03-يناير-2018

يواصل حكام دبي الترويج لأنفسهم ببناءات ذات تكلفة باهظة تثير جدلًا واسعًا (فيسبوك)

يحاول حكام الإمارات الترويج لتقدمهم من خلال تعداد البناءات الشاهقة، ومنها ما إطار دبي/ برواز دبي الذي افتتح مؤخرًا، لكن عوض أن يثير الجدل بتميزه معماريًا تحول النقاش إلى أمر آخر. فقد كشف المهندس المكسيسي فرناندو دونيس أن الأصح اعتباره "أكبر مبنى مسروق في التاريخ". في هذا المقال، المترجم بتصرف عن الغارديان البريطانية، تفاصيل أكثر.


يرتفع برواز دبي 150 مترًا فوق حديقة زعبيل، وهو مرصع بالزخارف الذهبية المتلألئة التي تلمع في ضوء الشمس الصحراوية، وقد افتتح أخيرًا بعد ما يقرب من عشر سنوات على تصميمه لأول مرة. يحضر الزوار عرضًا بمقابل 50 درهمًا (10 جنيه إسترليني)، عن تاريخ الإمارات، قبل أخذ المصعد إلى معرض بطول 93 مترًا في الجزء العلوي من برواز دبي، حيث يمكنهم السير على طول الممشى الزجاجي ومشاهدة معالم مدينة الديرة القديمة إلى الشمال والأبراج باتجاه شارع الشيخ زايد إلى الجنوب.

يحاول حكام الإمارات الترويج لتقدمهم من خلال تعداد البناءات الشاهقة وذات التكلفة الباهظة التي عادة ما تثير جدلًا واسعًا ومنها إطار دبي الأخير

ويقوم نفق "دوَّامي" مضاء بالنيون بنقل الزوار إلى معرض تفاعلي حول مستقبل دبي، مع شاشات عرض واقع معزز تقدم لمحات لما ستكون عليه الإمارات، حسب تصور المصممين للعمل، بعد 50 عامًا. والمبنى بالكامل في برواز دبي مغطى بكسوة ذهبية تمثل شعار معرض إكسبو الدولي 2020 الذي سيقام في دبي، مما يجعله لوحة إعلانية من 50 طابقًا للحدث المقبل.

ويعتبر الإطار/"البرواز" واحدًا من أكثر الصور الظلية السريالية التي ظهرت في سماء المدينة المزدحم بالمعالم في السنوات الأخيرة، منتصبًا على شكل مستطيل مجوف رشيق يمكن رؤيته على بعد أميال من جميع الجهات.

 اقرأ/ي أيضًا: دبي.. جنّة "حريات" مزعومة لمن يلتزم الصمت فقط!

ومن الصعب تمييز نطاقه برواز دبي بسبب شكله المستطيل المجرد، إذ يبدو من بعض الزوايا كأنه لوحة إعلانات فارغة على جانب الطريق جُردت من إعلاناتها، ويبدو من الزوايا الأخرى مثل قوس عملاق، زُين بشكلٍ باهظ إلى أقصى الحدود.

إلا أن مبنى برواز دبي أثار الجدل لأسباب أخرى. قد يكون برواز دبي الذي يرتفع خمسين طابقًا أطول إطار صورة في العالم، ولكن مصممه يريد أن يضيف لقبًا آخر إليه، وهو أكبر مبنى مسروق في التاريخ. يقول المهندس المكسيكي فرناندو دونيس: "أخذوا مشروعي، وغيروا تصميمه وبنوه دون علمي"، وهو الذي سبق وأن فاز مقترحه لتصميم مبنى على شكل إطار في مسابقة دولية عام 2008، كان هدفها "تصميم رمز شاهق الارتفاع للترويج لوجه دبي الحديث".

فيرناندو دونيس، مصمم إطار دبي الذي تمت سرقة فكرته (آنا هوب)

صرح المهندس فرناندو دونيس أن فكرة "إطار دبي" تعود له، وقد فاز من خلالها في مسابقة دولية لكن طُلب منه التنازل عن الملكية الفكرية للتصميم وهو ما اعتبره تحايلاً

نظمت شركة تيسن جروب الألمانية المسابقة بالتعاون مع الاتحاد الدولي للمهندسين المعماريين، وهي منظمة تابعة لليونسكو، والتي أشرفت على مسابقات تصميم مبنى دار الأوبرا في مدينة سيدني بأستراليا، ومركز جورج بومبيدو في مدينة باريس بفرنسا، وتلقت المسابقة تصاميم من أكثر من 900 مشارك من جميع أنحاء العالم.

