19-يناير-2023
gettyimages

إلغاء تعيين درعي استمرارية للصراع بين الائتلاف الحكومي والمحكمة العليا الإسرائيلية (Getty)

تسبب قرار المحكمة العليا الإسرائيلية، بإبطال تعيين زعيم حزب شاس أرييه درعي وزيرًا في الحكومة الإسرائيلية، بأحداث هزة داخل الحكومة، وذلك باعتبار أن القرار يوجه ضربةً للائتلاف الحالي، الذي تشكل بعد مشاورات طويلة  بين رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وأحزاب اليمين، تخللها إيجاد مناصب جديدة وتغيير أسماء وزارات، وصولًا إلى تعيين وزيرين في وزارة واحدة. كما أن القرار يترافق مع حملة كبيرة من قبل الائتلاف الحكومي اليميني ضد المحكمة العليا، للمطالبة بـ"إصلاحها" وسحب بعض صلاحياتها.

تسبب قرار المحكمة العليا الإسرائيلية، بإبطال تعيين زعيم حزب شاس أرييه درعي وزيرًا في الحكومة الإسرائيلية، بأحداث هزة داخل الحكومة، وذلك باعتبار أن القرار يوجه ضربةً للائتلاف الحالي

وأعلنت المحكمة الإسرائيلية العليا، مساء الأربعاء، عن إبطال تعيين درعي، بسبب ماضيه الجنائي وذلك بعد اعترافه بتهم متعلقة بالفساد، بالإضافة إلى تضليل المحكمة، وذلك بعد عقده صفقة إقرار بالذنب سابقًا من أجل الحصول على حكم مخفف، اشتملت على وعده بعدم الدخول في الحياة السياسية من جديد، وكان القرار قد صدر بأغلبية 10 أعضاء من قضاة المحكمة العليا، مقابل رفض عضو واحد للقرار (لم يصوت للقرار بدون رفض قاطع)، بما في ذلك قضاة المحكمة العليا الذين يصنفون بأنهم من أصحاب التوجهات الأقرب لليمين.

وفي أول تعليق يصدر عنه على قرار المحكمة، قال درعي أمام مناصريه بعد جلسة مغلقة مع مسؤولين في حزب "شاس"، مساء الأربعاء، "لا شك لدي أن هذا القرار ستكون له نهاية جيدة"، وأضاف "سوف ندرس القضية في الأيام القادمة، ونقرر ماذا نفعل"، وخلال حديثه رد على  قرار المحكمة العليا، بالقول: "سيغلقون الباب أمامنا، سندخل من النافذة، وإذا ما سيغلقون النافذة أمامنا، سوف نخترق السقف"، وهي إشارة إلى رفضه الابتعاد عن المشهد السياسي، تنفيذًا لقرار المحكمة العليا.

ووصل رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتانياهو، إلى منزل درعي في القدس المحتلة، ليعرب عن تضامنه معه، قائلًا: "عندما يكون أخي في حاجة، سأتي إليه"، وحضر اللقاء الذي استمر 40 دقيقة، وزير الاتصالات شلومو كاراي، وفعليًا كان نتنياهو يريد التأكد من موقف حزب شاس تجاه الائتلاف الحكومي.

ولاحقًا، أصدر قادة أحزاب الائتلاف بيانًا يعبرون فيه عن دعمهم لدرعي وحزب شاس، جاء فيه، أن "قدرته غير العادية، وخبرته الواسعة تحتاجها الدولة، وبغض النظر عن الظلم الشخصي الشديد الذي لحق بالوزير درعي نفسه، فإن الحكم يعتبر ظلمًا كبيرًا لأكثر من مليوني مواطن، غالبية الشعب الذين صوتوا لصالح حكومة بقيادة بنيامين نتنياهو، يلعب فيها أرييه درعي دورًا مركزيًا وهامًا"، وتابع البيان "سنتصرف بأي طريقة قانونية متاحة لنا، ودون تأخير لتصحيح الظلم والضرر الجسيم الذي لحق بالخيار الديمقراطي، وسيادة الشعب".

