12-يناير-2017

مجمع تقني في ستوكهولم (Getty)

يبدو أن الخوف من التدخل الروسي قد بدأ ينتشر في العالم، فبعد اتهامات المخابرات الأمريكية لروسيا بالتدخل في سير الانتخابات الأمريكية، وتخوف فرنسا من حدوث شيء مثيل لها، اتهم أبرز معهد للسياسة الخارجية بالسويد روسيا باستخدام أخبار مفبركة ووثائق مزيفة والتضليل كجزءٍ من حملة منسقة للتأثير على الرأي العام وصنع القرار في الدولة الاسكندنافية، حسبما أوردت صحيفة الجارديان البريطانية يوم الأربعاء.

اتهم أبرز معهد للسياسة الخارجية بالسويد روسيا باستخدام أخبار مفبركة ووثائق مزيفة والتضليل كجزءٍ من حملة منسقة للتأثير على الرأي العام 

وقال المعهد السويدي للشؤون الدولية في دراسةٍ موسعة إن السويد كانت هدفًا لـ"طيف واسعٍ من التدابير النشطة" التي تهدف إلى "إعاقة قدرتها على إيجاد دعمٍ شعبي عند اتباع سياساتها".

اقرأ/ي أيضًا: فرنسا متخوفة من هجمات روسية..الكترونيًا

وقالت الدراسة إن روسيا استخدمت تقارير مضللة على موقع أخبار سبوتنيك الذي تدره الدولة الروسية، وتدخلاتٍ علنية من قبل سياسيين روس في الشؤون الداخلية السويدية، بالإضافة إلى أساليب أكثر سرية.

وأضافت أن ذلك تضمن وثائق مزيفة وأخبارًا مفبركة ظهرت على الإعلام السويدي وتلقتها سبوتنيك و"مصادر أخرى للدبلوماسية العامة الروسية" لاحقًا وبثتها إلى جمهور عالمي.

واعترف التقرير أنه يستحيل على الباحثين تحديد أين وكيف تم صناعة تلك الأخبار المفبركة والوثائق المزيفة، لكنه قال إنها تتفق مع الأهداف الاستراتيجية الروسية.

"نحن قادرون على البرهنة على نية وسرديات مهيمنة وأنماط سلوكية وأهداف استراتيجية حيث يشير الارتباط الوثيق بين الدبلوماسية العامة الروسية والتدابير النشطة إلى وجود حملةٍ منسقة"، قال التقرير.

وقالت الدراسة إن هدف موسكو الرئيسي كان هو "الحفاظ على الوضع الجيوستراتيجي القائم" عبر تقليص دور الناتو في منطقة البلطيق وإبقاء السويد خارج الحلف العسكري الدولي.

وعقب اتهاماتٍ بتدخل قراصنة روس في الانتخابات الرئاسية الأمريكية والتعبير عن مخاوف مماثلة في ألمانيا، قال معدو التقرير إن دراستهم أكدت على "مجموعة متزايدة من البحوث تلقي الضوء على استخدام روسيا المتزايد للتدابير النشطة كأداةٍ للسياسة الخارجية تجاه الدول الغربية" ابتداءً من عام 2014.

"نعتقد أن هذا يثبت وجود نية للتأثير على عملية صنع القرار"، صرح مارتن كراج، وهو أحد معدي التقرير، إلى صحيفة داجنز نيهتر. وأضاف: "هذا في حد ذاته سببٌ لمحاولة توثيق وفهم الأساليب التي يتم بها هذا".

وتعرفت الدراسة على 26 وثيقة مزورة ظهرت في السويد بين نهاية عام 2014 ومنتصف 2016. ظهرت أغلب تلك الوثائق على "مواقع غامضة ناطقة بالروسية و/أو السويدية". استخدمت بعض تلك الوثائق، التي يزعم أنها صادرة من صانعي قرار سويديين، ترويسات مزيفة لإضفاء الانطباع بكونها أصلية.

