22-أكتوبر-2022
التدخل الإيراني في أوكرانيا قد يربك التوازن في العلاقات بين روسيا وإسرائيل (Getty)

التدخل الإيراني في أوكرانيا قد يربك التوازن في العلاقات بين روسيا وإسرائيل (Getty)

يأخذ التدخل الإيراني في الحرب الدائرة في أوكرانيا أصداء متصاعدة، مع تزايد التقارير التي تشير  إلى استخدام أسلحة إيرانية من قبل القوات الروسية. في هذا السياق، يبرز الموقف "الإسرائيلي" المتخوف من الدور الإيراني الداعم لروسيا في أوكرانيا، فقد يضع شراء روسيا للصواريخ والطائرات المسيرة الإيرانية دولة الاحتلال أمام معضلة قد تقودها لاتخاذ قرارات قد تؤثر على علاقاتها مع روسيا، والتي تمر بمرحلة فتور في الوقت الراهن، في ظل إشارات إلى أن أوكرانيا قد تصبح ساحة مواجهة بين دولة الاحتلال وإيران بطريقة غير مباشرة.

يأخذ التدخل الإيراني في الحرب الدائرة في أوكرانيا أصداء متصاعدة، مع تزايد التقارير التي تشير  إلى استخدام أسلحة إيرانية من قبل القوات الروسية

في هذا الإطار أجرى رئيس وزراء الاحتلال يائير لبيد اتصالًا هاتفيًا مع وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا تناول فيه آخر التطورات في أوكرانيا، وقد أعرب لبيد عن قلقه بشأن العلاقات العسكرية الروسية الإيرانية بعد تداول معلومات عن وجود إيراني في جزيرة القرم، والزيادة في استعمال المسيرات الانتحارية الإيرانية من قبل الروس، بحسب ما جاء في بيان صادر عن مكتب رئيس وزراء الاحتلال.

وبحسب مسؤول إسرائيلي تحدث لوكالة فرانس برس وطلب عدم كشف هويته، فإن تصريح لابيد يشير إلى المعلومات عن نقل طائرات مسيّرة إيرانية إلى روسيا. ووفقًا لتقارير عدة،  فقد أرسلت إيران مدربين عسكريين إلى شبه جزيرة القرم التي تحتلها روسيا منذ عام 2014، لمساعدة القوات الروسية على استخدام طائرات مسيرة إيرانية ضد المنشآت والقواعد في أوكرانيا.

واتهمت الحكومة الأوكرانية وحلفاؤها الغربيون روسيا باستخدام طائرات مسيرة إيرانية الصنع في هجمات ضد أوكرانيا في الأسابيع الأخيرة، حيث يبدو أن العلاقة العسكرية بين موسكو وطهران تتطور بسرعة. واستعملت روسيا الطائرات المسيرة الإيرانية  في هجماتها الأخيرة على مواقع الطاقة والبنية التحتية الأوكرانية، وتعتقد أوكرانيا أن روسيا استخدمت العشرات من الطائرات الانتحارية الإيرانية في هجمات على أهداف مدنية، خاصة في العاصمة كييف.

بالمقابل وفي محاولة منها لتفادي أزمة مع روسيا، كانت "إسرائيل" قد رفضت طلبات متكررة من أوكرانيا بتزويدها بالأسلحة الثقيلة بما فيها أنظمة الدفاع الجوي والمعدات العسكرية، كما امتنعت عن الموافقة على فرض عقوبات اقتصادية على روسيا. فقد أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس أن "إسرائيل لن تزود أوكرانيا بالسلاح"، بعد تحذير موسكو من إمداد كييف بأسلحة إسرائيلية، وقال غانتس "سياستنا تجاه أوكرانيا لن تتغير، سنواصل دعم الغرب والوقوف بجانبه، ولن نقدم أنظمة أسلحة". وتابع غانتس "تتبع إسرائيل سياسة دعم أوكرانيا من خلال المساعدات الإنسانية وتسليم المعدات المنقذة للحياة".

لكن وزير دفاع الاحتلال حذر في ذات الوقت خلال حديثه مع سفراء أوروبيين، من الدور الإيراني في الحرب الأوكرانية، ومن احتمال تزويد طهران لموسكو بالصواريخ والطائرات المسيرة، وقال غانتس "حين نتابع تورط إيران بالحرب في أوكرانيا، نرى أنها توفر طائرات مسيرة، وفي المستقبل القريب قد توفر أيضًا أنظمة متقدمة إضافية"، متهمًا الإيرانيين بـ "الكذب الممنهج، بشأن بيع الأسلحة لموسكو". وتابع أن "التدخل الإيراني مستمر، ويحدث أيضًا في العراق، وسوريا، ولبنان، واليمن، وأماكن أخرى".

يذكر أن دولة الاحتلال قد حصرت تعاونها مع أوكرانيا حتى الآن في مجال المساعدات الإنسانية، وشحنات معدات غير فتاكة، ودعمتها سياسيًا بعد تردد طويل بإدانة العمليات العسكرية الروسية. وبحسب موقع "آي 24" الإسرائيلي فقد أوضح خبراء أمنيون إسرائيليون بأن امتناع غانتس عن تزويد أوكرانيا بأنظمة دفاع جوي يعود لاعتبارات عملياتية. فهناك مخاوف من أن الدفع بأنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية في الحرب الأوكرانية قد يعرض برامج هذه الأنظمة لاحتمال الاختراق، وهو ما يعزز المخاوف لديها من التهديدات على الجبهة الشمالية. وقال قائد أركان جيش الاحتلال السابق غادي ايزنكوت إن "الاستجابة لمثل هذا المطلب يحطم القيود الاستراتيجية التي تحرص إسرائيل على التقيّد بها، فهي تشارك قدراتها مع حلفائها فقط"، مشددًا على "عدم استجابة الحكومة للضغوط الأوكرانية".

لكن القراءة الدبلوماسية تبقى الأكثر قدرة على فهم الوضع، بالنظر إلى أن هناك خشية "إسرائيلية" من أن تزويد أوكرانيا بنظام دفاع جوي إسرائيلي من شأنه دفع روسيا لنقل أنظمة دفاع جوي إلى سوريا، لا سيما وأن توتر العلاقات بين "إسرائيل" وروسيا أدّى إلى تقليل الضربات الإسرائيلية ضد الأهداف الإيرانية في سوريا خلال الشهر الماضي وحتى الليلة الماضية.

في حين حاولت إسرائيل مؤخرًا الحفاظ على توازن بين مصالحها الاستراتيجية مع روسيا، وعلاقاتها مع الغرب، تضيف التقارير عن دور إيراني في أوكرانيا تعقيدًا جديدًا للوضع

أمام هذا الوضع المركب، والذي حاولت فيه إسرائيل طوال الأشهر الماضية الحفاظ على توازن دقيق بين مصالحها الاستراتيجية مع روسيا، وعلاقاتها المضطربة نسبيًا مع الغرب، تضيف التقارير عن دور إيراني تعقيدًا جديدًا للوضع من وجهة نظر إسرائيلية. فيما يبدو أن هذا التوازن الذي حافظت عليه إسرائيل في علاقتها مع روسيا، يدخل تحديًا كبيرًا. هذه الخلاصة تعززها الأخبار القادمة عن قصف إسرائيلي لشحنة أسلحة إيرانية قرب دمشق. وهي الغارات الإسرائيلية الأولى منذ أسابيع.