وأفاد الموقع الإلكتروني لصحيفة "يديعوت أحرنوت"، أن عددًا من قادة الأحزاب المشاركة في الائتلاف الحكومي طالبوا نتنياهو بأن يرفض تنفيذ أمر المحكمة العليا، وأن يعلن بأن قرارها بإقالة درعي يقع خارج نطاق صلاحيتها.

getty

من جانبه، قال وزير العدل ياريف ليفين بأنه "آسف جدًا، لأن رؤساء القضاء فشلوا في احترام خيار الشعب، وقرار الكنيست بإعطاء الثقة للحكومة"، مؤكدًا أنه "سيعمل كل ما بوسعه، من أجل إبطال الظلم بحق الوزير درعي، وحركة شاس والنظام الديمقراطي في إسرائيل".

بدوره، قال وزير الثقافة والرياضة ميكي زوهار إن "مئات الآلاف من المواطنين الإسرائيليين ذهبوا إلى صناديق الاقتراع، وانتخبوا ديمقراطيًا أرييه درعي، وقررت المحكمة العليا إلغاء تصويتهم"، وأضاف أن "الإصلاح القانوني مطلوب الآن أكثر من أي وقت مضى، يجب علينا استعادة ثقة الجمهور في نظام العدالة". 

كما دعا وزير التراث والقدس وعضو حزب عظمة يهودية (حزب إيتمار بن غفير) عيمخاي إلياهو، إلى معارضة تنحية درعي من مناصبه في الحكومة، قائلًا: "أدعو أعضاء  الحكومة إلى عدم الانصياع لحكم محكمة العدل العليا"، وتابع "هذا قرار غير قانوني، يجب تعزيز إصلاح النظام القضائي بسرعة".

من جهته، أعلن رئيس المعارضة يائير لابيد، أنه "لابد من إقالة رئيس حزب شاس أرييه درعي، وإلا لن تكون إسرائيل دولة ديمقراطية ودولة قانون".

هذا وهاجم حزب "شاس" قرار المحكمة العليا، قائلًا: "اليوم قضت المحكمة بالفعل بأن الانتخابات لا معنى لها، وقرار المحكمة سياسي ومشوه بعدم يقين كبير"، وأضاف  "الاستبعاد الفاضح لرئيس حزب شاس من منصب الوزير، ليس فقط ضررًا شخصيًا لدرعي، بل هو ضرر شديد ولاذع لجميع ناخبي شاس وأنصارها"، وتابع الحزب "تشعر شرائح واسعة من المجتمع الإسرائيلي اليوم بأنها مستبعدة من قبل المحكمة، حزب شاس برمته مصدوم من القرار التعسفي، الذي ليس له سابقة في المحكمة العليا، ويخالف القانون والعدالة، ونعتبره انتهاكًا خطيرًا لحق الاختيار والترشح، الذي هو حجر الزاوية للحياة الديمقراطية".

في الوقت نفسه، تخطط الحكومة لتسريع مبادرات ليفين لتغيير النظام القانوني، لكن ليس من المؤكد أنها ستساعد في إعادة درعي إلى الحكومة، فقد أشارت القناة 12 الإسرائيلية، إلى أنه من غير المتوقع أن يعود درعي لمنصبه كوزير في الحكومة الإسرائيلية الحالية على المدى المنظور، بسبب التعقيدات القانونية التي ستقيد أي "خطوة قد تتخذها الحكومة لإعادة شرعنة تعيين درعي وإعادته للسلطة".

وكانت المحكمة العليا الاسرائيلية، قد قضت بأن على نتنياهو أن يقيل درعي من منصبه في الحكومة. وقال متحدث باسم المحكمة العليا إنها "قبلت بأغلبية 10 قضاة الطعن بمنع تعيين أرييه درعي زعيم حزب شاس وزيرًا للداخلية في حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بسبب إدانته في قضية جنائية".

وجاء في القرار إن تعيين درعي وزيرًا للداخلية ووزيرًا للصحة "يتجاوز حدود المعقولية"، وأضاف القرار أن "معظم القضاة قرّروا أن هذا التعيين كان معيبًا بشدة، ولا يمكن القبول به، وبالتالي على رئيس الحكومة إقالة درعي من منصبيه"، بالإضافة إلى كذب درعي على المحكمة سابقًا عند الإعلان عن عدم نيته عدم المشاركة في أيّ عمل سياسي في المستقبل، مقابل عقد صفقة إقرار بالذنب نتيجة إدانته بتهم الرشوة والفساد. 

