08-يوليو-2021

بريتني سبيرز (Getty)

ألتراصوت- فريق الترجمة 

أثارت نجمة البوب الأمريكية الشهيرة بريتني سبيرز موجة من الجدل والتعاطف المتجدد مع قضيتها، بعد أن شنّت هجومًا لاذعًا على الوصاية "التعسفية"، أو "الحجر القانوني" المفروض عليها منذ 13 عامًا. وقد ناشدت بريتني سبيرز في جلسة محكمتها الأخيرة في حزيران/يونيو الماضي، القاضية بأن تساعدها على أن تستعيد حياتها الطبيعية، وترفع الظلم الواقع عليها، جرّاء سيطرة والدها، جيمس سبيرز، والأوصياء القانونيين، على كافّة شؤونها القانونية والمالية منذ العام 2008. هنا ننقل لكم القصة الكاملة لمعركة الوصاية على بريتني سبيرز. 

منذ العام 2008، قضت محكمة أمريكية بأن بريتني سبيرز فاقدة للأهلية التي تخولها بالتحكم بشؤونها المهنية والشخصية والمالية

لقد تفاعل محبو بريتني سبيرز (39 عامًا) بعد الاستماع إلى تصريحاتها ومناشداتها في الجلسة العلنية في المحكمة، وطالبوا الجهات المختصة عبر وسم #FreeBritney (أطلقوا سراح بريتني)، بأن تقضي لها بحق التحكّم بحياتها الشخصية واستعادتها السيطرة على قراراتها وشؤونها، وإنهاء الإجراءات التي تقيّد استقلاليتها. وفي هذا المقال سنستعرض أبرز المحطات التي مرّت بها بريتني سبيرز، وصولًا إلى الوضع القانوني المفروض عليها حاليًا، كما نقلته مجلّات أمريكية، منها مجلة "ذا نيويوركر" في أحدث مقال لها عن القصّة. 

قصّة بريتني مع الحجر القانوني والوصاية

منذ العام 2008، قضت محكمة أمريكية بأن بريتني سبيرز فاقدة للأهلية التي تخولها بالتحكم بشؤونها المهنية والشخصية والمالية، وذلك بناء على تقدير المحكمة وتقييمها للحالة النفسية والعقلية للمغنية الأمريكية الشهيرة، بعد مشاكل تتعلق بالإدمان والمخدّرات. وانتقل الحقّ في الوصاية على كافة ممتلكاتها وشؤونها الشخصية والمهنية، حتى تلك المتعلقة بعلاجها وتواصل الأطباء ووسائل الإعلام معها، وإدارة ثروتها التي تبلغ حوالي 59 مليون دولار أمريكي.

بريتني في بداية صعودها للنجومية (Getty)

في جلسة المحكمة التي عقدت في 23 حزيران/يونيو الماضي، انفجرت بريتني غضبًا أمام القاضية، وطالبت بمحاسبة من يتحكّمون بحياتها منذ سنوات، بما في ذلك الفريق القانوني الذي يتولى شؤونها وأعمالها بعد أن تنحّى والدها عن الوصاية عليها. قالت بريتني للقاضية: "حضرة القاضية، أولئك الذين فعلوا كل ذلك بي، والدي، وأي شخص ذي علاقة بهذه الوصاية التعسفية، من يديرون أعمالي، ومن كان لهم دور في إيقاع العقوبة عليّ حين رفضت الانقياد لهم، كلهم يجب أن يكونوا في السجن".

ووصفت بريتني على مدار 25 دقيقة من الحديث بتوتّر وغضب وسرعة أمام القاضية في المحكمة، كيف عانت من العزلة الشديدة خلال السنوات الماضية، وكيف تم استغلالها ماليًا وعاطفيًا، وكيف واجهت الإساءة الشديدة، حتى في ظروف علاجها كما تدعي. وألقت بريتني سبيرز باللوم على النظام القانوني في ولاية كاليفورنيا، والذي قالت إنه جعل كل تلك المعاناة ممكنة، تحت القانون، حيث قالت إنها حاولت مرارًا أن تتقدم بالشكوى إلى المحكمة، إلا أنه لم ينصت أحد لها، بسبب شروط الوصاية القانونية التي تحرمها من تمثيل نفسها والتحكم بشؤونها. وفي لحظة انفعال بارزة، قالت سبيرز: "لقد شعرت كأنني بعداد الموتى، وأنه لا قيمة لي ولا وزن".

