23-يوليو-2022
تعقيدات جديدة في المشهد الليبي (تويتر)

تعقيدات جديدة في المشهد الليبي (تويتر)

أوقف رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة وزير الداخلية خالد مازن عن العمل، وكلف وزير الحكم المحلي بدر الدين التومي بتسيير شؤون الوزارة إلى حين الانتهاء من التحقيقات حول ما جرى من تصعيد أمني في العاصمة الليبية طرابلس. ويأتي هذا الإيقاف على خلفية الاشتباكات المسلحة التي شهدتها العاصمة الليبية  الخميس ليلًا والتي تجددت الجمعة صباحًا، وأدت في آخر حصيلة أعلنتها غرفة الطوارئ التابعة لوزارة الصحة الليبية إلى مقتل 16 شخصًا بينهم 6 مدنيين وإصابة أكثر من 30 آخرين.

اندلعت الاشتباكات بين جهاز الردع وقوة عسكرية تابعة للمجلس الرئاسي بمنطقتين شرقي العاصمة الليبية

واندلعت الاشتباكات بين جهاز الردع وقوة عسكرية تابعة للمجلس الرئاسي بمنطقتين شرقي العاصمة الليبية، ويعود سبب اندلاع الاشتباكات إلى إقدام قوة تابعة للحرس الرئاسي على اختطاف عقيد يتبع لجهاز الردع بحسب ما صرح به مصدر أمني ليبي رفض الكشف عن هويته لوكالة الأناضول.

وتم تداول مقاطع فيديو عبر مواقع التواصل الاجتماعي تظهر تبادل لإطلاق النار بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة وأرتالًا عسكرية تتحرك بعتادها في الشوارع. وأثارت الاشتباكات التي اندلعت في الأحياء الشرقية لطرابلس بعد منتصف ليل الخميس الذعر في صفوف السكان وبالشوارع المزدحمة، في حين بثت مقاطع فيديو لسيدات في صالة أفراح موجودة بمنطقة الاشتباكات يتم إخراجهن مع أطفالهن.

هذا ونجح اللواء 444 التابع لرئاسة أركان الجيش بصفته قوة محايدة في التدخل لفض الاشتباكات، ونجح في الانتشار بعدد من المواقع التي شهدت المواجهات. وبعد عودة الهدوء بدأت فرق من مديرية أمن طرابلس بفتح الطرقات الرئيسية في المناطق التي شهدت الاشتباكات في أحياء عين زارة والفرناج، وإزالة السواتر الترابية فيها، ونقل السيارات المحترقة من وسطها. 

في الإثناء طالب المجلس الرئاسي الليبي في بيان له جميع الأطراف المتصارعة في العاصمة الليبية بوقف إطلاق النار والعودة إلى مقارها، كما دعا المجلس النائبَ العام والمدعيَ العام العسكري إلى "فتح تحقيق شامل في أسباب الاشتباكات، مطالبًا وزيري الدفاع والداخلية بحكومة الوحدة بـ "اتخاذ التدابير اللازمة لفرض الأمن بالعاصمة". وفي وقت لاحق أعلن المتحدث الرسمي باسم حكومة الوحدة الوطنية محمد حمودة أن "جهاز الردع أعلن التزامه بوقف الاشتباك بعد جهود متواصلة من رئيس المجلس الرئاسي ورئيس مجلس الوزراء"، وأشار حمودة إلى أن  "رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، ورئيس الحكومة وزير الدفاع عبد الحميد الدبيبة، ورئيس الأركان محمد الحداد، ورئيس جهاز المخابرات، ورئيس جهاز الأمن الداخلي، والمدعي العسكري، عقدوا اجتماعًا حول الأوضاع في طرابلس اليوم الجمعة"، لكن من دون أن يعطى تفاصيل عن نتائج الاجتماع. 

كما طالبت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا بالتحقيق في أحداث طرابلس، مشيرة إلى أن أي عمل يعرض حياة المدنيين للخطر هو أمر غير مقبول، داعية جميع الأطراف لممارسة أقصى درجات ضبط النفس، ومعالجة نزاعاتهم من خلال الحوار والالتزام بالتزاماتهم بموجب القانون الوطني والدولي لحماية المدنيين والبنية التحتية المدنية.

