18-يناير-2018

من كواليس الحلقة الأولى من برنامج المكتب الثاني (MTV)

في الوقت الذي تتسابق فيه محطات التلفزة اللبنانية على استقطاب أكبر نسبة ممكنة من الجمهور، مستخدمة في ذلك كل مهارات التسويق والبروباغندا، أعلنت قناة MTV  قبل بضعة أشهر عن إطلاق برنامج "المكتب الثاني"، الذي يقدمه الثنائي رجا ناصر الدين ورودولف هلال. اسم البرنامج وهوية مقدميه قدما للمشاهد فكرة مسبقة عن ماهية وطبيعة البرنامج وما سيكون عليه.

اسم برنامج "المكتب الثاني" وهوية مقدميه قدما فكرة مسبقة عن البرنامج كتحقيق بطريقة فضائحية مع ضيف، الغاية الأساسية منه "السكوبات" والشهرة

فالمكتب الثاني، كما يعرفه اللبنانيون، هو جهاز أمني اشتهر في خمسينات وستينات القرن الماضي في لبنان، وخاصةً في عهد الرئيس فؤاد شهاب، حيث كان عين الدولة وذراعها الأمنية والمخابراتية، وكان يتولّى مراقبة المواطنين في تفاصيل حياتهم اليومية ويحقق معهم حول كل صغيرة وكبيرة.

اقرأ/ي أيضًا: معركة جزائية بين حركة أمل وقناة الجديد.. الفساد يضرب حلفاء الممانعة من جديد!

وفي نفس الوقت، فإن ثنائية رجا - رودولف ارتبطت دائماً بالبرامج الحوارية الجريئة والضيوف المثيرين للجدل. وطالما شهدت برامجهم السابقة على قناتي OTV  وLBC  مواقف غير مألوفة جرى تداولها على وسائل التواصل الاجتماعي بكثرة. يستطيع المشاهد أن يخمّن مسبقاً أن البرنامج سيكون أشبه بتحقيق بطريقة فضائحية، يجريه المقدمان مع ضيفهم، مع استخدام كل طاقاتهم لإخراجه عن طوره، والحصول على "سكوبات" قوية تُوظّف في خدمة البرنامج ورفع شعبيته، بغض النظر عن جودة المضمون والتزام اللياقة وأصول الحوار الرزين والمتزن. لا أحد يهتم أصلاً.

ضيف الحلقة الأولى من البرنامج كان مخرج برامج المنوعات المعروف سيمون أسمر، المشهور بصراحته وطلاقة لسانه ومواقفه الحادة. استهلت الحلقة بعرض وثيقة، افتراضية طبعاً ولا قيمة لها، يقرّ من خلالها الضيف أنه مسؤول عن كل ما يقوله في الحلقة. طبعاّ هذه فكرة مستهلكة وشاهدناها في العديد من البرامج من قبل. يضع مقدما البرنامج ضيفهما موضع الاتهام، يوجهان له أسئلة جريئة تصل جد الوقاحة أحياناً. والضيف عليه أن يدافع عن نفسه.

الفكرة déjà-vu والبرامج الحوارية الفنية في السنوات الأخيرة تنحو المنحى نفسه. المضيف يتهم ويحاكم ماضي الضيف ومسيرته، والأخير عليه أن يدافع عن نفسه وأن يثبت براءته. برامج تمام بليق على تلفزيون الجديد وبعض برامج الإعلاميين نيشان وطوني خليفة وحتى تجارب رجا ورودولف السابقة تحمل المضمون نفسه وإن اختلف الشكل تبعاً لنوعية البرنامج أو أسلوب المقدّم وثقافته ولباقته.

التوجه العام للبرنامج واضح إذاً. يستغل المقدمان خبرتهما والانسجام القوي بينهما بهدف إخراج أفضل(أو أسوأ) ما يمكن إخراجه من الضيف. هي أشبه بحرب نفسية. تلاحق الضيف بأسئلة محرجة وحساسة، تحشره في زاوية ضيقة ليطلق مواقف مثيرة للجدل فتحقق هدفك المنشود. التسويق للبرنامج والحصول على معدلات عالية في حرب الRatting الدائرة رحاها.