كانت تعليقات بريتني سبيرز بحسب وسائل إعلام أمريكية، مثيرة للجدل ولا تخلو من المبالغة بحسب المطلعين على ظروفها وحالتها الصحية والنفسية، ما جعل الأمر للعديد من المتابعين غير مفاجئ. فقرار الحجر على أهلية بريتني سبيرز والوصاية عليها أتى بطلب من أسرتها، في خطوة كانت في البداية نابعة من تخوفات حقيقية بشأن سلامتها العقلية وصحتها النفسية. إلا أن الأسرة نفسها انقسمت فيما بينها في هذا الشأن لاحقًا، وذلك بخصوص كيفية التعامل مع ثروة بريتني سبيرز وشهرتها وأعمالها وطلبات التعاون معها وكل الملاحقات الإعلامية النهمة لأي خبر وتفصيل عن حياتها، وذلك وفق نظام قانوني غير مؤهل بالشكل الكافي لاحتواء قضية بذلك الحجم والاهتمام الإعلامي والشعبي. لكن الإجراءات أخذت مجراها المعتاد، وحرمت بريتني سبيرز بالفعل من حقوقها كاملة، ما جعلها تناضل منذ سنوات عديدة لاستعادة سيطرتها على حياتها.

كانت بريتني سبيرز نجمة عالمية بامتياز، وكانت هنالك اهتمام من قبل الدائرة المقربة منها من العائلة والمحامين والمنتجين والمتطفلين، وكان الحكم بالوصاية على ممتلكاتها وثروتها وشؤونها الأخرى، مصدرًا للتكسّب لعدد غير قليل من الأشخاص، بما في ذلك والدها، وهو ما جعل بعض أصدقاء الأسرة الذين شهدوا في المحكمة لصالح إقرار حكم الوصاية عليها، يعبرون عن ندمهم لاحقًا بسبب ما لحق بريتني من الأذى والاستغلال نتيجة لذلك.

أدى التطفّل الإعلامي دورًا بارزًا في تدهور حياة بريتني (Getty)

بريتني.. قصة نجاح لوالدين غريبين

لوالد بريتني، جيمس سبيرز، قصّة عجيبة ترويها مجلة "ذا نيويوركر"، إذ تذكر أنه تعرض لموقف صادم في صغره، حين أقدمت أمّه على الانتحار على قبر ابن لها توفّي وهو في عمر الثالثة. لم يكن والد بريتني ناجحًا بالمعنى المألوف للكلمة. حاز على شهرة محدودة كلاعب كرة سلّة محليّ، ثم انتقل للعمل في مجال الحدادة، ثم الطبخ، وتنقّل في أكثر من مهنة، وعانى من إدمان الكحول والمخدّرات. أما لين سبيرز، والدة بريتني، فهي الآن امرأة متزنة قليلة الكلام، تبلغ من العمر 66 عامًا، تعيش حياة هادئة وتقليدية، ولا تحبّ التحدّي ولا المنافسة، وتتجنب الحديث بالتفاصيل عن حياتها. في سن الحادية والعشرين، هربت لين مع جيمي، وكان بينهما زواج محفوف بالمشاكل والتحديات من البداية. في عام 1980، قبل سنتين بالضبط من ولادة بريتني، تقدما بطلب للطلاق، وذلك بعد أن اتهمت لين زوجها بخيانتها في الكريسماس.

