07-أبريل-2019

تعتمد الفضائيات اللبنانية على الفضائح والابتذال لجذب المشاهدات (Pinterest)

في السنوات الأخيرة نجحت وسائل التواصل الإجتماعي في توجيه ضربة قوية إلى محطات التلفزة التي خسرت موقعها الموقع الريادي في مجال الإعلام والترفيه.  

بهدف زيادة المشاهدات لجأت محطات التلفزة اللبنانية في السنوات الأخيرة إلى الاعتماد على البرامج الفضائحية المبتذلة

وبهدف رفع مستوى المشاهدات واستعادة الريادة مرة أخرى، عمدت محطات التلفزة اللبنانية في السنوات الأخيرة إلى عرض برامج ذات منحى فضائحي، تخترق الحياة الخاصة للأشخاص، وتعرض مشاكلهم وخصوصياتهم على الملأ، تارة من خلال الإغراء المادي، وأخرى من خلال استغلال بساطة بعضهم أو حب الظهور لديهم، أو من خلال إيهامهم بأنهم قادرون على إيجاد حلول لمشاكلهم.

اقرأ/ي أيضًا: برامج الصباح اللبنانية.. ديكور إتيكيت و"لتلتة"

واشتهرت خاصة البرامج التي تعرض مساء كل يوم إثنين على معظم القنوات الفضائية اللبنانية. ولا يأتي اختيار الإثنين مصادفة، فهو اليوم الذي يلي عطلة الأسبوع غالبًا، حيث تكثر الأحداث "المثيرة"، وحيث يسهر الناس في بيوتهم غالبًا.

تنتشر في الفضائيات اللبنانية برامج الفضائح الجنسية

ويختار معدو هذه البرامج المواضيع التي تدغدغ فضول المشاهد، ما يضمن لها نسب مشاهدة عالية، بغض النظر عن نوع المحتوى فضلًا عن جودته، وما قد تُلحقه هذه المواد من ضرر مادي ومعنوي بالأشخاص المعنيين بها.

وتبرز إلى الأذهان هنا حادثة الممثل المسرحي زياد عيتاني، الذي استبق برنامجان تلفزيونيان محاكمته بتهمة التعامل مع إسرائيل، والتي تبين لاحقًا أنها تهمة لا أساس لها من الصحة.

استغلال أوجاع الناس لصناعة مواد إعلامية

تبحث الفضائيات اللبنانية عن كل ما تعتبر أنه قادر على تحقيق نسب مشاهدة عالية، من فضائح جنسية ومظاهر عنف، إلى الحالات الاجتماعية والصحية اللافتة، كعرض حالات عن الزواج المبكر والاعتداءات الجنسية، والإعاقات الجسدية والعقلية، والمشاكل العائلية، وتقدّمها بطريقة استهلاكية ومبتذلة، بدون محاولة إيجاد حلول لها، بل بالاكتفاء بعرضها.

وعندما تُثار قضية رأي عام في لبنان، كالمطالبة بتشريع الزواج المدني، أو الحديث عن تعديل سن الحضانة في حالات الطلاق، تتلقف برامج التلفزيون هذه القضايا، وتعالجها بطريقة سطحية، وتفتح الهواء بشكل عشوائي لكل من يدعي الاختصاص، فيختلط الحابل بالنابل، ويمتلئ الهواء بالمهاترات والنقاشات العقيمة، فيتم تضليل الرأي العام بكميات من المغالطات دون أن تنجح هذه البرامج في تقديم أو تصور أي حل. 

يبحث معدو البرامج في السوشيال ميديا عن "التريند"، وتتسابق الفضائيات على استضافة أبطالها. وعندما يتعلق الأمر بكارثة اجتماعية تصيب أحدهم، تتحول هذه البرامج لحفلات من الرقص على الجراح، ويصبح السبق الصحفي، وانتزاع ردّات فعل مباشرة من أشخاص تعرضوا للتو لنكبة أو مصيبة، "شطارة" إعلامية، ونقاطًا يسجلونها في رصيدهم!

الجمهور عايز كدا!

ومن الأمثلة البارزة مؤخرًا، مقاطع الفيديو التي انتشرت عبر تطبيق واتساب، والتي تظهر قيام أحدهم بإذلال رئيس إحدى البلديات وتصويره بوضعية مهينة بسبب اتهامه له بإقامة علاقة مع زوجته.

تلهث الفضائيات اللبنانية وراء المشاهدات بأي طريقة

أجرى المذيع طوني خليفة في البرنامج الذي يحمل اسمه، اتصالًا على الهواء برئيس البلدية، فيما كان جو معلوف في الوقت نفسه يتصل بالرجل الذي قام بتصوير الفيديو، ليبدي نشطاء ومتابعون استياءهم من طرح المسألة على الهواء بابتذال، دون ملامسة جوهر المشكلة أو طرح حلول جادة، مع الاكتفاء باستغلال القضية لجذب نسبة مشاهدة عالية.

يتحمل الجمهور اللبناني جزءًا من مسؤولية وجود برامج الإثنين الفضائحية التي لاقت صدى واسع وشعبية كبيرة

وبالرغم من تذمر جزء كبير من المتابعين من نوعية البرامج المعروضة، واستغلال آلام الناس وهفواتهم وضعفهم لصناعة مواد هدفها فقط تسجيل نقاط في حرب المشاهدات، فاللافت أن هذه البرامج تحقق فعلًا النجاح المستهدف، الأمر الذي يرجعه البعض إلى الرأي العام، محملًا إياه مسؤولية إنجاح هذه البرامج في تجارتها الفضائحية.

 

اقرأ/ي أيضًا:

الإعلام الحكومي اللبناني.. اقتباس لفشل الدولة!

"التوك شو" السياسي في لبنان.. استعراض النشاز