شكك البعض في الحاجة إلى رمز آخر شاهق الارتفاع، نظرًا إلى أن دبي مشهورة بأنها موطن لغابة من الأعمدة الشاهقة المغطاة بالزجاج العاكس، مثل برج خليفة، واثنين من المباني الذهبية الشبيهة لمبنى كرايسلر في مدينة نيويورك، وأبراج أخرى. ولذلك كان تحدي المسابقة في هذه المدينة بالذات يتمثل في تقديم نوع جديد من المعالم التي من شأنها أن تبرز وسط هذا الحشد. كان دونيس عند هذا التحدي، الذي يقول عنه: "بدلًا من تصميم ضخم آخر، اقترحت إطارًا فارغًا. شيءًا من شأنه أن يحيط بجميع المعالم الأخرى".

 اقرأ/ي أيضًا: تقارير دولية: آثار مصر تباع بالقطعة للإمارات لتستقر في لوفر أبوظبي

كان تصميم فرناندو دونيس الفائز انعكاسًا لعبقرية "المدرسة التبسيطية". كان التصميم عبارة عن إطار أبيض رقيق، مختلفًا تمامًا عن نشاز الصور الظلية المستحدثة المحيطة به، وعلى الرغم من ذلك يضمها جميعًا بداخله. واتسم بالوضوح وكأنه إحدى منحوتات سول لويت، فهو بمثابة مخطط ليس له مظهر خاص يميزه، مُشكل من الخرسانة والصلب والذي سيتغير منظره باختلاف زاوية النظر إليه من شتى أنحاء المدينة.

تلقى المهندس المعماري فرناندو دونيس جائزة بمقدار 100,000 دولار وسافر إلى دبي ليكرم في حفل عشاء مع ولي العهد، ولكنه يقول إن بعد ذلك بوقت قصير تسلم عقدًا من بلدية دبي يُحد من مشاركته في المشروع ليكون استشاريًا. وطُلب منه التنازل عن الملكية الفكرية للتصميم، ولا يحق له أبدًا زيارة موقع البناء أو الترويج للمشروع على أنه من أعماله، في حين أن البلدية لها الحق في إلغاء الاتفاقية في أي وقت. يقول فرناندو دونيس إنه رفض التوقيع على العقد، ولذا لجأت الإمارات إلى تعيين شركة هايدر كونسالتينج، فرع من الشركة الهندسية الألمانية العملاقة أركاديس، وعهدت إليها بتنفيذ التصميم دون الرجوع إلى صاحبه.

يقول إدوارد كلاريس، وهو محام من نيويورك "إنها غطرسة جلية. تعتبر الإمارات نفسها دولة تحترم الملكية الفكرية، وهي رغم ذلك تتعدى على حقوق الملكية تعديًا صارخًا. إن النظام القضائي لدبي يجعل من المستحيل مقاضاة البلدية ما لم تمنحك البلدية السلطة لمقاضاتها. إنهم يمنحون أنفسهم حصانة سيادية ضد أي دعوى قضائية". وكان إدوارد كلاريس قد رفع دعوى قضائية باسم المهندس المعماري في المحكمة الفيدرالية للولايات المتحدة ولكن دون جدوى.

حاولت صحيفة الغارديان البريطانية التواصل مع البلدية لمرات عديدة خلال العام الماضي، لكنها رفضت التعليق حتى الآن أو السماح بالدخول إلى الموقع. وفي خطاب إلى فرناندو دونيس، قالت شركة تيسين كروب إن الموقف أصبح "خلافًا تجاريًا" وأن الشركة "لا تمتلك أي إمكانية للتدخل". وفي تصريح للصحيفة البريطانية، قال الاتحاد الدولي للمهندسين المعماريين إن "جميع المسابقات التي يصدق عليها الاتحاد الدولي للمهندسين المعماريين تتطلب الالتزام بالمبادئ الواردة في لوائح اليونسكو (التي تحمي حقوق الملكية الفكرية). ومع ذلك، لا يستطيع الاتحاد الدولي للمهندسين المعماريين التدخل بموجب القانون في الأمور التي تأتي في أعقاب أي منافسة".  

 

 اقرأ/ي أيضًا:

كيف تستقدم حكومة أبوظبي من يتجسس على مواطنيها؟

الوجه الحقيقي لبلاد وزارة السعادة.. تمييز عنصري رسمي وممنهج تفرضه أبوظبي