22-فبراير-2025
الكوليرا السودان

(AP) امرأة تعتمد على مياه الفيضانات في مدينة أبو حمدان شمالي الشودان في 7 أغسطس 2024

سجلت ولاية النيل الأبيض، جنوبي السودان، ارتفاعًا كبيرًا في حالات الإصابة بالكوليرا خلال اليومين الماضيين، حيث تم نقل مئات المرضى إلى مستشفى كوستي التعليمي. وأدت الزيادة المفاجئة في عدد الحالات إلى اضطرار الفريق الطبي لاستخدام غرف الطوارئ لاستقبال المصابين. وفي السياق ذاته، أفادت وزارة الصحة في الولاية، اليوم السبت، بانخفاض عدد الإصابات، مؤكدةً أن الوضع الصحي في المدينة لا يزال تحت السيطرة.

وكانت شبكة أطباء السودان قد أفادت في منشور لها على منصة "إكس" بأن "تفشي الكوليرا على نطاق واسع في ولاية النيل الأبيض أدى إلى وفاة 83 شخصًا وإصابة 1197 آخرين"، مضيفةً أن 259 شخصًا تماثلوا للشفاء، أمس الجمعة. وأكدت الشبكة أن "الوضع الصحي كارثي" في الولاية، مطالبةً السلطات الصحية بـ"فتح عدة مراكز لاستيعاب المرضى بسبب الاكتظاظ في المستشفيات وعدم توفر عدد كافٍ من الأسرّة لمواجهة تزايد الحالات".

أكثر من 800 مريض يتلقون العلاج في مستشفى كوستي

شهد مستشفى كوستي، التابع لوزارة الصحة في ولاية النيل الأبيض، تفشيًا حادًا لوباء الكوليرا، ما أسفر عن وفاة عشرات الأشخاص، وإصابة أكثر من 800 مريض يتلقون العلاج من أعراض الإسهال المائي الحاد والجفاف والقيء والعيون الغائرة، وفقًا لما أفادت به منظمة أطباء بلا حدود.

ارتفع عدد المصابين بالكوليرا إلى 800 شخصًا خلال اليومين الماضيين، مما اضطر بالفريق الطبي في مستشفى كوستي العتليمي لاستخدام غرف الطوارئ لاستقبال الحالات الجديدة

وأوضحت المنظمة الدولية أن عدد الإصابات قد انخفض مؤخرًا إلى أقل من 20 مريضًا في بعض الأيام، قبل أن يشهد الوضع تدهورًا سريعًا. فقد تم إدخال أول 100 مصاب بالكوليرا إلى المستشفى، يوم الأربعاء الماضي، قبل أن يرتفع عدد المرضى الذين يتلقون العلاج إلى أكثر من 800 شخص بحلول ظهر الجمعة.

وأفاد المسؤولون في المستشفى، وفقًا لمنظمة "أطباء بلا حدود"، بأن 48 مريضًا تماثلوا للشفاء وخرجوا من المستشفى حتى الآن، إلا أن تزايد الحالات المستمر يعيق تسجيل التفاصيل بدقة. ونظرًا لتجاوز عدد المرضى السعة الاستيعابية للمركز، اضطر المسؤولون إلى استخدام غرف الطوارئ لاستقبال كل من البالغين والأطفال.

الوضع الصحي "مقلق للغاية"

وصف المستشار الطبي لمنظمة "أطباء بلا حدود" في مستشفى كوستي، فرانسيس لايو أوكان، الوضع الصحي في المستشفى بأنه "مقلق للغاية"، محذرًا من أنه "من المحتمل أن يخرج عن السيطرة". وأوضح أنه مع استمرار استقبال المستشفى للمرضى الذين يعانون من حالات حرجة، فقد نفدت المساحات المخصصة للعلاج، ما اضطر الطواقم الطبية إلى استقبال المرضى في منطقة مفتوحة ومعالجتهم على الأرض لعدم توفر أسرة كافية.

وحذر لايو أوكان من أن تزايد أعداد المصابين خلال الأيام المقبلة قد يؤدي إلى نفاد الموارد الطبية الضرورية لعلاج الجفاف وإنقاذ حياة المرضى. كما أشار إلى أن الفرق الطبية قد تواجه إرهاقًا شديدًا مع تفاقم الوضع الصحي، مؤكدًا ضرورة توفير المياه النقية والبدء في حملات التوعية الصحية للحد من انتشار المرض.

نهر النيل قد يكون مصدر العدوى

رجّحت المنظمة الدولية أن يكون نهر النيل مصدر العدوى، بعد أن لاحظت اعتماد السكان عليه كمصدر رئيسي للمياه بسبب انقطاع التيار الكهربائي. ونتيجة لذلك، فرضت السلطات الصحية حظرًا على استخدام مياه النهر، مع الدعوة إلى تعزيز عمليات الكلورة في نظام توزيع المياه، إلى جانب إغلاق الأسواق ومعظم المطاعم كإجراء احترازي.

الظرف الطارئ لا يحتمل الانتظار

من جانبه، أوضح مصدر في وزارة الصحة بولاية النيل الأبيض لموقع "الترا سودان" أن الوزارة تعهدت بإرسال شحنة من المحاليل الطبية لعلاج المصابين في مستشفى كوستي، واتخاذ تدابير وقائية للحد من الإصابات الجديدة. في السياق نفسه، أكد وزير الصحة في الولاية، الزين سعد آدم، أن الوضع الصحي في كوستي لا يزال تحت السيطرة، مشيرًا إلى بدء انحسار حالات الإصابة بالكوليرا. كما شدد على استمرار الجهود لضمان سلامة مياه الشرب من خلال عمليات الكلورة المنتظمة ومراقبة مصادر المياه، فضلًا عن انتشار فرق متخصصة لضمان تنفيذ هذه التدابير في المناطق الواقعة خارج نطاق شبكات المياه.

تعيد الطبيبة وفاء المكي، في تصريحات نقلها موقع "الترا سودان"، سبب تفشي الكوليرا في النيل الأبيض إلى "الظروف الحالية التي تمر بها البلاد"، مما "يجعل مواجهة الكوارث الصحية أمرًا شاقًا، لا سيما مع خروج أغلب المؤسسات الطبية والصحية عن العمل جراء الحرب الدائرة منذ نحو عامين"، مشيرة إلى أن سبب تفشي المرض يكمن في "اعتماد سكان المدينة على مياه شرب ملوثة وغير نقية، بسبب تعطل المحطات الرئيسية للمياه جراء عدم الصيانة والتجديد".

وبحسب المكي، فإن "الظرف الآن طارئ ولا يحتمل الانتظار في ظل عجز الحكومة المحلية عن مجابهة الوباء"، مؤكدةً أنه "يستلزم على أي مواطن أن يعي جيدًا طرق وأساليب الوقاية"، والتي يأتي "في مقدمتها النظافة العامة وطهي الطعام جيدًا والابتعاد عن الأكل المكشوف وغير المعد بصورة صحيحة واستخدام مياه نظيفة للشرب والطهي والقضاء على الذباب".

وكانت وزارة التربية والتوجيه في النيل الأبيض قد أصدرت بيانًا ينص على إغلاق المدارس بمدينة كوستي بمراحلها المختلفة، لمدة أسبوع حتى الخميس المُقبل الموافق لـ27 شباط/فبراير 2025، مشيرةً إلى أن السلطات المحلية ستواصل تقييم الوضع بكافة مناطق الولاية من أجل تأكيد فتح المدارس عقب انتهاء فترة الإغلاق أو تمديدها.