وأزمة نتنياهو، تنبع تحديدًا من كون شاس مكون أساسي للائتلاف، نظرًا لكونه يمتلك 11 مقعدًا في الكنيست، وانسحابه من الائتلاف يعني انهيار الائتلاف والحكومي وفقدان نتنياهو للأغلبية البرلمانية المكونة من 64 عضوًا من أصل 120 في الكنيست.

سيناريوهات تجاوز الأزمة

وتتزايد التساؤلات حول ما إذا كان هذا القرار سيؤثر على مستقبل الحكومة الإسرائيلية، خصوصًا في أعقاب التصريحات الصادرة عن قادة في "شاس" بأن الحزب "لن يبقى في الحكومة إذا خرج درعي منها"، فقد ألمح الوزير عن حزب "شاس" ياكوف مرغي إلى إمكانية أن تسقط الحكومة إذا لم يشغل درعي منصبًا وزاريًا، بحجة أن قرار إلغاء تعيين درعي ناجم عن "دوافع سياسية، وليست لأسباب قضائية وقانونية".

وفي حال لم يتقدم درعي باستقالته بشكلٍ رسمي، سيجبر نتنياهو على إقالته من الحكومة تنفيذًا لقرار المحكمة، وفي الوضع المعتاد يشغل رئيس الوزراء هذه المناصب مؤقتًا، ولكن نتنياهو لن يستطيع أن يشغل هذه المنصب لكونه يمتلك سجلًا جنائيًا أيضًا. 

ولتجاوز الأزمة الحكومية، تم طرح عدة حلول على طاولة الائتلاف الحكومي، من بينها تعيين شخصيات بديلة في المناصب التي كان يشغلها درعي، والأسماء المطروحة هي موشيه سيمان بار-طوف في منصب وزير الصحة، وكل من أريئيل أتياس، ويانكي درعي وهو ابن أرييه درعي، وموشيه أربيل، في منصب وزير الداخلية.

getty

فيما أكدت تقارير صحافية إلى أن حزب "شاس" سيتجه إلى تعيين ابن الوزير يانكي درعي، في منصب وزير الداخلية، خلفًا لوالده، وسط تقديرات بأن نتنياهو سيقر هذا التعيين، منعًا لتشكل أزمة تعرقل عمل الحكومة، ويشار إلى أن يانكي درعي غرّد على حسابه في تويتر، وكتب "على كرسيه لا يجلس غريب"، في إشارة إلى أنه قد يتولى منصب والده.

وفي ظل هذه الظروف، أمام رئيس الوزراء نتنياهو عدة احتمالات أخرى، منها أن يقوم بمنح درعي منصب رئيس الوزراء المناوب، وهو منصب لا يمكن استبعاده من قبل المحكمة العليا، لكنه إجراء معقد داخل الكنيست ويقترب في شكله من إعادة تشكيل الحكومة مرةً أخرى. أو سن تشريع سريع لإلغاء حجة "عدم المعقولية"، ثم إعادة تعيين درعي وزيرًا، وهو الحل المفضل لدى معظم المسؤولين في حزب "شاس"، أو أم يحصل درعي على منصب رئيس الكنيست، وهو ما يضله نتنياهو، لكن درعي يرغب بالحصول على منصب رئيس الوزراء المناوب، وهذا الخيار أقل تفضيلًا لدى نتنياهو.

أمام رئيس الوزراء نتنياهو عدة احتمالات أخرى، منها أن يقوم بمنح درعي منصب رئيس الوزراء المناوب، وهو منصب لا يمكن استبعاده من قبل المحكمة العليا

أما السيناريو الأخير، وهو الأضعف، أن يقرر مجلس حكماء التوارة في شاس (سلطة روحية للحزب تحدد قائمة المرشحين للانتخابات وسياسات الحزب) الانسحاب من الحكومة، دون حجب الثقة عنها. ومن غير المتوقع بالطبع أن يسقط الحزب حكومة اليمين، لكنه خيار نظري. وكان مجلس الحكماء قد أصدر بيانًا مساء الأربعاء، أكد فيه على أن هذا الاحتمال غير وارد.

وبحسب تحليلات إسرائيلية، من غير المتوقع أن يغادر حزب شاس الحكومة الإسرائيلية في الفترة الحالية، لكن هذه القضية ستترك تأثيرها على استقرار الحكومة في المستقبل.