09-ديسمبر-2022
gettyimages

هدوء ميداني في شمال سوريا بعد أيام من القصف (Getty)

دخلت العملية العسكرية التركية، التي تعرف باسم المخلب- السيف في شمال سوريا مرحلة هدوء ميداني بحسب العديد من المصادر، مع التشكيك في إمكانية استمرارها أو تطورها إلى عملية برية نظرًا للتدخل الروسي والثقل الأمريكي الكبير الذي وضع فيها في محاولةٍ لتجنب تصفية قوات سوريا الديمقراطية "قسد" في المناطق المستهدفة.

دخلت العملية العسكرية التركية، التي تعرف باسم المخلب- السيف في شمال سوريا مرحلة هدوء ميداني

وطيلة اليومين السابقين استقبلت أنقرة وفدين من واشنطن وموسكو للتباحث حول التهديدات التركية الأخيرة بالقيام بعملية عسكرية واسعة النطاق في شمال سوريا، وبحسب مصادر تركية نقلت عنها وسائل إعلام، عرض الوفد الروسي على السلطات التركية انسحاب قوات سوريا الديمقراطية "قسد" مع أسلحتهم من عين العرب ومنبج، مع الإبقاء على قوات الأسايش في المناطق المذكورة بعد دمجها بالمؤسسة الأمنية للنظام السوري. 

وأكّد الوفد الروسي للطرف التركي موافقة "قسد" على المقترح شريطة "عدم حصول اجتياح تركي نحو منبج وعين العرب". لكن الجانب التركي لم يقدم بعد موقفه من العرض الروسي الذي يخضع حسب المصادر للنقاش داخل دوائر صنع القرار التركية. وكان وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، صرّح سابقًا الأربعاء الماضي بأن بلاده "اتفقت مع تركيا على تحييد الفصائل المعارضة التي يمكن أن تتحاور مع النظام السوري عن المجموعات الأخرى"، دون أن يقدم تفاصيل تشير إلى هوية هذه الفصائل، أو آلية تنفيذ هذه الخطوة.

getty

ونقلت وسائل إعلامية عن مصادر في الدبلوماسية التركية أن موسكو حريصة على "تلبية مطالب تركيا في شمالي سوريا، من أجل تجنب عملية برية من قبل الجيش التركي ضد مجموعات كردية في المنطقة". وأشارت المصادر التركية أن مطالب أنقرة تتمثل أساسا في "انسحاب المجموعات الكردية المصنفة على قوائم الإرهاب لديها من مدن منبج، وتل رفعت، وعين عرب، وحل مؤسسات النظام السوري محلها".

زيارة الوفد الروسي إلى أنقرة أمس الخميس واليوم الجمعة بقيادة نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي فيرشنين سبقتها زيارة وفد أمريكي برئاسة الممثل الأمريكي الخاص السابق في سوريا، جيمس جيفري، الذي التقى مع مسؤولين أتراك في العاصمة التركية. وذكرت مصادر أن الوفد الأمريكي طلب من أنقرة "التروّي" قبل الإقدام على أي خطوة عسكرية، مقابل ضمان تنفيذ مطالبها بسحب الوحدات الكردية من الشريط الحدودي بعمق 30 كيلومترًا.

أما موقع أكسيوس الأمريكي الإخباري فنقل عن مصادر خاصة به أن واشنطن سعت للوصول إلى تسوية مع تركيا، حيث "حذرت تركيا من أن الضربات في سوريا تعرض القوات الأمريكية للخطر ووجهت رسالة شديدة اللهجة تعارض فيها القصف التركي لشمالي سوريا لكنها عرضت على الأتراك في المقابل تنفيذ بعض مطالبهم في شمال سوريا، من قبيل إعادة هيكلة "قسد" ومنح دور أكبر للمكوّن العربي في إدارة منبج وتل رفعت وعين العرب". ونتج عن هذه الضغوط الأمريكية، تراجع في حدة القصف الجوي التركي على مناطق سيطرة "قسد" شمال سوريا، وعدم الحديث عن عملية برية.

هدوء ميداني

يبدو أن التدخلات الدبلوماسية الروسية والأمريكية ساهمت في إعادة الوضع الميداني إلى سابق حاله قبل التصعيد الأخير المتمثلة في إدخال تركيا تعزيزات عسكرية جديدة وشنّ قواتها ضربات على مواقع مختلفة للقوات الكردية في أرياف حلب والرقة، تمهيدًا لعمليتها العسكرية الواسعة التي هدّدت بها بعد تفجير إسطنبول. وانخفضت طيلة الأيام الثلاثة الماضية حدة القصف الجوي، وعادت وتيرة القصف لما كانت عليه قبل بدء الضربات الجوية.

getty

إلا أنّ بعض المتابعين يعتقدون أن هناك إمكانية لعودة التصعيد طالما لم تحقق أنقرة مطالبها، خاصةً أنها كانت تلوح بالعملية البرية في شمال سوريا منذ أشهر، فيما أصبحت ملحةً بشكلٍ كبير بالنسبة لها بعد تفجير إسطنبول ومع قرب الانتخابات التركية العام المقبل. وفي السياق نفسه نقلت وسائل إعلام عن النائب السابق في حزب "العدالة والتنمية" الحاكم في تركيا، رسول طوسون، تصريحه بأن العملية العسكرية البرية "لا مفر منها في الشمال السوري، إلا في حال التزام واشنطن وموسكو بمطالب أنقرة".

 التطبيع مع النظام

تستمر الحكومة التركية في إرسال إشارات واضحة حول إمكانية التطبيع مع النظام السوري خلال الفترة القادمة، ورغم أن تقارير صحيفة أشارت خلال الأيام الماضية إلى أن جهود روسيا لجمع رئيس النظام السوري بشار الأسد والرئيس التركي رجب طيب أردوغان لم تنجح حتى الآن، إلّا أن تركيا مستمرة في وضع مقدمات تمهد إعلان التطبيع، كان آخرها تصريح المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، عمر جيليك أن تركيا قد تتعاون مع النظام السوري لمواجهة التهديدات "الإرهابية" والحفاظ على وحدة الأراضي السورية بحسب ما نقلته صحيفة "ديلي صباح" التركية.

تستمر الحكومة التركية في إرسال إشارات واضحة حول إمكانية التطبيع مع النظام السوري خلال الفترة القادمة

وتابع جليك حديثه، بالإشارة إلى وجود محادثات مع النظام السوري على المستوى الأمني، مؤكدًا أن هذه المحادثات قد تتحول خلال الفترة القادمة إلى اجتماعات على المستوى السياسي.