19-يونيو-2022
الحدود السورية التركية

يعيش السوريون ظروفًا صعبة في دول اللجوء بما فيها تركيا (Getty)

أثارت فتوى أصدرها مؤخرًا مجلس الإفتاء السوري جدلًا واسعًا بين السوريين، نصت على تحريم تغيير أسماء المجنسين منهم إلا في حالات الضرورة القصوى، والتي بيّنها المجلس في متن بيان الفتوى.

فقد انقسم السوريون بين منتقد لفحوى الفتوى وتوقيتها، خصوصًا بعد ارتفاع خطاب الكراهية والعنصرية في بلدان مضيفة للاجئين السوريين والمجنسين منهم وزيادة الجرائم المرتكبة بحقهم، وبين من أكّد على أهمية الفتوى بشقّها المتعلق بالآثار على على الهوية الوطنية والثقافية، خلف تغيير الاسم والكنية.

 

حول فتوى مجلس الإفتاء السوري بعدم جواز تغيير الاسم والكنية (باستثناءات خاصة ذكرتها الفتوى) .. أولا، هي ليست ترفا فكريا...

Posted by Fawaz Tello on Friday, June 17, 2022

مجلس الإفتاء السوري التابع للمجلس الإسلامي السوري قال عبر بيانه، إن "للاسم أهمية كبيرة للشخص، فيه تحدد هويته ويعرف ويميز عن غيره من الأشخاص وعلى أساسه تجرى العقود، وتحدد الحقوق والواجبات، كما إن الاسم يتجاوز تعلقه بالشخص المسعى إلى غيره من أبناء وآباء، وبقية العلاقات في المجتمع".

ولفت إلى أن الدين الإسلامي حافظ على أسماء الناس بعد إسلامهم ولم يغيرها، ولو كانت بغير اللغة العربية، فبقيت أسماء الصحابة وأسماء الشعوب التي دخلت الإسلام أو هاجرت إلى بلاد المسلمين، مقابل السماح بتغيير الأسماء التي تحمل معنى قبيحًا أو معنى "غير شرعي".

وعن اسم العائلة أو ما يعرف بـ"الشهرة" في الوقت الحالي، فأشار المجلس إلى مكانتها "الهامة" في النسب، "بل إنها في التعريف بالأشخاص أهم من سلاسل النسب في العديد من الأحيان، وبغض النظر عن كيفية نشوئها وسببها إلا أنها أصبحت الأساس في التعريف بالأشخاص، مما يترتب عليه إثبات الأنساب، والحقوق والواجبات الشرعية، والتوارث وتحمل الديات ونحوها".

وأضاف البيان حول مسألة الحفاظ على الكنية، "حذّر الشرع تحذيرًا شديدًا من العبث بها، والانتساب إلى غير القوم، فجعله من الكفر الأصغر والكبائر".

وفي المتن، شدد المجلس على خطورة ما يعمل عليه "الطائفيون" في بلاد العالم الإسلامي وسوريا خصوصًا، من "إحداث تغيير ديموغرافي فيها عبر تهجير أهل السنة، وإتلاف ممتلكاتهم ووثائقهم، وإعادة توطين شذاذ الأفاق ومنحهم الجنسية وتغيير أسمائهم بما يتوافق مع أسماء أهل البلاد الأصلية وكناهم، كما تعمل بعض الأنظمة الإجرامية على العبث بأسماء العوائل ونسبها لقطع الصلة بينها وبين ماضيها، وبينها وبين الأمة الإسلامية وتضييع هويتها، وقد تكرر هذا في التاريخ كما حصل في الأندلس"، في إشارة إلى ما يقوم به النظام السوري من تجنيس لإيرانيين وتغيير أسمائهم وكنياتهم وتوطينهم في منازل وأحياء سورية، بغية إحداث تغيير في التركيبة السكانية.

الباحث السوري جمعة محمد لهيب من جانبه، كتب عن ذلك في منشور مؤيد عبر فيسبوك، "من أوجب واجبات المؤسسات الدينية والثقافية، المحافظة على الهوية والكشف عن كل ما يهددها، ونحن نتعرض لحالة تهجير وتغيير ديمغرافي كما تعرض له اللبنانيون، والذين وبحسب احصاءات رسمية، بلغوا أكثر من عشرين مليون لبناني قطع علاقته مع بلده وشعبه، وهنا الخطر الذي جعل المؤسسات الدينية خاصة المسيحية منها في لبنان، تدق ناقوس الخطر، وتعمل على خلق أي طريق لارتباط اللبنانيين ببلدهم".

 

كنت قد اطلعت على ملخص مخل عن هذه الفتوى، وقلت أنها ساذجة، غفر الله لي جهلي وعجالتي.. بعداطلاعي عليها مفصلة الآن، رأيت...