بريتني ووالدها جيمس (TheSun)

لكن الزوجين اتفقا على شيء واحد عند ولادة بريتني، وهو أن يجعلا منها شخصًا ناجحًا وسعيدًا. كانت بريتني موهوبة منذ صغرها، بحضورها المسرحي الطاغي، فالتفت الوالدان إلى تلك الموهبة، وبدءا بإشراكها في منافسات الأداء المحلية والوطنيّة، وبلغ بهما الاهتمام بهذا الجانب من شخصية الطفلة الصغيرة أنهما كانا يستدينان المال من أجل تكاليف التنقّل بها بين الولايات للمشاركة في المنافسات المختلفة. في سن السادسة عشرة، وقعت بريتني على عقد بإنتاج ستة ألبومات مع شركة "جايف ريكوردز"، وذلك بفضل توصية من المحامي لاري رودولف، الذي سيصبح لاحقًا مدير أعمالها الأول. ثم وفي العام 1998، حازت بريتني سبيرز بامتياز على لقب نجمة البوب الأمريكية المراهقة الأبرز والأشهر على الإطلاق، وذلك عبر أول فيديو كليب لها، "Baby One More Time"، وراجت شهرتها وتوهجت في الولايات المتحدة والعالم.

في خضمّ تلك الشهرة العارمة، شغل الوالدان بطفلين آخرين، وتولى رعاية أعمال بريتني سبيرز صديق مقرب من العائلة. لكنها ظلت مع ذلك شديدة الارتباط بأمها، وفي العام 2000، قررت أن تبني لها منزلًا ضخمًا بقيمة 4.5 مليون دولار أمريكي، في كينتوود، وذلك كما تروي والدتها لين في سيرتها الذاتية التي نشرتها عام 2008، لتقنعها بأن تطلب الطلاق من والدها، بسبب إساءاته المتكررة لها. وبالفعل، في العام 2002، حصل الطلاق بين جيمي ولين، وقالت بريتني سبيرز في لقاء مع مجلة "People" أن ذلك "كان أفضل شيء حصل لعائلتي".

بدأت الانتكاسات في حياة بريتني سبيرز بعد انفصالها عن جستين تيمبرليك، وترك ذلك الانفصال أثرًا عميقًا في حياتها، بعد أن تزعزعت تلك الصورة التي شكلتها عن نفسها إعلاميًا بكونها الشقّ الملازم للنجم الذهبي الذي يضاهيها شهرة، وجعلته جزءًا جوهريًا من هويتها وكيانها. بعدها، بدت حياة بريتني سبيرز وكأنها في طور الانهيار والفوضى، فخاضت تجارب جنسية عديدة، كانت أخبار العديد منها تنتهي في وسائل الإعلام، ثم تطورت علاقتها من ليندس يلوهان وباريس هيلتون، وانخرطت معهما في العديد من الأنشطة والظهورات الفضائحية في النوادي الليلية.

بدأت سلسلة الانتكاسات في حياة بريتني سبيرز بعد انفصالها عن جستين تيمبرليك، وترك ذلك الانفصال أثرًا عميقًا في حياتها

ثم وبعد فترة من الانشغال بالعمل، والاستمرار في الحياة الليلية الصاخبة وتعاطي الكحول والمخدّرات، والذي ترافق مع استمرار نموّ ثروتها، التقت بريتني سبيرز بالراقص كيفن فيدرلاين في أحد النوادي الليلية، وتزوجت منه بعد ستة أشهر من لقائهما الأول. الزواج أثار جنون العائلة، لأنه كان تهديدًا بضياع جزء كبير من الثروة التي راكمتها بريتني سبيرز طوال مسيرتها. إلا أن الزواج تمّ رغم ذلك، وتم التوقيع على عقد الزواج رسميًا بعد شهر من حفل الزفاف، وذلك فقط بعد أن وافق كيفن فيدرلاين على أن يكون له حق محدود في ثروة سبيرز. كانت بريتني ترغب بتكوين أسرة وأن يكون لها أطفال.

زواج وإنجاب سريع وانهيار أسرع

أنجبت بريتني سبيرز طفلها الأول، شين بريستون، بعد عشرة أشهر فقط من الزفاف، ثم رزقت بطفلها الثاني، جايدن جيمس، في أيلول/سبتمبر 2006. ثم في تشرين الثاني/نوفمبر، تقدمت بريتني سبيرز بطلب للطلاق من زوجها فيدرلاين.

