19-أبريل-2018

قررت فرنسا معاقبة الأسد بتجريده من وسام شرفي حصل عليه في 2001 (رويترز)

في خطوة لا تعني شيئًا على أرض الواقع، بدأ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في إجراءات تجريد رئيس النظام السوري بشار الأسد، من أعلى وسام شرف فرنسي، كان قد قُلده في 2001. المزيد من التفاصيل حول هذا الإجراء الذي لن يغير من حقيقة إقرار فرنسا بواقع بقاء الأسد في السلطة بسوريا، في تقرير لصحيفة الغارديان ننقله لكم مترجمًا في السطور التالية.


بدأت الحكومة الفرنسية الإجراءات الرسمية في تجريد رئيس  النظام السوري بشار الأسد من وسام جوقة الشرف، والذي يُعد أعلى تكريم رسمي في فرنسا، في الوقت الذي يسعى فيه الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، إلى إعادة الاعتبار إلى أرفع الأوسمة الفرنسية، وأكثرها إثارة للجدل في بعض الأحيان.

بدأ إيمانويل ماكرون في إجراءات تجريد بشار الأسد من أعلى وسام شرف فرنسي، كان قد حصل عليه في عهد جاك شيراك

وبعد أقل من أسبوع من انضمام فرنسا إلى الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا في ضرباتهما الصاروخية الموجهة إلى أهداف تابعة للنظام السوري، في رد مباشر على استخدام نظام الأسد للأسلحة الكيميائية في بلدة دوما بالغوطة الشرقية، قال قصر الإليزيه، إن "الإجراء العقابي" لسحب الوسام كان قيد التنفيذ بالفعل.

اقرأ/ي أيضًا: الغارديان: التعويل على الغرب لوقف جرائم الأسد ضربٌ من العبث!

ولا يمكن اتخاذ قرار سحب التكريم إلا من قبل الرئيس الفرنسي، بصفته العضو الأعلى منزلةً في النظام الوطني لجوقة الشرف. وكان الأسد قد قُلد بالصليب الكبير، والذي يُعد الوسام الأرفع بين درجات التكريم الخمس في وسام جوقة الشرف، بعد توليه الرئاسة خلفًا لوالده حافظ الأسد، عام 2001.

تقليد الأسد وسام جوقة الشرف الفرنسي عام 2001
تقليد الأسد وسام جوقة الشرف الفرنسي عام 2001

هذا ويتلقى قرابة ثلاثة آلاف شخص كل عام وسام التكريم الذي أنشأه نابليون بونابرت عام 1802، لمكافأة المواطنين المتميزين، والعسكريين البواسل. إلا أن إيمانويل ماكرون قال إنه يسعى إلى "العودة إلى الروح الأصيلة" لهذا الوسام، من خلال تقليص عدد من يُكرمون به، وضمان منحه على أساس الجدارة.

أكد كريستوف كاستانير، المتحدث الرسمي باسم الرئيس، أن هذا الوسام لن يُمنح لأكثر من ألفي شخص سنويًا. وقد كُرم بهذا الوسام بالفعل 101 شخص فقط في العيد الوطني الفرنسي في تموز/يوليو الماضي، على عكس الرقم المعتاد الذي يتراوح من 500 إلى 600 مُكرم.

وقُلص عدد المواطنين الفرنسيين المدنيين والعسكريين الذين سيُمنحون هذا الوسام بنسبة 50% ثم 10% على التوالي، بينما خُفضت نسبة الأجانب -الذين يُكرمون لتقديم خدمات إلى فرنسا في الإنجازات الثقافية وغيرها، أو للدفاع عن قضايا تدعمها فرنسا بشكل خاص- بنسبة 25%.

لكن لا يوجد هدف رسمي لتقليص عدد أوسمة جوقة الشرف "الدبلوماسية" بنسبة محددة. هذه الأوسمة عادةً ما تُمنح للشخصيات الرفيعة من الأجانب خلال الزيارات الرسمية للبلاد. ونادرًا ما يُعرف بشأن هذه التكريمات، والتي تُعد من قبيل الإجراءات "الدبلوماسية المتبادلة"، وأداةً مفيدة في السياسة الفرنسية الخارجية.