Posted by ‎جمعة محمد لهيب‎ on Thursday, June 16, 2022

بدوره، اعتبر مطيع البطين المتحدث باسم المجلس الإسلامي عبر منشور له عبر فيسبوك، أن الفتوى الأخيرة "تاريخية"، لأنها تتناول قضيتين، أولها "الحديث عن ظاهرة تغيير للأسماء بأعداد كبيرة جدّاً، وهذا واقعاً ومستقبلاً يسهم في إضعاف الهوية، وخصوصاً في الواقع السوري الذي يعاني أبناؤه المهجرون من نظامٍ يُتلِف مستنداتهم ويحرقها لتضييع حقوقهم، ومِن مناهج مفروضة عليهم في دول اللجوء تزيدهم بعيداً عن هويتهم تحت دعوى الاندماج".

أما القضية الثانية، فلخّصها بـ "الإشارة الواضحة إلى ما تقوم به إيران من تغلغل يصعب محوه في المجتمع السوري من خلال التجنيس على أساس طائفي للميليشيات الشيعية متعددة الجنسيات، هذا التجنيس الذي يتم من خلاله تغيير الأسماء بما يوهم أنّ هؤلاء المجنسين هم أصلاء في هذا البلد، وهذا خطر كبير يسهم في شرعنة جريمة التغيير الديموغرافي لسورية" وفق رأيه.

 

الفتوى الصادرة عن مجلس الإفتاء السوري حول منع تغيير الأسماء. بعيداً عن الجدل الذي أحدثته هذه الفتوى فإنّ فيها قضيّتين...

Posted by ‎مطيع البطين‎ on Friday, June 17, 2022

وأكد مجلس الإفتاء في بيانه على أن الأصل في تغيير الاسم أو النسبة عند الحصول على الجنسية الأجنبية هو المنع، موضحًا "ما زال المسافرون والمهاجرون ينتقلون بين البلدان ويحصلون على جنسيات أخرى منذ عشرات السنين دون تغيير للأسماء والأنساب، كما إن تغيير الاسم لا يترتب عليه تلك الفوائد المتوهمة من اندماج في المجتمع ونحوها، والتي يمكن تحصيلها بغير هذه الطريقة"، وهذا ما تحدّث عنه سوريون غيّروا أسماءهم لاعتبارات تتعلق بتعرضهم للعنصرية، مؤكدين أن المضايقات خفّت بشكل كبير أو انعدمت بعد تغيير أسمائهم عند التجنسين.

لكن حول تغيير طريقة الاسم ليتوافق مع طريقة النطق في لغة البلد المتجنس فيها، فقال المجلس إنه "لا بأس به لأن الاسم يبقى والتغيير الطارئ عليه قليل، وكذا إضافة لواحق لاسم العائلة لتبدو كأسماء أهل البلد".

وعن ذلك كتبت الصحفية السورية نور مراد عبر حسابها في فيسبوك متهكمة، "يجوز تغيير كتابة الاسم أو إضافة لواحق إلى الكنية لتبدو كأسماء أهل البلد، التفسير: بس الأوغلو حلال، عالم غريب".

 

"يجوز تغيير كتابة الاسم أو إضافة لواحق إلى الكنية لتبدو كأسماء أهل البلد." التفسير: بس الأوغلو حلال. عالم غريب..

Posted by Nour H. Murad on Thursday, June 16, 2022

من جانبه، اعتبر الصحفي السوري وليد الآغا أن مسألة منع تغيير الأسماء والكنية مسألة قانونية وليست دينية، وأن تغيير المجنسين لأسمائهم وكنياتهم لا تتغير بالجنسية الأساسية والنفوس الأصلية للشخص في بلده الأم، موضحًا "نحن بعصر التكنولوجيا وبالقرن 21، يعني في طرق كثيرة ومتنوعة لإثبات الهويات والأنساب الأصلية، مالنا عايشين قبل 1400 سنة حتى يُخشى من هاد الأمر".

كما انتقد الآغا عبر منشوره في فيسبوك، المسألة التي اختارها المجلس للإفتاء بها، بوقت يعيش فيه السوريون ظروفًا صعبة في تركيا، تنضوي على مواقف عنصرية أو ترحيل قسري أو اعتداءات وصلت أحيانًا للقتل، يرى فيها الصحفي السوري أنها أولى للتناول من قبل مجلس الإفتاء السوري.

 

خلونا نحكي كلمتين جد عن موضوع فتوى المجلس الإسلامي السوري بتحريم تغيير الأسماء والكنيات باعتبار في ناس كتير شايفين...

Posted by ‎وليد الأغا‎ on Saturday, June 18, 2022

يذكر أن مجلس الإفتاء السوري يعرّف نفسه بأنه هيئة علمية شرعية سورية تتبع المجلس الإسلامي السوري، وتعنى "بإصدار الفتاوى الشرعية في النوازل على السوريين في قضايا الشأن العام، وفق الأصول العلمية الشرعية المتفق عليها عند علماء الأمة، بهدف الحد من فوضى الفتوى".