من جهتها أعربت مبعوثة الأمين العام للأمم المتحدة المستشارة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا ستيفاني وليامز عن غضبها جراء الاشتباكات التي شهدتها العاصمة طرابلس، وكتبت على تويتر "أنا غاضبة من أعمال العنف التي اندلعت في طرابلس الليلة الماضية والتي راح ضحيتها عدة أشخاص بينهم نساء وأطفال في حفل زفاف"، وتابعت ويليامز "يعد الاستخدام العشوائي للأسلحة في منطقة حضرية مكتظة بالسكان دون حماية المدنيين انتهاكًا جسيمًا للقانون الدولي الإنساني وجريمة يعاقب عليها القانون.  يجب أن يتوقف هذا القتال!  يجب حماية المدنيين ومحاسبة الجناة".

وفي نفس السياق، عقد رئيس المجلس الأعلى للدولة في ليبيا خالد المشري اجتماعًا مع المستشارة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا تناول "الشكل النهائي لملف  القاعدة الدستورية المعروضة حاليًا للاعتماد من المجلسين"، كما تم مناقشة الوضع الأمني في العاصمة الليبية التي شهدت اشتباكات مسلحة، واتفقا على "إدانة أي نوع من استخدام القوة أو العنف، وعلى ضرورة ضبط السلطة التنفيذية الوضع الأمني".

وفي الشق السياسي وفي خطوة تزيد من تعميق الانقسام الحاصل في ليبيا، أعلن رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح أمس الخميس أنه قرر تسمية شخصيات للمناصب السيادية بالدولة وفق "اتفاق بوزنيقة" بالمغرب. جاء ذلك في خطاب وجهه رئيس مجلس النواب للمستشارة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة ستيفاني وليامز ذكر فيه  أن "مجلس النواب قرر توحيد المؤسسات السيادية وتسمية من يتولى إدارتها، في إطار تفعيل ما تم التوافق عليه بين مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة في بوزنيقة"، وأضاف أن "مجلـس النواب التزم في وقت سابق بإحالة ملفات المرشحين لهذه المناصب، أما مجلس الدولة فلم يلتزم بإعداد 3 ملفات للاختيار من بينهم".

وأوضح صالح أن "عدم البتّ في تسمية من يتولى هذه المناصب خاصة الرقابية والمحاسبية والمالية ترتب عليه استمرار حالة الانقسام المؤسساتي وانتشار الفساد في مؤسسات الدولة، كما أن التأخر في تسمية شاغلي تلك المناصب تسبب في تزايد ضغوط الرأي العام لتنفيذ مخرجات اتفاق بوزنيقة، وتوحيد هذه المؤسسات وتسمية مَن يشغلها"، وكرر صالح دعوة المجلس الأعلى للدولة بالرد وإحالة ملفات المترشحين للمناصب السيادية خلال أسبوعين من تاريخ الخطاب.

ومن المقرر أن يختار مجلس الدولة ثلاثة أسماء لكل منصب من أصل 13 اسمًا قام مجلس النواب بترشيحهم بشكل مبدئي، ليتولى النواب بعد ذلك اختيار شخصية واحدة من الثلاث لكل منصب. هذا ولم يصدر أي تعليق من المجلس الأعلى للدولة بشأن ما ورد في خطاب رئيس مجلس النواب.

يشار إلى أن جلسات الجولة الخامسة للحوار بين مجلسي النواب والأعلى للدولة في "لجنة 13+13" عقدت في مدينة بوزنيقة المغربية في كانون الثاني/يناير 2021 لبحث اختيار المناصب السيادية. وتضم اللجنة 13 عضوًا من مجلس النواب، ومثلهم من المجلس الأعلى للدولة، ومن بين مهامها البحث في ملف اختيار المناصب السيادية. والمناصب السيادية التي تباحث أعضاء "لجنة 13+13" حولها هي منصب رئيس المجلس الأعلى للقضاء، والنائب العام الليبي، ورئيس البنك المركزي، ورئيس مؤسسة النفط، ورئيس المخابرات العامة.

على مدى الأسابيع القليلة الماضية شهدت الساحة الليبية العديد من الأحداث والانزلاقات تشير إلى أن الأوضاع ذاهبة إلى التعقيد

وعلى مدى الأسابيع القليلة الماضية شهدت الساحة الليبية العديد من الأحداث والانزلاقات تشير إلى أن الأوضاع ذاهبة إلى التعقيد ولا إشارات عن انفراج في المشهد السياسي أو الأمني في البلاد.