07-فبراير-2025
فريد المذهان

فريد ندى المذهان المعروف باسم "قيصر سوريا" في أول ظهور إعلامي (فيسبوك)

حظي الظهور الإعلامي الأول لمنفذ أكبر عبر تسريب لجرائم نظام الرئيس السوري المخلوع، بشار الأسد، داخل السجون منذ عام 2011 حتى هروبه من البلاد فجر الثامن من كانون الأول/ديسمبر 2024، بتفاعل كبير على منصات التواصل الاجتماعي، خاصة أن هذا الظهور كشف عن جانب آخر من طريقة تعاطي النظام السوري السابق مع معتقلي الرأي الذي جرت تصفيتهم داخل أقبية التعذيب السورية.

وفي ظهوره الإعلامي الأول الذي كشف فيه عن هويته الحقيقية خلال برنامج "للقصة بقية" الذي بثته قناة الجزيرة، أطل الرجل المعروف باسم "قيصر سوريا" معرفًا عن نفسه للسوريين قبل الجمهور العربي بأنه المساعد أول، فريد ندى المذهان، المنحدر من محافظة درعا، والذي كان يشغل رئيس قلم الأدلة القضائية في الشرطة العسكرية التي كان مقرها يقع في منطقة القابون على أطراف العاصمة دمشق.

كشف المذهان في هذه المقابلة عن آلية عمل النظام السوري لتصفية المعتقلين في أقبية السجون السورية، وكيف جرد المعتقلين الذي خرجوا مطالبين بالحرية والعدالة الاجتماعية من أسمائهم، بتحويلهم إلى أرقام، موضحًا أن النظام السابق عمل منذ اليوم الأول لخروج الاحتجاجات المنادية بإسقاطه في 15 آذار/مارس 2011 على تصفية المعتقلين، وكيف كان رؤساء الأفرع الأمنية يحاولون إثبات ولائهم لهرم النظام بتصفية أكبر عدد من المعتقلين.

كشف المذهان في هذه المقابلة عن آلية عمل النظام السوري لتصفية المعتقلين في أقبية السجون السورية، وكيف جرد المعتقلين الذي خرجوا مطالبين بالحرية والعدالة الاجتماعية من أسمائهم، بتحويلهم إلى أرقام

وكان الرئيس الأميركي السابق، جو بايدن، قد أقر في 20 كانون الأول/ديسمبر 2019 قانون العقوبات الأميركية على سوريا، والذي عُرف لاحقًا بقانون "قانون قيصر لحماية المدنيين في سوريا للعام 2019". ونُسب القانون إلى "قيصر سوريا" الذي استطاع تسريب  آلاف الصور التي توثق أعمال التعذيب في سجون الأسد، وهو ما قدم دليلًا دامغًا للمجتمع الدولي يؤكد انتهاكات النظام السابق الممنهجة بحق المعتقلين، والتي أدت إخفاء مصير عشرات الآلاف قسريًا داخل السجون.

وكان لهذا الظهور الأولى لـ"قيصر سوريا" أن قوبل بتفاعل على منصات التواصل الاجتماعي، خاصة أن المذهان أراد من هذه المقابلة التواصل مع السوريين الذين عانوا من بطش وإجرام النظام السابق. موضحًا أن إجرام النظام السوري السابق كان مدفوعًا بالظن أنه سيكون "أمنًا" من ملاحقة المجتمع الدولي الذي وفر له الغطاء لمواصلة إجرامه بحق السوريين.

من هذا الجانب، يقرأ عساف العساف في تدوينة عبر صفحته على منصة "فيسبوك" الانفعالات الشخصية للمذهان خلال إطلالته الإعلامية الأولى، والتي يرى أنه لا يزال يدفع "ثمن خياره وانحيازه ( للضحايا والإنسانية وللحقيقة ولسوريا ) عزلة وخوفًا وقلقًا دائمين،  بادية كلها - لمن قرأ مابين  سطور كلامه -  في  حبسة اللسان وتقطيع الكلام  والنبرة الإخبارية للجمل ومجرى الكلام"، معتبرًا أنه الآن جاء "دور سوريا والسوريين في تحرير (أبو معتز) فريد المذهان، تحرير البطل من سجنه  الذي دخله منذ 12 سنة كاملة ويعيش فيه مع صور الضحايا وآلامهم وحكاياتهم وعذابات أهلهم".

أما الصحفي، قتيبة ياسين، فقد رأى في منشوره أن "قيصر سوريا" قام "بعمل بطولي بتسريبه 55 ألف صورة تثبت فظاعات القتل تحت التعذيب في سجون الأسد، والتي كان لها دور كبير في إصدار قانون عقوبات قيصر التي أنهكت النظام اقتصاديًا"، مشددًا على أن "هذه الشخصيات تستحق منا (السوريين) الشكر والتكريم على عملهم النبيل".

كذلك، رأى حمزة حمو في منشوره أن ملامح "قيصر سوريا" في المقابلة، ومن قبله صديقه أسامة العثمان، والذي ساعده بالهروب إضافة إلى تسريب عشرات آلاف الوثائق التي تدين النظام السابق، أظهرت "كمية التعب والقهر، ومستوى المسؤولية التي حملها الاثنان على عاتقيهما في خدمة ملف من الملفات التي قصمت ظهر النظام المجرم"، معتبرًا أن "مسيرتهم لم تنته بعد".

من جانبها، أعادت الكاتبة سميرة المسالمة التذكير بالمقابلة التي ظهر فيها وزير الداخلية في حكومة النظام السابق، محمد الشعار، قبل بضعة أيام، والتي حاول فيها تبرأة اسمه من انتهاكات النظام السابق خلال فترة توليه المنصب. إذ إنها كتبت: "فريد المذهان قيصر سوريا الذي أخرج الوحش من جحره، وحملت عيناه رسائل آلاف الأرواح المزهقة في معتقلات الأسد المجرم، يتلوى ضميره ألمًا لجرم لم يرتكبه، بينما يخرج علينا مسؤولون سوريون من رتبة وزير الداخلية محمد الشعار  أو قيادات في ميلشيات الدفاع الوطني وتجار مخدرات يخبروننا براحة ضمائرهم، وعقدهم مصالحات مع السلطة السورية ويتنعمون برغد عيش لم يعرفه هذا البطل السوري ابن حوران ورجل المهمات الصعبة".

أما الكاتب أحمد جاسم الحسين فقد قال في منشوره: "يبدو أن الصور تطارد الرجل (قيصر سوريا) ويعيش صراعًا إنسانيًا: كيف كان يصور الضحايا في سؤال وجودي متى سأنشق، هل تأخرت، هل هذه المهنة هي المهنة الملائمة لي؟ هل سيغفر لي السوريون أنني أؤرشف صور أولادهم؟"، مضيفًا أنه "كان يقول بعينيه: لست أنا البطل، ما أنا إلا مصور، الأبطال هم الضحايا"، وتابع متسائلًا "ما يحيرني ولا أستطيعه: كيف استطاع احتمال هذه الصور وهي تلاحقه سنوات قبل أن ينشق؟".