كانت تلك الفترة مليئة بالانهيارات العصبية "العامّة" التي عانت منها بريتني سبيرز أمام أعين الكاميرات والمتطفلين، في لحظات طائشة ومتهورة وغير متوازنة من النجمة الشابّة التي بدت عليها واضحة علامات الإدمان والاكتئاب والاضطراب، حتى بلغ بها الأمر في شباط/فبراير عام 2007، بأن تحلق شعر رأسها كاملًا. ثم بعدها بأيام، فقدت بريتني سبيرز السيطرة على نفسها مجددًا أمام استفزازات المتطلفين على حياتها الشخصية، وهاجمت بمظلتها سيارة مصوّر متلصص عليها، وتم تصوير ذلك أمام الكاميرات. كل تلك الحوادث، رسّخت صورة عن بريتني سبيرز بأنها قد فقدت عقلها.

بريتني وزوجها كيفن (Getty)

الكثير ممن حولها ويعرفها قالوا إنها عانت من اكتئاب ما بعد الولادة، إلا أن أحدًا من هؤلاء لم يتكلم معها حول ذلك أو يقدم لها النصيحة اللازمة لكيفية التصرف في مثل تلك الظروف. كما عرف عن بريتني سبيرز أنها تعاني من إدمان الكحول والمخدرات. أصرت أمها وزوجها واشترطا عليها إن كانت تريد قضاء وقت أكبر مع الأولاد أن تذهب إلى مركز مختصّ لعلاج الإدمان. وافقت بريتني على ذلك، إلا أنها انسحبت من البرنامج بعد يوم واحد فقط، مطلع العام 2007، فما كان من القاضي بعد تلك الحادثة إلا أن منح حق حضانة الأطفال للزوج فيدرلاين، مع حق بريتني في زيارة أبنائها، أربعة مرات أسبوعيًا فقط، وتحت إشراف مراقب تختاره المحكمة بنفسها.

بعد فترة أخرى من العلاقات المتقلّبة مع شخصيات هامشية في عالم هوليوود والنوادي الليلية وعالم التصوير، مثل سام لطفي، وعدنان غالب، وكلاهما قاما باستغلالها بشكل فاحش، وكان لهما دور كبير في توفير أنواع مختلفة من المخدّرات لها، وكان ذلك جزءًا أساسيًا من شكل العلاقة بينهم، تزايد التدهور في حياة بريتني سبيرز، وفقدت القدرة على النوم، وأخذت تصرفاتها تزداد سوءًا وفضائحية، خاصة في الأيام التي كانت تحرم فيها من زيارة ابنيها، وتزايد شعورها بالوحدة والضياع وفقدان الأمل من الحياة. في أحد اليوم، وبموافقة المحكمة، حظيت بريتني بفرصة طلب أن يأتي الولدان إلى بيتها، تحت إشراف المحكمة، وبحضور طرف ينوب عن زوجها. أمضت مع الولدين بضعة ساعات، ثم طالبها الموظف التابع لزوجها بتسليم الولدين. تأخرت بريتني سبيرز بالاستجابة للطلب، وأثارت الشكوك بأنها على وشك أن تقترف مشكلة جديدة. بعد فترة من التأخير والمطالبة، سلّمت بريتني ابنها الأكبر، بريستون، لكنها أخذت الصغير إلى أحد الحمّامات في المنزل، وأغلقت على نفسها، ورفضت الخروج. اضطر محامي الزوج حينها لطلب الشرطة، وبالتأكيد تجمعت وسائل الإعلام حين علمت بالقضيّة، ووقف المراسلون والمراسلات متأهبين لالتقاط أي خبر أو صورة. دخلت الشرطة المكان، فتحوا عليها الباب، فأخذوا منها الطفل الصغير، ثم نقلوها إلى المستشفى، ومنها إلى مصحة للعلاج النفسي وهي مقيدة على النقالة.

