21-ديسمبر-2018

شارع في بغداد قبل وبعد رصفه بالفوتوشوب (فيسبوك)

جاء صيف 2018 في العراق مصحوبًا بشبح الجفاف، وتحذيرات كبيرة أطلقتها وزارتي الموارد المائية والزراعة، واختتمت بتوقعات لممثل الأمم المتحدة السابق في العراق، يان كوبيتش، بموسم جفاف في مناطق جنوب العراق، قد يتسبب بهجرة الملايين. 

أطلق العراقيون على الشوارع الداخلية للمدن بعد موجات الأمطار، لقب "شوارع النوتيلا" بسبب اكتسائها بطبقة سميكة من الطين

وبعد صراع مرير شهدته المناطق الجنوبية مع ملوحة المياه، لا سيما في محافظة البصرة، انتهى موسم الجفاف وبدأ الشتاء، مع توقعات للهيأة العامة للأنواء الجوية والرصد الزلزالي، بموسم مطير في مناطق جنوب ووسط العراق، لتدخل هذه المناطق في النسخة الشتوية من حالة الأزمات؛ البنى التحية.

اقرأ/ي أيضًا: سيول تغرق المناطق المحررة في العراق.. فشل ما بعد داعش

ويُعد واقع البنى التحتية في عراق ما بعد 2003، ثاني أكبر الأزمات في البلاد بعد تحدي الأمن. وبعد دخول العراق في حالة من الاستقرار الأمني النسبي، بدأت العديد من حركات الاحتجاج المطالبة بإصلاح واقع الخدمات، لا سيما في مناطق ريف العاصمة أو ما يعرف بـ"حزام بغداد"، إذ نصبت خيام الاعتصام بشكل متقطع على مدى شهرين تقريبًا في أكثر من منطقة، قبل موعد الانتخابات النيابية، وتزامنت هذه الاحتجاجات مع انتهاء الشتاء الماضي.

شوارع "النوتيلا"!

أطلق العراقيون على الشوارع الداخلية للمدن بعد موجات الأمطار، لقب "شوارع النوتيلا" بسبب اكتسائها بطبقة سميكة من الطين، حولت مهمة خروج المواطنين من بيتهم لقضاء أبسط الاحتياجات كالتسوق من أحد المحال القريبة إلى مهمة شاقة، تتطلب إجراءات عديدة، كارتداء أكياس البلاستك فوق الأحذية، ورفع كمي البنطال إلى مستوى نصف الساق، لضمان عدم تلوثها بالطين، أو مد جسور من الخشب أو الحجر بين ضفتي الشوارع التي ترتفع قليلًا عن مركزه ما يساعد بجفافها بسرعة أكبر.

والنوتيلا هي علامة تجارية لأشهر منتج شوكولاة سائلة، أو تلك المُعدّة للدهن على الخبز. فجاء تشبيه العراقيين لشوارع بلادهم الكتسية بالوحل والطين، بالنوتيلا!

ويعلق المدون ستيفن نبيل عبر حسابه على فيسبوك ساخرًا مت صور تُظهر إحدى شوارع منطقة تشكوك شمالي بغداد، قائلًا "أمانة بغداد تعلن عن افتتاح طريق النوتيلا، ولأول مرة في العالم في منطقة تشكوك في بغداد. الأهالي عبروا عن شكرهم و تقديرهم لهذه المبادرة الجميلة".

وتظهر الصور شوارع مغطاة بالطين، وفي إحداها جسر صغير استخدمت فيه الإطارات المطاطية القديمة وقطع الخشب فوق إحدى البرك الطينية.

الرصف بالفوتوشوب

أطلق عدد من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي حملة لرصف الطرق الموحلة وتعبيدها عبر الفوتوشوب، من باب التندر على ما لم تقم به المجالس المحلية في المناطق المتضررة.