مجموعة متزايدة من البحوث ألقت الضوء على استخدام روسيا القرصنة كأداة للسياسة الخارجية تجاه الدول الغربية ابتداءً من عام 2014

اقرأ/ي أيضًا: المخابرات الأمريكية..روسيا قامت بحملة لدعم ترامب

وحسب التقرير، الذي فحص ثلاثة من تلك الوثائق بعناية، فقد كانت عشر منها مرتبطة مباشرةً بالشؤون السويدية. كانت إحدى الرسائل الثلاث بتاريخ فبراير 2015، حيث يُزعم أنها من وزير الدفاع السويدي إلى المدير التنفيذي لشركة BAE لصناعة الأسلحة وتناقش مبيعات أسلحة إلى أوكرانيا.

رفضت رسالةٌ أخرى، يُفترض أنها من المدعي العام السويدي، طلبًا ليس له وجود من أوكرانيا بإسقاط قضية ضد مواطن سويدي متهم بجرائم حرب، بينما فصّلت الرسالة الثالثة مؤامرة مزيفة بين السويد وحلف الناتو لإرسال أسلحةٍ سرًا إلى تنظيم الدولة الإسلامية عبر تركيا.

وقالت الدراسة إن الوثائق المزيفة تضمنت ما يكفي من الأخطاء الوقائعية وأخطاء أخرى لتمكين السلطات من إعلان كونها مزيفة – لكن ذلك حدث بعد تداولها على نطاقٍ واسع على وسائل التواصل الاجتماعي ومواقع سويدية وروسية وفي حالةٍ واحدة، وسائل الإعلام الرئيسية.

وأضافت أن الاهتمام بالتفاصيل والاستغلال الفعال لأسماءٍ غير معروفة بالوثائق والأخبار المفبركة يشيران إلى أن "صانعي تلك الوثائق لديهم استخباراتٍ شاملة بشأن بالمجتمع السويدي".

كما تعرفت الدراسة أيضًا على "جيوشٍ من الحسابات المزيفة" استهدفت صحفيين وأكاديميين، وحسابات مسروقة على موقع تويتر ومنظمات غير هادفة للربح موالية للكرملين تعمل في السويد كأسلحيٍ إضافية فيما اعتبرت أنه يرقى إلى حربٍ معلوماتية روسية.

وصرح أحد معدي التقرير الآخرين، ويدعى سباستينا آزبرج، لراديو السويد بأن النسخة السويدية من موقع سبوتنيك للأنباء الذي تديره الدولة، والتي نشرت أكثر من 4,000 خبر بين عام 2015 وربيع 2016 عندما تم إغلاقه، كان أداةً روسية رئيسية.

وقال التقرير إن الأغلبية العظمى من تلك الأخبار تتبع تصنيفات "الأزمة في الغرب"، أو "صورة إيجابية لروسيا"، أو "العدوان الغربي"، أو "التعاطف الدولي مع روسيا"، أو "إخفاقات السياسة الغربية"، أو "انقسامات في التحالف الغربي". كانت العديد من تلك الأخبار شديدة السلبية بشأن حلف الناتو أو الاتحاد الأوروبي تحديدًا، قال آزبرج، مضيفًا أن المعلومات المضللة وجدت طريقها إلى المناقشات البرلمانية.

وقال رئيس الوزراء السويدي، ستيفان لوفين، أمام مؤتمرٍ للدفاع الوطني إنه "لا يمكنه استبعاد" محاولة روسيا التأثير على الانتخابات القادمة بالبلاد، والتي يحين موعدها عام 2018.

"لا يجب أن نستبعد ذلك ونكون سذجًا معتقدين أن ذلك لا يحدث في السويد. هذا هو سبب كون المعلومات والأمن الالكتروني جزءًا من تلك الاستراتيجية"، صرح لوفين لوكالة أنباء TT.

يذكر أن الكرملين قد نفى الادعاءات بتدخله في الانتخابات الأمريكية، مهاجمًا ما أسماه "اتهاماتٍ ليس لها أساس ولا يوجد عليها أي إثباتات" ومدعيًا أن تأكيدات وكالات الاستخبارات الأمريكية هي عملية صيد ساحرات سياسية.

وقال تقريرٌ استخباري رُفعت عنه السرية يوم الجمعة إن الرئيس فلاديمير بوتين قد "أمر شخصيًا بحملة تأثير" خلال الانتخابات الأمريكية لترجيح كفة دونالد ترامب.