26-سبتمبر-2018

تشهد مدينة البصرة تصعيدًا جديدًا (Getty)

برصاصة في الرأس أطلقها مسلح مكشوف الوجه من مسافة قريبة جدًا، اغتيلت الناشطة في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان في البصرة، سعاد العلي، في وضح النهار، بعد أيام من نشر صور لها مع القنصل الأمريكي في المدينة، التي تشهد تصعيدًا احتجاجيًا جديدًا بعد فشل الحكومة بتوفير المياه الصالحة للشرب حتى الآن.

أظهرت كاميرا مراقبة، لحظة مقتل الناشطة في منطقة العباسية، سعاد العلي، الثلاثاء 25 أيلول/ سبتمبر، حيث اقترب مسلح مكشوف الوجه  منها وأطلق عليها النار

وأظهرت كاميرا مراقبة، لحظة مقتل الناشطة في منطقة العباسية، وسط المدينة، الثلاثاء 25 أيلول/ سبتمبر، حيث اقترب مسلح مجهول منها وشخص آخر كان معها، بينما كانا يهمان بركوب سيارتهما، وأطلق رصاصة على مؤخرة رأسها أسفرت عن مقتلها في الحال، ثم أطلق رصاصة ثانية نحو مرافقها الذي أصيب في الهجوم.

وترأست الناشطة القتيلة منظمة "الود العالمي" لحقوق الإنسان التي نشرت على موقعها الإلكتروني صورة لها، يبدو أنها التقطت مطلع الشهر الحالي، أثناء مشاركتها مع مجموعة نساء في مظاهرات البصرة، وكتبت تعليقًا عليها: "نقف إلى جانب إخوتنا وأبنائنا وعائلاتنا في بصرتنا".

اقرأ/ي أيضًا: تظاهرات البصرة.. رهان النجاة من مقامرة ميليشيات المحاصصة

وكانت سعاد العلي من مؤيدي الاحتجاجات التي نُظمت في البصرة، ضد نقص الخدمات وانعدام مياه الشرب وارتفاع معدلات البطالة في المحافظة الغنية بالنفط، والتي اتخذت منحىً عنيفًا لاحقًا، حيث أضرمت النار في عدد من المباني الحكومية والسياسية، وكذلك القنصلية الإيرانية ومقر لقوات "الحشد الشعبي"، بعد مقتل أشخاص في مواجهات مع الشرطة.

من جانبها، لم تصدر السلطات أي تعليق رسمي حول الحادث، فيما انتشرت رواية حول الحادث نسبت إلى شرطة البصرة، ذكر فيها أن القاتل هو "زوج الناشطة سعاد العلي السابق، وأن الذي أصيب هو سائقها الخاص"، فيما لم يتم التحقق من دقة تلك المعلومات.

ويأتي مقتل العلي وهي أم لأربعة أطفال، بعد أيام من نشر مواقع على وسائل التواصل الاجتماعي صورًا لها، مع القنصل الأمريكي في البصرة تيمي ديفيس، ضمن مجموعة صور لناشطين اتهموا بـ"العمالة" والتحريض على حرق مقر القنصلية الإيرانية من قبل وسائل إعلام إيرانية، وهو ما تبعته حملة اعتقالات طالت نحو 30 ناشطًا ومتظاهرًا.

واتهم ناشطون عراقيون، فصائل مسلحة كانت هددت بمعاقبة "المسؤولين" عن إحراق القنصلية الإيرانية ومقار لها، بالوقوف وراء مقتل العلي، محذرين من تصفية ناشطين آخرين في المحافظة، في حين طالبت منظمات حقوقية الحكومة، بفتح تحقيق عاجل في الحادث وتقديم الجناة إلى العدالة.

وكان ناشطون وصحافيون عدوا في وقت سابق، الاتهامات التي أطلقتها طهران، "تحريضًا لأذرعها في العراق على ارتكاب العنف وربما قتل الناشطين والمتظاهرين في البصرة"، بعد نشر صورهم ومعلومات مفصلة عنهم، مطالبين بتوفير حماية مسبقة للناشطين المذكورين، وجميع الناشطين الآخرين، والتعامل مع الأمر على أنه تهديد.

وتشهد البصرة تصعيدًا احتجاجيًا جديدًا، حيث هدد العشرات من أهالي قضاء أبي الخصيب الذي يقطنه نحو 450 ألف شخص، مؤخرًا، بقطع الخط الناقل للنفط إلى موانئ التصدير وتوقيف جميع موانئ أبو فلوس ومحطة غاز السيلة، في حال عدم حل أزمة المياه، مطالبين بإنشاء سد ومحطة تحلية للمياه في القضاء، ومد أنبوب كبير لنقل المياه إلى مركز مدينة أبي الخصيب.

من جانبها قالت المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق، الجمعة 21 أيلول/ سبتمبر، إن حصيلة المصابين بالتسمم في البصرة، ارتفعت إلى 70 ألف شخص، جراء تلوث مياه الشرب، وطالبت المفوضية في بيان لها "الحكومتين المركزية والمحلية، بتقديم إيضاح لمواطني البصرة عن أسباب التلكؤ بزيادة الإطلاقات المائية (لنهري دجلة والفرات) ومن يقف وراءها، وأسباب الأزمة الحقيقية، والمسؤولين المقصرين، وأسباب عدم إعلان حالة الطوارئ".

اقرأ/ي أيضًا: البصرة تزف شهيدًا جديدًا.. التصعيد وخيارات الضرورة

وتعتمد البصرة في الغالب على مياه شط العرب لتغذية مشاريع الإسالة، إلا أن نسبة الأملاح الذائبة في المياه بلغت مؤخرًا (7500 TDS)، بحسب وزارة الموارد المائية، في حين تقول منظمة الصحة العالمية إن النسبة تصبح غير مقبولة في حال تجاوزت (1200 TDS).

يأتي مقتل العلي  بعد أيام من نشر مواقع على وسائل التواصل الاجتماعي صورًا لها، مع القنصل الأمريكي في البصرة، ضمن مجموعة صور لناشطين اتهموا بـ"العمالة" والتحريض على حرق مقر القنصلية الإيرانية

وكانت وتيرة الاحتجاجات الشعبية في البصرة قد تراجعت بعد انفلات الأوضاع في المدينة خلال الاسبوع الأول من شهر أيلول/سبتمبر، حيث اتخذت القوات الأمنية في المدينة إجراءات أمنية مشددة عقب ذلك، فيما هددت باعتقال "المندسين" المسؤولين عن عمليات الحرق والتخريب التي جرت في المدينة، لكن مصادر داخل المحافظة أشارت إلى أن الاعتقالات تطال حتى الآن ناشطين معروفين فقط ومتظاهرين "سلميين".

واتهم  ناشطون ومتظاهرون، "أذرعًا مسلحة تابعة لجهات سياسية"، بارتكاب أعمال عنف في البصرة، لتبرير قمع التظاهرات واعتقال المطالبين بالخدمات، فيما حذرت منظمات حقوقية ومدنية من شن حملات اعتقال ضد المتظاهرين والناشطين في المدينة، كجزء من عمليات ملاحقة "المندسين" التي توعدت السلطات العراقية بشنها.

وفاقت حصيلة ضحايا الاحتجاجات في البصرة منذ اندلاعها قبل نحو ثلاثة أشهر، 25 قتيلًا ومئات الجرحى.

 

اقرأ/ي أيضًا:

شبح الكوليرا وغول التهميش.. البصرة وحدها تقاتل

آلاف حالات التسمم في البصرة.. مشهد مكتمل لمدينة منكوبة