تواجه شركة "آبل" الأميركية واحدة من أعقد أزماتها منذ سنوات، مع دخول قرار الرئيس دونالد ترامب حيز التنفيذ، بفرض رسوم جمركية جديدة على الواردات الصينية، وهو ما ينذر بتحول جذري في صناعة الإلكترونيات، ويدفع بأسعار أجهزة "آيفون" إلى مستويات قياسية قد تتجاوز ثلاثة أضعاف سعرها الحالي.
تواجه شركة "آبل" الأميركية واحدة من أعقد أزماتها منذ سنوات، مع دخول قرار الرئيس دونالد ترامب حيز التنفيذ، بفرض رسوم جمركية جديدة على الواردات الصينية، وهو ما ينذر بتحول جذري في صناعة الإلكترونيات، ويدفع بأسعار أجهزة "آيفون" إلى مستويات قياسية قد تتجاوز ثلاثة أضعاف سعرها الحالي.
ارتفاع جنوني في أسعار "آيفون"
تشير تحليلات صحيفة "وول ستريت جورنال" إلى أن سعر هاتف iPhone 16 Pro بسعة 256 غيغابايت، قد يرتفع من 1100 دولار إلى 3500 دولار، إذا اضطرت "آبل" إلى نقل خطوط إنتاجها إلى الولايات المتحدة، وذلك بسبب الفروقات الكبيرة في تكاليف التصنيع. أما في حال أبقت الشركة على الإنتاج في الصين، فإن أقل طراز من iPhone 16، والذي يبدأ بسعر 799 دولارًا، قد يقفز بنسبة 43% إلى 1142 دولارًا، وفقًا لمحللي "روزنبلات سيكيوريتيز".
قد يتضاعف سعر جهاز آيفون ثلاث مرات فيما لو نقلت آبل خطوط الإنتاج إلى الولايات المتحدة، وفيما لو أبقتها في الصين فإن السعر سيقفز بنسبة 43%
ويحذر الخبراء من أن هذه الزيادات قد تمتد لتشمل كافة أجهزة الشركة، بما في ذلك iPads وMacBooks وساعات Apple Watch، وهو ما قد يغيّر جذريًا من استراتيجية "آبل" في السوق.
انهيار في القيمة السوقية وقلق عالمي
تأثرت أسهم "آبل" بشدة، حيث فقدت نحو 9.3% من قيمتها في يوم واحد – ما يعادل 311 مليار دولار – وهو أكبر تراجع يومي للشركة منذ آذار/مارس 2020. هذا الانهيار انسحب على الأسواق العالمية، إذ تراجع مؤشر FTSE 100 البريطاني بنسبة 5%، في حين سجل "داكس" الألماني انخفاضًا بـ6.5% و"كاك 40" الفرنسي بـ5.3%. الأسواق الآسيوية لم تكن بمنأى عن التأثر، حيث سجلت انخفاضات قياسية.
غضب شعبي ودعوات للمقاطعة
أثارت هذه التطورات سخطًا واسعًا بين المستخدمين، حيث اجتاحت مواقع التواصل الاجتماعي موجة من الانتقادات لسياسات "آبل"، وبرزت دعوات صريحة لمقاطعتها. وقال بعضهم إن هذا هو الوقت المثالي للانتقال إلى "سامسونغ"، فيما وصف آخرون الخطوة بأنها "دعاية مجانية لأندرويد"، مشيرين إلى أن "الآيفون لم يكن يستحق ثمنه حتى قبل الزيادة".

تواجه "آبل" الآن معضلة حقيقية، فإما أن تمرر كامل الزيادة للمستهلك، ما قد يفقدها شريحة كبيرة من السوق، أو أن تتحمل جزءًا من التكاليف على حساب هامش الربح. وتشير توقعات "CFRA Research" إلى أن "آبل" قد تؤجل أي زيادات كبيرة حتى إطلاق iPhone 17 في الخريف، وهو ما يتماشى مع سياستها المعتادة في إدارة الأسعار.
كما بدأت الشركة بالفعل في تنويع سلاسل التوريد، بنقل جزء من الإنتاج إلى فيتنام والهند، ولكن حتى هذه البلدان لم تسلم من الرسوم الجديدة، حيث تواجه فيتنام رسومًا بنسبة 46% والهند بنسبة 26%.
ربح استراتيجي لمنافسي "آبل"
الزيادة المحتملة في أسعار "آيفون" قد تمنح منافسي "آبل" فرصة ذهبية. وتحديدًا "سامسونغ"، التي تستفيد من رسوم أقل، ما يجعلها خيارًا أكثر جاذبية للمستهلكين، خصوصًا في أسواق مثل أوروبا وآسيا. وتوقعت شركة "Currencies 4 You" أن تلجأ "آبل" إلى اعتماد تسعير عالمي موزع للحد من أثر الرسوم في السوق الأميركية، إلا أن هذا قد يؤدي إلى زيادات طفيفة على المستهلكين في أسواق أخرى. حيث قال محلل العملات في الشركة "بريما راجا" في حديثة مع صحيفة "ديلي ميل" البريطانية: "إن التسعير العالمي قد يكون السبيل الوحيد للحفاظ على الحصة السوقية، ولكن سيؤدي إلى زيادات في أوروبا وآسيا، مما قد يضعف الطلب".
بين السياسة والاقتصاد: انقسام في وادي السيليكون
القرار الجمركي الجديد أعاد تسليط الضوء على العلاقة المعقدة بين شركات التكنولوجيا والرئاسة الأميركية. ففي وقت سابق، دعمت كبريات الشركات – منها "آبل" و"أمازون" و"ميتا" – حملة ترامب في بداياته، إلا أن هذه العلاقة تدهورت مع تصاعد التوترات التجارية. ويرى البعض أن "آبل"، التي طالما استفادت من استثناءات جمركية، تُعامل هذه المرة مثل أي شركة أجنبية، ما يزيد من الضغوط عليها.