03-مايو-2018

أعلنت كامبريدج أناليتيكا إغلاق مكاتبها، ليؤسس فريقها شركة أخرى (Getty)

تراكمت الدعاوى القانونية على شركة كامبريدج أناليتيكا لتورطها في قضية تسريب بيانات ملايين من مستخدمي فيسبوك إليها؛ فحان وقت قطاف ثمار ما جنت على نفسها، وقد خسرت الكثير من عملائها الأهم، وتراكمت عليها الديون، وبات مصيرها محتومًا.

أعلنت شركة كامبريدج أناليتيكا المتهمة في قضية سرقة بيانات ملايين من مستخدمي فيسبوك، إجراءات إغلاق مكاتبها وإعلان إفلاسها

المصير المحتوم

كامبريدج أناليتيكا الشركة البريطانية المختصصة في تحليل البيانات الرقمية، متهمة باستخدام حسابات ملايين من مستخدمي فيسبوك دون إذنٍ منهم، و قد بدأ الحديث عن فضيحة تمرير فيسبوك لبيانات 50 مليون مستخدم أمريكي وبريطاني بالإضافة إلى 57 مليار رابط صداقة عبر فيسبوك لشركة كامبريدج أناليتيكا، وذلك في إطار مشروع "للتعرف على اتجاهات الناس من خلال بياناتهم الرقمية".

اقرأ/ي أيضًا: كامبريدج أناليتيكا وفيسبوك.. تورط سياسي لصالح من يدفع أكثر!

ومع ذلك لا زالت الشركة تصر على نفي مسؤوليتها عن ارتكاب أي مخالفات، وتدعي أن "التغطية الإعلامية السلبية" للقضية، هي السبب في تركها دون عملاء وبخسارة كبيرة، وتحت طائل الكثير من الدعاوى القانونية.

ووفقًا لصحيفة الغارديان البريطانية، فإن الشركة الأم لكامبريدج أناليتيكا، شركة "إي سي إل"، سوف تغلق بعد أن أعلنت إفلاسها لتراكم الديون عليها وتعسر سدادها لها.

وبالفعل بدأت الشركة بإخلاء مكاتبها في بريطانيا والولايات المتحدة، تمهيدًا للإغلاق، الذي يتوازى معه ترتيب إجراءات إعلان الإفلاس، الذي لا زالت الشركة تحمل مسؤوليته لـ"التغطية الإعلامية السلبية"، مبرأة نفسها من انتهاك خصوصية ملايين الأشخاص.

ويقف خلف تلك الفضيحة الباحث ألكسندر كوغان، الذي قام بجمع البيانات الشخصية لمستخدمي فيسبوك من خلال واجهة برمجة التطبيقات المسماة "GRAPH API" وهي واجهة التطبيقات التي يتعامل معها فيسبوك، والتي سمحت بدورها لكوغان بسحب بيانات من المستخدمين وأصدقائهم، بما في ذلك حالات الإعجاء والأنشطة وتسجيلات الدخول والصور ومعلومات الخاصة كالدين والاتجاهات السياسية وتفاصيل العلاقات الاجتماعية.

وقال كريستوفر ويلي، الذي كشف قضية كامبريدج أناليتيكا، أن بيانات مستخدمي فيسبوك، تم استغلالها في في أحداث سياسية هامة، مثل التأثير في نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وذلك باستخدام البيانات في تطبيقات تعمل على استهداف أصحاب البيانات وتوجيههم بإعلانات شخصية مكثفة.

يحتمل أن إغلاق شركة كامبريدج أناليتيكا ليست إلا مناورة لقطع الطريق على التحقيقات (Getty)
يحتمل أن إغلاق شركة كامبريدج أناليتيكا ليس إلا مناورة لقطع الطريق على التحقيقات (Getty)

من جانبه، لا يزال ألكسندر كوغان، مصرًا على أنه تم استخدامه كبش فداء لتحمل المسؤولية عن هذه القضية برمتها. وقد صرح لـ"بي بي سي" قائلًا: "وجهة نظري هي أنني يتم استخدامي بشكل أساسي ككبش فداء من قبل كل من فيسبوك و كامبريدج أناليتيكا.  بصراحة، كنا نظن أننا نتصرف بشكل مناسب. كنا نظن أننا نفعل شيئًا طبيعيًا حقًا".

هل حقًا انتهت كامبريدج أناليتيكا؟

من جانبه أعرب داميان كولينز رئيس اللجنة البرلمانية البريطانية المعنية باختراق البيانات الشخصية، عن قلقه من أن إغلاق كامبريدج أناليتيكا قد يعرقل التحقيقات في القضية. 

وتكمن المفاجأة فيما صرح به ألكسندر نيكس، المدير التنفيذي السابق لكامدبريج أناليتيكا، الذي تمت إقالته أواخر آذار/مارس الماضي، من أن الشركة تستخدم خادم بريد إلكتروني للتدمير الذاتي لمحو تاريخها وبياناتها الرقمية.

ونقلًا عن الغارديان، قال نيكس: "لا أحد يعرف أن لدينا هذا النظام، حيث نضع رسائل البريد الإلكتروني الخاصة بنا مع جهاز توقيت للتدمير ذاتي، فبعد إرسال الرسائل، والتأكد من قراءتها، تدمر ذاتيًا ويختفي كل شيء في غضون ساعتين"، مؤكدًا: "لا يوجد دليل، لا توجد مستندات ورقية. لا يوجد شيء"!

يعني ذلك احتمال أن كامبريدج أناليتيكا لم تفلس، وأن إغلاقها ليس إلا محاولة لقطع الطريق أمام التحقيقات التي قد تكشف المزيد من الفضائح التي هي ربما مرتبطة بشكل مباشر بكبار الساسة البريطانيين والأمريكيين.

حسنًا، ما يعزز من هذا الاحتمال على أي حال، هو ما أشارت إليه الغارديان، من أن الفريق الذي يقف وراء كامبريدج أناليتيكا، أسس بالفعل شركة جديدة "غامضة"، تدعى إميرداتا (Emerdata)، والتي تضم وفقًا لبيانات سجلها الرسمي، مدراء كانوا مدراء في كامدبريج أناليتيكا، من بينهم ألكسندر نيكس.

من المحتمل أن إغلاق كامبريدج أناليتيكا وإعلان إفلاسها، ليس إلا مناورة لقطع الطريق على التحقيقات، خاصة وأن فريقها أنشأ شركة جديدة!

إذن، وبالعودة لسؤال: هل انتهت بالفعل كامدريج أناليتيكا، فالجواب هو أنه لا يمكن الجزم بذلك، بل على الأرجح أنها غيّرت جدلها فقط، لحاجة في نفس يعقوب، غالبًا هي قطع الطريق أمام التحقيقات، والبدء من جديد بكل البيانات ومعظم الطاقة البشرية، مع اختلاف المسميات.

 

اقرأ/ي أيضًا:

شهادة من داخل كامبريدج أناليتيكا: تعاملنا مع بيانات فيسبوك كـ"الغرب المتوحش"؟

الأجندة السرية لاختبارات فيسبوك