بريتني سبيرز "الفاقدة للأهليّة" 

على إثر تلك الحادثة، أقرت المحكمة حق الحضانة الحصريّة للزوج، وحرمت بريتني من حق رؤية أبنائها وزيارتهم، وذلك على افتراض أنها قد تعرض حياتهم للخطر، رغم أن من يعرف بريتني من دائرتها الضيقة كان يعلم أنها لم تكن لتقدم على شيء كذلك بحق أولادها. كما تم وضعها تحت الإشراف القانوني.

بعدها بدأت المشاورات في العائلة ولدى فريقها بخصوص اقتراح وضع بريتني تحت الوصاية الكاملة، لإدارة شؤونها وتفاصيل حياتها، وكانت تلك فكرة أصر عليها والدها جيمي سبيرز، بحجّة أنه يريد أن يبعد عنها مصادر التأثير السلبيّة، وبالأخص من لطفي غالب. تحركت الأمور بوتيرة سريعة بعدها، وكانت برييتني سبيرز ما تزال في المستشفى، فتوجه جيمي ولين، والداها، إلى محكمة صغيرة في لوس أنجلوس، وسرعان ما أقر القاضي أمر الوصاية عليها بحكم عدم أهليتها، في عملية لم تستغرق بحسب شهود على القضية سوى عشر دقائق، بدون شهادة أحد، وبدون حضور صاحبة العلاقة ولا علمها. الوصاية كانت مشتركة بين والدها جيمي، ومحام من طرف المحكمة، اسمه أندرو واليت.

حاولت بريتني سبيرز مرارًا نزع وصاية والدها عليها، والتخلص من قدرته على التحكّم بجميع شؤونها الشخصية والفنّية والمالية، وحتى الأسرية فيما يتعلق بأولادها. كان والدها جيمي عازمًا على الحفاظ على تلك الوصاية حتى لو تطلب الأمر المزيد من التدمير النفسي لابنته وصورتها. يُذكر أنه كان يقف أمامها ويصرخ في وجهها بأنها "عاهرة، وأنها أم فظيعة". كانت تأمل دومًا برؤية أبنائها من جديد، لكن ذلك كان مشروطًا بتعاونها، وكان الجميع يخبرها بأن عليها "أن تطيع أباها وتسايره". أمّا هو، ففي كل مرّة يحاول أحدهم التدخّل لتخفيف الضغط على بريتني، كان يصرخ ويقول: "أنا بريتني سبيرز!".

تقول بريتني في فيلم وثائقي بعنوان "Britney: For the Record" إنها لم ترغب ولم تتخيل يومًا أن تكون "أسيرة".  "لطالما رغبت بأن أكون حرة، أن أركب السيارة، وأخرج، دون قيود، دون أن يكون فوق رأسي سلطة بوسعها أن ترغمني على البقاء في البيت لو أمرني بذلك.. كان هذا الشعور هو السبب الدائم لمشاكلي. لقد أخطأت بإدخال بعض الأشخاص السيئين إلى حياتي، وقد دفعت الثمن الغالي نتيجة ذلك. لكني في المقابل، أشعر أن الخطأ يدفع الإنسان إلى التعلّم منه وتجاوزه. لكنهم يريدون مني أن أدفع ثمن أخطائي إلى الأبد".

