25-فبراير-2017

أسر قبطية في الكنيسة الإنجيلية بالإسماعيلية بعد رحيلهم من مدينة العريش (أ.ف.ب/Getty)

يقف الشاب، الذي يجمع داخل بطاقته الشخصية سيئتين في مصر (الأولى أنه من العريش، والثانية أنه مسيحي)، متأثِّرًا بهروب عائلته بأكملها من سيناء.. يقول: "عم سعد حنّا (65 سنة) اتقتل بطلقة في رأسه، وابنه مدحت (45 سنة) تم إشعال النار فيه حيًا". ويردِّد: "أول مرة، العائلة تخرج من العريش.. أول مرة".

الحكومة المصرية تحاول الابتعاد عن مشهد تهجير الأقباط من العريش، لكي لا يصير ذلك هزيمة رسمية لها في حربها على داعش في سيناء

ليست عائلة الشاب المسيحي وحدها، فهناك خمسون عائلة أخرى (حوالي 250 شخصًا) تخرج، تباعًا، من شمال سيناء إلى مدينة الإسماعيلية بعدما أن قتل مسلحون مجهولون سبعة مسيحيين خلال شباط/فبراير الجاري، في حوادث استهداف متفرّقة مع وعد وتهديد بإراقة دماء آخرين، وكشفت مصادر أن آخرهم يعمل سباكًا، ومتزوج ولديه خمسة أبناء ويقيم بحي الزهور، ولقي حتفه على يد ثلاثة مسلحين اقتحموا منزله، وقتلوه أمام زوجته، وأشعلوا النيران فيه.

اقرأ/ي أيضًا: القبائل السيناوية..عصيان مدني ضد الداخلية المصرية

خوفًا على حياتها، تركت العائلات القبطية بيوتها، وأراضيها، واتَّجهت إلى الإسماعيلية، حيث تكفَّلت الكنيسة الإنجيلية بتوفير سكن وتبرعات لها، ووصفت الكنيسة ما يجري بـ"أحداث إرهابية متتالية لم تلفت انتباه الدولة".

وبدأت الاشتباكات خلال الشهر الجاري باعتداءات وقتل وحرق منازل الأقباط في العريش، وتهديدات بالمزيد حال بقائهم في المدينة، انطلقت مع فيديو بثته وكالات أنباء ما يعرف بـ"تنظيم الدولة الإسلامية في مصر" دعا إلى قتل وذبح من أسماهم "الصليبيين في مصر".

وأذاع الفيديو، الذي انتشر بشكل غامض، مشاهد من تفجير البطرسية، وموقع تدريب مرتكب الحادث، واتهامات لمجموعة مشايخ وقيادات إسلامية بالردّة.. لم تصل إلى حد تنفيذ عملية ضدهم حتى الآن.. لكن الذي دخل حيز التنفيذ -مبدئيًا- الأقباط.

في مواجهة تجاهل الدولة، عبر رجالها وأحزابها وقياداتها، لما يجري بالعريش، أطلق نشطاء وَسْم #انقذوا_أقباط_العريش، لافتين إلى أنّ "التهجير" من سيناء سياسة الدولة بالأساس لإبعاد المدنيين عن آثار هزيمتها في ساحة المعركة، فهي لن تقف دون إخراج الأقباط من بيوتهم، بل ستدعم ذلك عبر أذرعتها بالكنيسة، وهو ما يجري على الأرض بالفعل.

رد الفعل الأبرز، الذي كان الأقباط في انتظاره، جاء مداهنًا للدولة، فقالت الكنيسة إنّ "تلك الأحداث تهدف إلى ضرب الوحدة الوطنية ومحاولة تمزيق الاصطفاف الذي يواجه الإرهاب الغاشم بعد تصديره لنا من خارج مصر".

وأكَّدت الكنيسة، في بيان عاجل، أنّها في تواصل مستمر مع المسؤولين والمحليات لتدارك الموقف والتخفيف من آثار الاعتداءات، دون أن تطالب الداخلية أو الجيش بشيء أو تحملهم جزءًا من المسئولية.

اقرأ/ي أيضًا: فيزا دخول سيناء..للمصريين فقط

واكتفت الكنيسة بإعلان أنها تعمل الآن على توفير مساكن إيواء للعائلات المهجَّرة مؤخرًا في استراحات الكنائس أو تأجير شقق سكنية لهم، بعدما أصبحوا لاجئين في بلادهم، ونقلت صحيفة "وطني" القبطية عن القس عزت صليب، راعي الكنيسة الإنجيلية بمحافظة الإسماعيلية، أنّ الكنيسة استقبلت أمس 7 أسر مهجرة، وفي انتظار 5 أسر أخرى، ويُتوقع أن تصل الأسر المسيحية الوافدة من العريش خلال الأيام الثلاثة المقبلة.

جاء تهجير الأقباط سهلًا على أيدي إرهابيي سيناء، رغم أن مجموعة منصات إعلامية مسيحية مثل "الحق والضلال" و"صوت المسيحي الحر" تنبَّأت -عدة مرات- طوال الشهر الماضي، بانتهاء الأزمة إلى تهجير الأقباط مع تقارير صحفية وروايات وشهادات كاملة حول الدماء التي تسيل في العريش.

وأشارت تقارير صحفية بالقاهرة إلى أنّ الموظفين من الأقباط من أبناء شمال سيناء طلبوا إجازات مفتوحة حتى يتمكنوا من الرحيل بعيدًا عن بنادق وحرائق داعش.

ويرى مراقبون أن الحكومة المصرية تحاول الابتعاد قدر الإمكان عن مشهد تهجير الأقباط من العريش، لكي لا يصير ذلك هزيمة رسمية لها في حربها على داعش في سيناء.

كما قال معلقون إن طريقة تعامل النظام المصري مع تهجيرأقباط العريش هي نفس الطريقة التي اتبعتها الحكومة مع الحرب ضد داعش منذ سنوات عن طريق التكتيم الإعلامي على ما يحدث في سيناء، دون أن تحقق تلك الاستراتيجية سوى مزيد من الخسائر، وصلت إلى حد تهجير مواطنين مصريين من مدينتهم دون قدرة على حمايتهم أوحتى وعدهم بعودة قريبة.

اقرأ/ي أيضًا: 

سيناء..الأسئلة المحرمة