"المكتب الثاني" هو أشبه بالحرب النفسية، تلاحق الضيف بأسئلة محرجة وحساسة، تحشره في زاوية ضيقة ليطلق مواقف مثيرة للجدل فتحقق هدفك المنشود

يستخدم معدو البرنامج سلاح الوقت بطريقة ذكية. يحصل الضيف على دقيقة واحدة للإجابة على الأسئلة. خلال هذه الدقيقة يقاطعه المقدمان باستمرار. ويقومان بتوجيه منحى الأمور بشكل يستفز ضيفهما. بعد انقضاء الدقيقة يُفصل صوت الضيف أوتوماتيكياً وغالباً بدون أن يتمّ فكرته. يمتلك ثلاث اختيارات فقط: أن يمدد وقت الإجابة لدقيقة مرة واحدة، أن يستخدم الحصانة ويتجنّب الإجابة مرة واحدة، أن يقلب الإجابة مرة واحدة ويحولها للمضيف. في المقابل يحق لرجا ورودورف أن يمددا وقت الإجابة إذا أرادا ذلك. يستخدمان هذه الميزة في حال شعروا أن الضيف في طريقه لإطلاق موقف قوي وغير محسوب. هدفهما أن يبقياه تحت الضغط دائماً. الضغط يولد الانفجار.

اقرأ/ي أيضًا: نشرات أخبار "الجديد" اللبنانية.. السقوط المدّوي؟

لا بد من التنويه أن المواقف الحرجة في هذا النوع من البرامج قد لا تكون حقيقية كلها بالضرورة. وقد يكون هناك اتفاق مسبق مع الضيف على مواقف محددة بما يسهم في رفع نسب المشاهدة. الغاية تبرر الوسيلة!

أهم المواقف واللقطات التي شهدها "المكتب الثاني" إلى الآن كانت:

في الحلقة الأولى مع سيمون أسمر كما ذكرنا لم تغب المواقف النارية والمفاجآت. حيث أطلق سهامه على عدد من نجوم الوسط الفني. وقد نجح مقدما البرنامج في اقتناص مادة دسمة شغلت الرأي العام الفني في الأيام التالية.

في حلقة الفنانة العراقية شذا حسون، أصرّ كل من رجا ورودولف على إثارة موضوع خلافها مع الفنانة الإماراتية أحلام. حافظت شذا على هدوئها إلى حد معين ثم انهارت وأجهشت بالبكاء بعد عرض تغريدة لأحلام تتكلم من خلالها عن الفنانات اللواتي أصبحن يشبهن فتيات الليل.

وبعيداً عن الفن وأهله، استضاف البرنامج في أحد حلقاته، الوزير السابق وئام وهاب، المعروف بتصريحاته النارية. ولكن الحلقة لم تكن بحجم توقعات المعدين حيث بدا وئام وهاب "هادئاً" على غير العادة. كما استضاف رجل الأعمال رضا المصري، الذي أعلن أنه سيترشح لرئاسة مجلس النواب في الانتخابات المقبلة! علي الديك ونادين الراسي وزياد برجي أيضاً حلّواً بدورهم ضيوفاً على البرنامج.

بعد شهرين على انطلاقته، ورغم الإمكانيات الكبيرة الموضوعة في خدمته على صعيد التجهيزات والإضاءة والأستوديو وما إلى ذلك. لم ينجح المكتب الثاني في تقديم أي إضافة. هو واحد من البرامج الفضائحية المنتشرة بكثرة، فوارق في الشكل وطريقة الإعداد وبعض "الأكسسورات". لكن الغاية هي نفسها: الحصول على مواقف نارية من الضيف على أمل أن تشتعل بها الأوساط الفنية والسياسية ومواقع التواصل في الأيام التالية.

 

اقرأ/ي أيضًا:

طوني خليفة .. "العين بالعين" والناسخ أظلم

أزمة إعلام الحريري.. من ينصف المهددين بالطرد؟