استمرّت سيطرة جيمي على حياة ابنته بريتني سبيرز منذ العام 2008 وحتى العام 2019، حيث تنحّى عن مهمّته كوصيّ عليها، لأسباب قال إنها صحّية، وهو ما رحّبت به بريتني وطالبت باستمراره، وانتقال الوصاية إلى أمّها، أو إلى جودي مونتغمري، وهي أخصائيّة نفسية محترفة مقربة جدًا من بريتني، ويبدو أن الأمور تتحرك أخيرًا لصالح بريتني في هذا الصدد، بعد عودة تركيز وسائل الإعلام على قصتها من منظور إنساني متعاطف معها، وخاصة بعد إصدار نيويورك تايمز لفيلم وثائقي جديد مؤخرًا حول حياتها، وانطلاق حملة واسعة على وسائل التواصل الاجتماعي تطالب بحريّة بريتني سبيرز من تعسّف الوصاية الكاملة على حياتها، إضافة إلى دعم موقفها من قبل عديدين، وفي مقدمتهم صديقها الأول في التسعينات، جاستن تيمبرليك، والذي نشر سلسلة من التغريدات يدعو إلى دعمها وتفهم وضعها، وإنهاء القيود المفروضة عليها على المستوى الشخصي والمهنيّ، كما نشرت المغنية الشهيرة ماريا كيري تغريدة متزامنة مع الحملة جاء فيها: "نحبّط يا بريتني، كوني قويّة".

بالرغم من ذلك كلّه، قضت المحكمة نهاية العام الماضي بتمديد الوصاية على بريتني سبيرز حتى أيلول/سبتمبر المقبل، وما تزال المجموعة الداعمة لبريتني سبيرز (FreeBritney) تطلق سلسلة متواصلة من الحملات من أجل إثارة الاهتمام بقضيتها وتحسين ظروف الوصاية المفروض عليها أو رفعها بشكل كامل، ومنحها الحق بمحاولة تأسيس أسرة جديدة، والزواج والإنجاب، وهو أمر يستطيع الأوصياء عليها حرمانها منه، وإلزامها باتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع الحمل. وكما يرى مختصون، فإن الوصاية قد تكون ضرورية في بعض الحالات، لبعض العجزة أو الأشخاص الذين يعانون من إعاقات جسدية أو ذهنية تحول دون قدرتهم على التحكم بشؤونهم، كما أن ثمة خيارات على شؤون الوصاية يمكن أن تكون أقل تقييدًا مما هو مفروض على بريتني سبيرز حاليًا، تخولها للتحكم بالقرارات الرئيسية الكبرى في حياتها، والتحكم بشكل أكبر بشؤونها الخاصة.

لطالما خضعت بريتني لقيود على حياتها منذ صعودها إلى النجومية في وقت مبكر من سنوات مراهقتها، عبر دائرة الرجال الذين حاولوا التلاعب بها واستغلالها والاستفادة من صورتها إلى أقصى قدر ممكن

لطالما خضعت بريتني لقيود على حياتها منذ صعودها إلى النجومية في وقت مبكر من سنوات مراهقتها، عبر دائرة الرجال الذين حاولوا التلاعب بها واستغلالها والاستفادة من صورتها إلى أقصى قدر ممكن، ضمن بيئة أسهمت في تشكيل صورة عنها بهدف استمرار احتكارها وتملّكها، وحرمان صاحبها من التوجيه والرعاية والدعم في الأوقات التي كانت في أشد الحاجة إليها. كل تلك المأساة التي عاشتها بريتني سبيرز على مدى سنوات عديدة، بالرغم من شهرتها وثروتها الطائلة منذ المراهقة، إلا أنّها لم تكن في أية لحظة قادرة على التحكّم بشؤونها واختيار ما تريد أو طلب العون من أقرب الناس إليها في غمرة انشغالهم عنها بنجاحها والتعامل معها كأنها مجرّد آلة لصناعة المال والرفاهية. كل ذلك كانت تعيشه بريتني، دون أن تمتلك حتّى قدرة التعبير عنه لوسائل الإعلام لفترة طويلة، وهو ما عبرت عنه أخيرًا في جلسة المحاكمة العلنية حين قالت: "سكتت كثيرًا رغمًا عني، لأني كنت أعتقد أن الناس سيسخرون منّي، ويقولون إنها تكذب بلا شكّ، فهي لا ينقصها أي شيء، إنها بريتني سبيرز!".

 

اقرأ/ي أيضًا: 

عن إن أن والضبّور وأغانينا

الراب في اليمن.. أصوات الشارع والحياة

طارق حاج قويدر.. الراب يتبنّى هواجس الصحراء الجزائريّة