16-أغسطس-2016

آكام شيخ هادي/ العراق

رسالة 1

أكتب إليكِ من تخوم المجزرة..
رائحة الهواء دمٌ..
طعمُ الصمت الليليّ كراهية مجفّفة..

في اللحظة التي أدق فيها الكيبورد 
يدقّ آخرون صدورهم بكاةً، 
ولا يتوقفون عن ضرب الرؤوس بالجدران وجدران الهواء.
وبينما ينادون مفجوعين في آذان موتاهم
أناديكِ كالمثكول والأرملة واليتيم.. 
أناديكِ بحرارة الوجع الطازج.. 

أكتب لأناديكِ 
لا لكي تردي أو لتأتي، 
إنما لأطمئن كم تبقى لدي من النداء!

رسالة 2

حلمتُ بأنني عضو في تنظيم مسلّح. 
أرتدي بدلةً عسكرية متواضعة 
وأسير في مؤخرة رتل طويل 
لا أعرف أولَه من آخره.

كنا في الحارة
لكن الحارة لم تكن موجودةً كما هي، 
كما نعرفها. 

كنا في الحارة عندما كانت برية كبيرة، 
تتوسطها بحيرة. 
ما من بحيرة الآن، لكنّي أصدق أنها كانت هنا، 
أصدق الأحلام التي ترفض أن تقدّم نفسها 
بأقل من أسلوب أيام الخلق الأولى، 
لتنافس روايات الله والتاريخ والجغرافيا.

إذًا... لحارتنا ذاكرة بحيرة.
إذًا.. علينا الآن ما كان على أسماكها أمس!

رسالة 3

لا بدّ من نايٍّ، 
فبمثله فقط يمكن أن نتعلّم تخبئة الأمكنة في الرئتين.

كان حلمي الكبير أن أُخرج تلك الأصوات من قصبة 
لمجرّد أنْ يرقص الناس،
وحين فشلتُ ذهبتُ إلى الكتابة كنوعٍ من التعويض. 
فالناسُ يسمون العازف شاعرًا.

أكتب إليكِ من تلك الأحلام القديمة، 
من رغبتي بامتلاك نايّ يلامس سقف السماء، 
كي تلتف حلقة دبكة عملاقةٍ، 
تشارك فيها الكائنات كلّها.. كلها؛ 
اثنتين اثنتين، 
ولا حاجة بعدها إلى سفينة نوح.

اقرأ/ي أيضًا: 

الميّت وأهله

في مقهى المحطة