بعد احتجاج المحررين.. ويكيبيديا تُوقف تجربة تلخيص المقالات بالذكاء الاصطناعي
12 يونيو 2025
قررت مؤسسة ويكيميديا، الجهة غير الربحية التي تستضيف وتطوّر موسوعة ويكيبيديا، إيقاف تجربة تجريبية لاستخدام الذكاء الاصطناعي في تلخيص المقالات، وذلك عقب رد فعل سلبي حاد من مجتمع المحررين المتطوعين في الموسوعة.
و وفقًا لما نشره موقع 404 Media، كانت التجربة، التي أُعلن عنها في 2 حزيران/يونيو الجاري، تهدف إلى عرض ملخصات مُولدة آليًا في أعلى مقالات ويكيبيديا للمستخدمين الذين فعّلوا إضافة متصفح خاصة. وكانت هذه الملخصات مرفقة بعلامة صفراء تحذر من أنها "غير مُتحقّق منها"، ويمكن للمستخدمين النقر لقراءتها.
أحد المحررين كتب: فقط لأن غوغل أطلقت ملخصاتها الذكية، لا يعني أننا بحاجة لمنافستها. أرجوكم لا تختبروا هذا
لكن المبادرة قوبلت بسيل من الاعتراضات على صفحات النقاش، أبرزها في قسم "النافورة التقنية" (VPT) الخاص بالنقاشات الفنية. أحد المحررين كتب: "فقط لأن غوغل أطلقت ملخصاتها الذكية، لا يعني أننا بحاجة لمنافستها. أرجوكم لا تختبروا هذا، لا على الهواتف ولا في أي مكان آخر. هذه الخطوة ستُلحق ضررًا فوريًا ولا يمكن إصلاحه بسمعتنا". وأضاف آخر: "لقد أصبحت ويكيبيديا مرادفًا للرصانة والجدية، وهذا أمر ممتاز. لا تهينوا ذكاء قرائنا." وعلّق محرران آخران ببساطة: "مقزز".
المحررون عبّروا عن قلقهم من أن توليد المحتوى آليًا يفتح الباب لارتكاب أخطاء جسيمة أو تقديم معلومات مضللة، وهي مشكلات موثقة فيما يُعرف بـ"هلوسات الذكاء الاصطناعي". وأكدوا أن هذا النوع من الملخصات يضع محتوى غير خاضع للتحرير البشري في مقدمة المقالات، ما يقوّض سنوات من العمل على ترسيخ مبدأ الحياد والموثوقية في الموسوعة.
وقال أحدهم: "تقديم ملخص آلي في أعلى المقالة يعادل منح التحرير لمحرر واحد يعاني من مشاكل حياد وموثوقية معروفة، دون أي قدرة للآخرين على التدخل. هذه ضربة قاصمة لفكرة ويكيبيديا كموسوعة جماعية".
وفي بيان عبر البريد الإلكتروني، أوضحت مؤسسة ويكيميديا أن التجربة كانت تهدف إلى جعل المحتوى أكثر سهولة لذوي مستويات القراءة المختلفة، لا سيما أن بعض المقالات تحتوي على مفاهيم تقنية معقدة. وقالت المؤسسة إن الملخصات كانت تُولد باستخدام نموذج مفتوح المصدر يُدعى Aya من شركة Cohere، وأضافت: "نرحب دومًا بالتعليقات البنّاءة، وهذا ما يجعل ويكيبيديا منصة تعاونية فريدة".
وأكدت المؤسسة أنها لن تُطلق أي ميزات قائمة على الذكاء الاصطناعي دون إشراك المحررين بشكل فعّال، مشيرة إلى أهمية وجود آليات مراجعة بشرية لأي محتوى يتم توليده آليًا مستقبلًا.
ووفقًا لوثائق المشروع، تم اقتراح تجربة "الملخصات البسيطة" لأول مرة خلال مؤتمر "ويكيمانيا 2024"، كوسيلة لتحسين تجربة التعلم عبر تسهيل المحتوى، شرط أن يتم تمييز المحتوى الآلي بوضوح، وتوفير آلية للتبليغ عن الأخطاء.
لكن التجربة أثارت جدلًا حول هوية ويكيبيديا كموسوعة يقودها البشر، في وقت تتسابق فيه شركات التقنية نحو تبني حلول الذكاء الاصطناعي بوتيرة غير مسبوقة. وعلى عكس منصات أخرى، لا تزال ويكيبيديا تُعد من أقل المواقع تأثرًا بموجة المحتوى الرديء الناتج عن الذكاء الاصطناعي.