد أشهر من حرب الإبادة التي شنها جيش الاحتلال على مختلف أنحاء القطاع في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، وتم دعمها لاحقًا بتصريحات الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، المرتبطة بتهجير كامل سكان القطاع البالغ عددهم أكثر من مليوني نسمة إلى دول الجوار.

وكان ترامب قد دعا في تصريحات أطلقها، الثلاثاء الماضي، إلى تهجير سكان غزة إلى دول الجوار، وهو ما أكده بالقول: "الشرق الأوسط لديه المال اللازم لبناء أماكن جديدة لسكان غزة"، مدعيًا أن "العثور على قطعة أرض مناسبة، أو عدة قطع، وبناء مساكن جديدة سيكون حلًا أفضل لهم بكثير من العودة إلى القطاع الذي لم يشهد سوى عقود طويلة من الموت والدمار".

كاتس يأمر بوضع خطط لتهجير سكان غزة

وقد دفعت هذه التصريحات التي جاءت بالتزامن مع زيارة رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، إلى واشنطن، بالعديد من المسؤولين الإسرائيليين إلى تبني خطة تهجير الغزيين، والتي كان آخرها تصريحات وزير الأمن، يسرائيل كاتس، اليوم الخميس، حيثُ أكد فيها على أنه "يجب السماح لسكان غزة بالتمتع بحرية الخروج والهجرة كما هو معتاد في كل مكان في العالم"، موضحًا أن هذه الخطة التي سيضعها الجيش ستشمل خيارات الخروج من المعابر البرية، فضلًا عن الخروج عن طريق البحر والجو.

دفعت تصريحات ترامب التي جاءت بالتزامن مع زيارة رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، إلى واشنطن، بالعديد من المسؤولين الإسرائيليين إلى تبني خطة تهجير الغزيين

وفي السياق ذاته، قال نتنياهو في تصريحات نقلتها قناة "فوكس نيوز" الأميركية المحافظة إن "الفكرة الحقيقية هي السماح لسكان غزة الذين يريدون المغادرة بالمغادرة"، وتابع متسائلًا "أعني، ما الخطأ في ذلك؟"، قبل أن يضيف زاعمًا أن سكان غزة "يمكنهم المغادرة. يمكنهم العودة أيضًا، لكننا بحاجة أيضًا إلى إعادة بناء قطاع غزة"، واصفًا الفكرة بـ"الجيدة"، وأن سلطات الاحتلال تنظر فيها.

من جانبها، أعادت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، التأكيد على تصريحات ترامب التي وصف فيها قطاع غزة بأنه "موقع هدم"، وزعمت أن نقل سكان غزة من القطاع سيكون "مؤقتًا"، وبعد أن تطرقت إلى عدم توفر الخدمات الأساسية في غزة، ادعت ليفيت في تصريحاتها أن ترامب يريد أن يعيش سكان غزة بـ"سلام"، بحسب ما نقلت "فوكس نيوز".

وأثارت تصريحات ترامب المرتبطة بأن تكون للولايات المتحدة "ملكية طويلة الأمد" على القطاع، مدعيًا أنه سيتم تحويل القطاع إلى "ريفيرا الشرق الأوسط" بعد سيطرة الولايات المتحدة عليه موجة من الانتقادات العربية والدولية، فضلًا عن استنكار المنظمات الحقوقية، من بينها منظمة هيومن رايتس ووتش التي وصفت التصريحات بأنها "تصعيد خطير للنزوح القسري والتطهير العرقي بحق الفلسطينيين في غزة"، و هو ما يمثل "جريمة حرب"، مؤكدة أن الخطة في حال تنفيذها ستحول "الولايات المتحدة من متواطئة في جرائم الحرب إلى ارتكاب الفظائع مباشرة".

فكرة داخل رأس الرئيس

ونقلت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية عن أربعة مصادر كانت على علم بالنقاشات الدائرة بشأن غزة، أن إدارة ترامب لم تكن على دراية بالفكرة التي طرحها الرئيس الجمهوري، مشيرةً إلى أنه لم يكن هناك أي اجتماعات مع وزارتي الخارجية والدفاع "البنتاغون"، كما درجت العادة عند تقديم مقترح متعلق بالسياسة الخارجية، كما أن البنتاغون لم يقدم أي مخطط لتنفيذ فكرة ترامب، وتقول الصحيفة الأميركية إنه: "لم يكن هناك سوى فكرة داخل رأس الرئيس".

وتشير الصحيفة الأميركية خلال الساعات التي أعقبت إعلان ترامب عن خطته بشأن غزة، كان كبار المسؤولين في الإدارة الأميركية يفتقرون بشكل واضح إلى الإجابات الجوهرية، مضيفة أنه "سرعان ما أصبح سبب مراوغتهم واضحًا: لم تكن هناك تفاصيل فعلية"، وتستند في رأيها هذا إلى تصريحات مستشار الأمن القومي، مايك والتز، الذي قال لأحد البرامج الصباحية التي تبث في الولايات المتحدة إن إعلان ترامب كان مجرد "مفاهيم لخطة".

وبحسب "نيويورك تايمز"، فإن شخصين مقربين من ترامب أكدا أن الخطة بشأن غزة كانت "فكرته وحده"، فيما أحد الأشخاص إنه لم يسمع ترامب يذكر مشاركة القوات الأميركية في تنفيذ الخطة قبل يوم الثلاثاء، وتضيف الصحيفة نقلًا عن كبار المسؤولين في الإدارة الأميركية أنهم يحاولون "معرفة أصل الفكرة"، معتبرين أن الفكرة "خيالية حتى بالنسبة لترامب".

وكانت مديرة مكتب الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة هيومن رايتس ووتش، لما فقيه، قد أكدت في تصريحات لها أن "السلطات الإسرائيلية عمدت إلى خلق ظروف معيشية محسوبة لتدمير جزء من السكان الفلسطينيين في غزة بسبلٍ منها حرمانهم عمدًا من الغذاء والماء وباقي المستلزمات الكفيلة ببقائهم، ما يشكل الجريمة ضد الإنسانية المتمثلة في الإبادة، وأفعال الإبادة الجماعية"، مضيفة أن الدعم العسكري الذي وفرته إدارة الرئيس السابق، جو بايدن، تسبب "في تواطؤ الولايات المتحدة في الاستخدام غير القانوني لتلك الأسلحة".