 

وقال مصدر في مجلس بلدية أبو غريب لـ"ألترا صوت"، إن "الأهالي يتحملون الجزء الأكبر من مسؤولية الشوارع الخربة لقيامهم بحفرها من أجل صناعة مطبات أمام البيوت تحد من سرعة السيارات المارة، أو لمد أنابيب ماء سائل إضافية إلى بيوتهم من خطوط توزيع ماء مجاورة"، مضيفًا أن "عدم وجود قانون رادع للأهالي يمنعهم من حفر الشوارع ساهم بتدمير الشوارع الداخلية في مناطق العاصمة".

وأضاف المصدر قائلًا إن "الافتقار إلى الموازنات المالية المريحة للمجالس البلدية ساهم أيضًا في عدم صيانة الشوارع المتضررة، لتقتصر على عملية تجريف الرواسب بالجرافات الكبيرة التي تسبب أضرارًا إضافية للشوارع في الكثير من الأحيان"، لافتًا إلى أن "توفر الموازنة لا يكون كافيًا لتنفيذ المشاريع، بسبب وجود عوائق طائفية، كما حدث في منطقة الحسينية شمالي بغداد، عندما منعت جماعات مسلحة تبليط شوارع المنطقة رغم توفر المال اللازم لذلك".

وأشار إلى أن "الشوارع المعبدة قبل 2003 كان يمكن أن تحافظ على جودتها مدة أطول، لكن دخول العربات الأميركية المدرعة ذات الأوزان الثقيلة إلى الشوارع الفرعية بعد الحرب أدى إلى حدوث صدوع ساءت أحوالها بمرور السنين".

وقلل المصدر من أهمية الحملات التي يقوم بها مرشحون قبل الانتخابات لإصلاح الشوارع بمادة السبيس، موضحًا أن "هذه المادة لا تستطيع الصمود لشهور لعدم امتلاكها المواصفات لأداء وظيفة كهذه".

العاصمة بلا شبكة للمجاري

تنقسم مناطق العاصمة بغداد، سواءً كانت في المركز أو الأطراف، إلى قسمين من حيث نوعية المجاري في المساكن: الأول والأكثر شيوعًا هو غياب المجاري العمومية، وبديلها أحواض يحفرها الناس داخل البيوت، تخلو من منافذ لاستيعاب مياه الأمطار وتصريفها لصغر حجمها.

أما النوع الثاني فهو شبكات المجاري التقليدية، وعادة ما تكون هذه الشبكات مغلقة بفعل الإهمال من قبل الأهالي والمسؤولين على حد سواء.

ولهذه الشبكات دور مهم في تجفيف شوارع العاصمة الرئيسية أو الفرعية على حد سواء، كونها مخططة بشكل جيد يصرف مياه الأمطار بطريقة انسيابية تحول دون غرق العاصمة بتعرضها لموجات الأمطار الغزيرة.

وقال مصدر في وزارة الداخلية لـ"ألترا صوت"، إن "القوات الأمنية في قيادة عمليات بغداد، وأثناء جهودها بتهيأة بعض الشوارع المغلقة داخل المنطقة الخضراء لافتتاحها أمام حركة السير، عثرت على شبكة غير مرئية لتصريف الأمطار تمر تحت الأرصفة على شكل أشبه بساقية كبيرة لا يترك فرصة واحدة لتجمع الامطار في الشوارع".

لا تتوفر الموازنات المالية المناسبة لصيانة الشوارع العراقية وتعبيدها ويعود سبب ذلك غالبًا للممحاصصة الطائفية

وأضاف أن "افتتاح شبكات مجار شبيهة، وإصلاح الشبكات المتوقفة منها، سينهي هذه المشكلة فورًا دون شك"، مستدركًا: "لكن على أية حال هذه ليست مسؤوليتنا ولا نستطيع التدخل  بعمل المحافطة والمجالس البلدية".

 

اقرأ/ي أيضًا:

عشرات الضحايا بعد سيول وهزات أرضية في العراق.. فشل إداري متراكم

شوارع بغداد.. خرابٌ وفوضى