12-أغسطس-2019

بطاقة ألن غينسبيرغ

كتب الشاعر ستيف هوف هذه المقالة في "Huff Wire" حول نصيحة تلقاها من شاعر جيل "البيت" الشهير ألن غينسبرغ، أعاد اكتشاف فاعليتها وهو يقترب من عمر الخمسين. هنا ترجمة المقال.


لا أدري بم كنت أفكر. لقد كنت أحب الشعر، أحببت جيل "بيتBeat ". كنت في الجامعة حينذاك. أعوامي الخمسة كصوت رئيسي، مغنيًا الأوبرا كمنشد متدرب في برنامج تعاوني للمغنين المحترفين الشباب بإدارة جامعة تينيسي وأوبرا نوكسفيل. الشعر كان غرضي الجانبي، الغرض الذي استهلكني حينما لا أحاول حفظ جملة.

النصيحة التي قدمها لي غينسبرغ تحاورني أكثر وأنا على عتبة الخمسين أكثر مما فعلت وأنا الرابعة والعشرين.

كنت أعتقد أنني بارع فيه. كنت مؤديًا جيدًا. أستطيع أخذ قصيدة اعتيادية وتسويقها في ميكرفون مفتوح ـ والذي كثيرًا ما يفعله شعراء الميكرفون المفتوح، حتى الناجحون منهم. لذلك عندما علمت أن شقيق خطيبتي آنذاك كان ذات مرة منظفًا لبيت شاعر جيل "البيت" الشهير ألن غينسبرغ، حصلت على عنوان غيسنبرغ منه وأرسلت له مجموعة من الأعمال لغرض التقييم.

اقرأ/ي أيضًا: غينسبيرغ وفيرلنغتي.. تحية المسيرة العظيمة

لم أكن كاتبًا محترفًا مدة 16 عامًا، ولم أكتب كتابًا حتى عام 2015. لم أكن أعرف كم كان الكتاب الشباب يضايقون في أحيان كثيرة المحترفين القدماء بهذه الطريقة.  

ومع ذلك، فوجئت حينما ردّت مساعدة غينسبرغ بعد بضعة أسابيع وقالت بأنها قد وضعت أعمالي جانبًا لينظر فيها حين يعود من ناروبا، مدرسة كولورادو التقدمية (اقرأ: الهيبية) حيث كان يحاضر كل عام.

وقد أرسل إجابته في 13 تشرين الثاني/نوفمبر 1991. عبر عن شكره لرسالة إعجابي الصبيانية وقال بأنه سيكون سعيدًا للاستجابة، لكنه وهو في الخامسة والستين، كما يقول، "أضحى مدبوغ الجلد".

بعدها تناول عملي.

"من بين القصائد التي أرسلتُ ثمة قصيدتان قصيرتان بدتا الأفضل والأكثر رسوخًا ـ وهما "شونيز" و"تريستان وإيزولده" ـ أي القصص الصغيرة المنفصلة، اللمحات، هل قرأت مختارات ريزنيكوف الشعرية (خصوصًا المجلد I) الصادر عن "Black Sparrow Press"، سانتا باربارا 1990؟ حسنًا".

ما من قصيدة من اللتين أشار إليهما تمتلك الكثير من أسلوب الشعر الموزون، فقط قافية داخلية عرضية. الاثنتان تم قطفهما من الحياة مباشرة، من تلك اللحظات التي رأيتها وقد علقت بي. قصيدة "شونيز" كتبت في مطعم شونيز، حيث تناولت فيه كعكة حلوى ساخنة مع قهوة فيما كنت أراقب طاولة صاخبة مليئة بمسيحيين إنجيليين كثيفي الشعر في الزاوية وهم يتصرفون على نحو يثير السخرية. تخيلت أنهم كانوا في الواقع من عبدة الشيطان، وأن جميع التسبيحات التي يقومون بها رافعي الأيدي لم تكن سوى غطاء.

لقد أضحت تلك القصيدة في الواقع هي من يسألني الناس أداءها في ميكرفون ناشفيل المفتوح، والقصيدة الوحيدة التي كتبتها وأتضايق دائمًا من حفظها. كنت ألقيها كما لو كنت واعظ النار والكبريت [العقاب الإلهي]، ممسكًا بخيمة النشور، ولم تفشل أبدًا بالحصول على رد فعل كبير.

