18-فبراير-2021

يوسف بزي، عباس بيضون، حسين بن حمزة

ألترا صوت – فريق التحرير

استطاع بسام حجّار منذ رحيله في 2009 أن يوقظ الحب في أصدقائه ومحبيه الذين ما انفكوا من وقتها يكتبون عنه، وكان لتلك الكتابات المتناثرة فضل إلقاء إضاءاتٍ ممّن عرفوه عن قربٍ أو عايشوه أو زاملوه، وعرفوا كيف يحيا ولماذا! وكيف يُفكر في ذاته وفي الآخرين! لهذا فالأسطر الآتية عودةٌ إلى تلك المدونة التي حبَّرها الحبُّ، فراحت تبدو وكأنها قصيدة جماعية طويلة، عنوانها: بسام حجار.


عباس بيضون: كان الشاعر

عاش كناسك. كان يصغي إلى الغياب. يداعب الذكريات. إلى النسيان يمشي على آثار الغائبين. كان يصغي إلى الرمل وإلى الأطلال والمعاني المفقودة. بسام حجار كان يصغي إلى الكون يتدفق من ذلك الثقب. إلى المعاني تتولد بين الأغصان نفسها، إلى الأسرار وهي تتواتر من الظلال والضواحي، إلى النظرة التي لا تشبه أختها ولا تكون هي نفسها مرة ثانية. بسام حجار كان الشاعر.

كان الشاعر، لأنه أقام حيث يجد، ولأنه لم يرهب الكلمات بل استأنسها، ولأنه أصغى ولم يخترع، ولأنه لم يسحر ما حوله بل نظر وأحب.

 

حسين بن حمزة: فنَّ شخصي

كيف تمكن كتابة مراثٍ لموتى لم يكفّوا عن زيارة الشاعر والتجوال في غرف حياته وممراتها؟ كيف السبيل إلى إنجاز مرثية لموتٍ صار مقيماً لكثرة ما استُعيد واستُئنس به.

الموت هنا، كغيره من الموضوعات، ممارسة شعرية. كان الموت فنَّ بسام حجار الشخصي.

 

عناية جابر: طهارة القصائد

ينجز بسام حجار القصائد إلى تمامها، ومهما كان منطقها هروبيًا، وانسحابيًا، تكون جميلة في إنسانيتها وفنيتها. قصائد حجار هي التسجيل الرقيق لأعلى درجات الزهد. حلم يقظة أو حلم نوم لا يهم، فالمسألة وجودية بالأساس، ورياضية أحيانًا، وبشكل قاس في عملها على تحقيق نوع الكمال الأخلاقي والاقتراب من الطهارة. أرى حالين في طهارة قصائد حجار: إنسانية وإبداعية، تصيبان القارئ بصدمة خفيفة، يرغبهما ويخافهما.

 

يوسف بزي: المِثال

أرقى المكافآت التي نلتها منذ ادعائي كتابة الشعر وامتهاني العمل الصحافي كانت صحبة ظلال بسام حجار. أجمل صدف الوظيفة والحياة اليومية كانت صداقة شخص بسام حجار. وأفضل عاديات نهاري كانت رفقة الشاعر بسام حجار.

قبل بسام حجار كان هناك دومًا "تمثيل" للشاعر، "أداء" مدبر للمثقف، "استعراض" مفتكر به للكاتب. قبل بسام حجار كانت الشخصيات الموصوفة اختراعًا واصطناعًا ومسرحًا ودورًا وتصوّرًا افتراضيًا.

 

ناظم السيد: تأليف كوكب الشعري

صنع من أشياء بسيطة وقليلة عالمًا واسعًا. من الحب والعائلة والموت، من حب الزوجة وموت الأب والأخت، كان بسام يؤلف كوكبه الشعري. كتب بمفردات قليلة، بقاموس لم يتخط هذا المحيط الضيق، قصائد فتحت آفاقاً في التعبير والجمالية. لم يعنَ كثيراً بالتأويلات، لم يهتم للإنشاءات اللغوية، لم يعقلن نصه، لم يسع إلى بهرجة زائفة وألاعيب حداثوية، بل انصب اهتمامه على كتابة نص بسيط وشفيف، ذي بنية نفسية وجمالية سردية.

 

حسان الزين: دخنه كسيجارة

صادقَ الموت وسقاه كشتلة، ودخنه كسيجارة.

 

محمد الحجيري: المناخ الكافكاوي

كيان حجّار الشعري في جوانب منه يشبه المناخ الكافكاوي (نسبة إلى كافكا)، ويشبه لوحات فان غوخ في إدراك التفاصيل، ويشبه لوحات جياكوميتي في أنسنة الأشياء وحسيّتها. على أن السوداوية التي يدأب الشاعر على كتابتها تكتّفها اللذة المنطوقة في النص. لذة تأخذ القارئ إلى الشوق والرواق و"الشهية التي تبقيه في حالة رجاء دائم"، كما يعبّر رولان بارت. وهو يجمع في أشعاره وقصائده وكتاباته بين حبه للتراث، فبالنسبة إليه لسان العرب لابن منظور أو القاموس المحيط للفيروز أبادي يشتملان على متعة سردية قد توازي أو ربما تتجاوز حكايات ألف ليلة وليلة لأن "اقتفاء أثر نشأة الكلمات واشتقاقها هو في حد ذاته تتبع لسرد تاريخي اجتماعي لغوي قد يفوق أيّ رواية أو أيّ قصة تشويقاً"، وبين حبه للشعر الغربي أيضًا قد أوجد بين التراث والحداثة لغته الخاصة التي لا تشبه إلا نفسها.

 

اقرأ/ي أيضًا:

ملف| بسام حجار في نثره.. محاورة الأزمنة

ملف| بسام حجار في الآخرين.. كما لو أنه قصيدة جماعية