تقلد العديد من غير الفرنسيين من ساسة العالم الفاسدين بوسام جوقة الشرف الفرنسي، مثل محمد بن نايف وزين العابدين بن علي وتشاوتشيسكو

ولم تظهر أخبار عن تقلد الأسد لوسام جوقة الشرف على يد الرئيس الفرنسي الأسبق، جاك شيراك، خلال زيارته الرسمية لباريس في 2001، إلا بعد ثماني سنوات، عندما ذكرت السفارة السورية في فرنسا ذلك لمؤلف كتاب عن هذا الوسام.

اقرأ/ي أيضًا: جحيم الحرب السورية.. انتكاسة أوروبا الأخلاقية

كما ااكتشف أمر منح شيراك وسام الصليب الكبير للرئيس الروسي فلاديمير بوتين عام 2006 -والذي أثار غضبًا شعبيًا كبيرًا حينها- فقط بعد أن سجل صحفيون روس تلك المراسم في فيلم.

وقُلدت شخصيات أجنبية بارزة أخرى مثيرة للجدل وسام جوقة الشرف، من بينهم، الأمير محمد بن نايف، ولي عهد المملكة العربية السعودية السابق، والذي مُنح الوسام من قبل الرئيس الفرنسي السابق، فرانسوا هولاند عام 2016، وذلك على الرغم من الزيادة الحادة في أعداد أحكام الإعدام الصادرة من المحاكم السعودية.

كما مَنح الرؤساء السابقون، شارل ديغول، وفرانسوا ميتران، ونيكولا ساركوزي الوسام إلى شخصيات غير محبوبة أيضًا، مثل الطاغية الروماني نيكولاي تشاوتشيسكو، والدكتاتور التونسي زين العابدين بن علي، ورئيس الغابون علي بونغو، الذي تمتلك عائلته أصولًا في فرنسا تقدر بـ150 مليون يورو.

وقُدمت اللوائح التي تسهل استرداد هذا التكريم من الشخصيات الأجنبية أخيرًا عام 2010، جاء ذلك مباشرةً بعد تسليم الولايات المتحدة الأمريكية ديكتاتور بنما العسكري، مانويل نوريغا، إلى فرنسا لتنفيذ عقوبة 10 سنوات سجن لضلوعه في جرائم غسيل أموال، فقد أطيح به من منصبه على يد الولايات المتحدة بعد عامين من منحه وسام التكريم عام 1987.

ويمكن للرئيس الفرنسي في الوقت الراهن تجريد أي شخصية أجنبية محكوم عليها بالسجن لمدة عام على الأقل من وسام جوقة الشرف، أو أي شخصية "ارتكبت أعمالًا أو تصرفت بصورة غير مشرفة، أو أضرت بمصالح فرنسا في الخارج، أو بالقضايا التي تدعمها فرنسا".

كان وسام جوقة الشرف يُمنح لـ3 آلاف شخص سنويًا (أ.ف.ب)
كان وسام جوقة الشرف يُمنح لـ3 آلاف شخص سنويًا (أ.ف.ب)

منذ سريان هذه التعديلات، جُرد قطب هوليود الشهير، هارفي واينستاين، من وسامه في أعقاب اتهامه بالتحرش الجنسي والاغتصاب، وقد سرى ذلك أيضًا على الدراج لانس أرمسترونغ لتناوله منشطات معززة للأداء، ومصمم الأزياء جون غاليانو بعد تصريحاته المعادية للسامية.

تجريد الأسد من الوسام لا يعني شيئًا على أرض الواقع، خاصة أن الإليزيه أكد على استمرار العمل حتى مع نظام الأسد، لحل الأزمة السورية!

ومن هذا المنطلق، بدأت إجراءات تجريد الأسد من الوسام، كونه متهم بقتل عشرات آلاف المدنيين من شعبه، واستخدام أسلحة محرمة دولية. لكن ذلك التجريد لا يعني شيئًا ذا أثر على أرض الواقع، خاصة وأنه وسام فاقد حتى لقيمته المعنوية، بالإضافة إلى تأكيد الإليزيه، على أن تجريد الأسد من الوسام، لا يعني أن فرنسا لن تواصل العمل مع جميع الأطراف، بما في ذلك نظام الأسد، لحل الأزمة السورية.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

أسماء الأسد.. "سيدة الجحيم الأولى" التي خدعت العالم الغربي

ضربة السيرك الثلاثي لمواقع الأسد.. عندما لا يريد العالم إسقاط الدكتاتور