"تريستان وإيزولده" كانت ترتكز على مراقبة شابين قوطيين في المركز التجاري. يمكن للمراقب العابر أن يلاحظ بأن الفتاة غارقة في حب الفتى تمامًا فيما كان هو مترددًا ومهووسًا بذاته. وبشأن الأخير فأنا متأكد بأنني رأيت بعضًا من نفسي في ذلك الولد، بالرغم من كونه متظاهرًا أحمق.

سأستمر في كتابة القصائد سنوات أخرى عديدة. ألقيت الكثير في محيط ناشفيل لكنني لم أقدم سوى ثلاث منها للنشر ـ وحتى في ذلك الوقت كنت في حالة يقين من أنه سيتم قبولها (وقد قُبلت).

بعد عدة سنوات لاحقًا، بعد أن طلّقت وتزوجت للمرة الثانية، أعدت قراءة كلمات غينسبرغ وحجزت قصائد شارلز ريزنيكوف بواسطة الإنترنت.

غينسبرغ ـ الذي كان متوفيًا منذ عشر سنوات ـ قدم لي اقتراحًا مثاليًا. لقد التهمت عمل ريزنيكوف. ها هنا مثال واحد على ذلك:

"الشحّاذة"

حين كنت في الرابعة من عمري قادتني أمي إلى المتنزّه.

لم تكن أشعة شمس الربيع دافئة للغاية. الشارع كان

فارغًا تقريبًا.

الساحرة في كتاب حكاياتي الخيالية أتت تتمشى.

انحنت لتصطاد بعض العنب المتعفن من داخل الجدول.

أجراس قرعت في رأسي. كنت كذلك غاضبًا على نفسي لأنني لم أستوعب حقًا ما اقترحه عليّ غينسبرغ من قبل. حدسه كان سايكولوجيًا تقريبًا. استجبت إلى ريزنيكوف عميقًا في داخلي وتمنيت فورًا لو أنني كنت خرجت وعثرت على عمله في عام 1991 ولم أقرأ أبدًا شيئًا سواه، هو والشعراء الموضوعيين الآخرين منذ ذلك الحين.

الكتابة التي أقوم بها من أجل لقمة العيش يمكن أن تكون كل شيء عدا الشعر الموضوعي. لا يمكنك كسب العيش من خلال كتابة الشعر الموضوعي. أكتب الكثير مما أفعله لأنني أستطيع ذلك. الكتابة هي مهارة متميزة يمكن استخدامها بألف طريقة وليس لدي اعتراضات على استعمالها بأية طريقة كانت تمكنني من الحصول على عمل. الكراريس التقنية للمقلدين. سأدع الكلمات تمضي.

لكن في الداخل أنا أكثر تناغمًا مع ريزنيكوف. العديد من النصوص الصغيرة ـ بما فيها التغريدات، التي لم أنزعج من الإشارة إلى أنها كانت مقصودة كلحظات موضوعية دقيقة ـ لقد كتبت منذ عام 2004 متماشيًا مع هذا الشعور.

لا أعرف بأي شكل سأصنع ذلك، لكن أعتقد بأنني سأحتفظ بهذا المتوسط للأعمدة التي تجري في هذا السياق من الآن فصاعدًا (لقد كتبت بالفعل القليل من هذا القبيل، فقط لأرى كيف أشعر).

الكتابة التي أقوم بها من أجل لقمة العيش يمكن أن تكون كل شيء عدا الشعر الموضوعي

ألن غينسبرغ رحل قبل 23 عامًا. ومنذ ذلك الحين تعالى جدال حول ذكراه لأسباب وجيهة. لكنه في مرة من المرات أمضى خمس دقائق تقريبًا ليقدم لي نصيحة جيدة، النصيحة التي تحاورني أكثر وأنا على عتبة الخمسين أكثر مما فعلت وأنا في الرابعة والعشرين.

اقرأ/ي أيضًا: عزيزي عبد اللطيف اللعبي.. لم يعد هنالك شيء أجمل من الصمت والحلم

لذا، حتى وأنا أقوم بعملي اليومي في الكتابة، سآخذ بتلك النصيحة. ورغم أن الأوان قد فات، إلاّ أنني أشكره على كل حال.

 

اقرأ/ي أيضًا:

نيكانور بارّا.. رحيل الشاعر المُناهض للشعر

جون أبدايك .. بريد إلى الغرباء