09-يناير-2025
اقتحام مبنى الكابيتول

ترامب وعد بالعفو عن أتصاره المدانين في اقتحام مبنى الكابيتول (رويترز)

يخوض دونالد ترامب وعددًا من صقور تحالفه معركةً من أجل إعادة كتابة واقعة اقتحام مبنى الكابيتول، في السادس من كانون الثاني/يناير 2021، رفضًا لنتائج الانتخابات التي خسرها ترامب المتهم بدعوة أنصاره إلى الانقلاب على النتائج.

ويحاول ترامب استغلال تقرير المفتش العام لوزارة العدل، مايكل هورويتز، لتبرئة أنصاره ومنحهم بموجب ذلك عفوًا رئاسيًا بذريعة أن المقتحمين كانوا ضحية لمؤامرة دبّرها مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي).

لكن صحيفة "واشنطن بوست" فنّدت بشدة ادعاءات مناصري ترامب، وعلى رأسهم نائبه جيه دي فانس والملياردير الأميركي إيلون ماشك مالك شركات "تسلا" ومنصة "إكس"، حيث وصفت الصحيفة مزاعمهم بالخيالية، خاصةً أن نتائج تحقيقات المفتش العام لوزارة العدل كانت غير مفاجئة وصريحة في إبعاد تهمة التآمر عن مكتب التحقيقات الفيدرالي، ولولا محاولة أنصار ترامب تحريفها ما كانت لتستحق أصلًا كل هذا الاهتمام.

من الواضح أن الجدل "المفتعل" من طرف إدارة ترامب حول نتائج التحقيق في اقتحام مبنى الكابيتول يهدف بالدرجة الأولى إلى تبرير قرار وشيك بالعفو عنهم

فقد انتهى تحقيق المفتش هورويتز إلى أنه لم يكن هناك، يوم اقتحام مبنى الكابيتول من طرف أنصار ترامب، موظفون سريون من مكتب التحقيقات الفدرالي (إف بي آي) لحظة اقتحام المبنى، كما لم يتواجد أي منهم في المظاهرة التي سبقت أعمال الشغب في منتزه "ذا إيلابس"، الواقع جنوب سياج البيت الأبيض.

وقد كشف تحقيق المفتش العام أن "مكتب التحقيقات الفيدرالية كان لديه 26 مخبرًا بالعاصمة واشنطن ذلك اليوم، لكن 3 منهم فقط تم تكليفهم من قِبل مكاتبه الميدانية بالوجود في المدينة". ويضيف التحقيق الذي اطلعت عليه "واشنطن بوست" أنه "في حين أن المحتجين دخلوا المناطق المحظورة بمبنى الكابيتول، إلا أنه لم يكن مصرحًا لأي منهم القيام بذلك، ولا بتشجيع الآخرين على خرق القانون"، عكس ما يروج له أنصار ترامب الذين يدعون بأن مكتب التحقيقات الفيدرالي وجههم إلى اقتحام المبنى لمساعدة ترامب على قلب نتائج الانتخابات التي ادعى أنها مزورة، رافضًا الاعتراف بفوز مرشح الحزب الديمقراطي جو بايدن.

وبحسب "واشنطن بوست"، فقد جاء في تقرير هورويتز أن "العميل الخاص المساعد المسؤول عن قسم مكافحة الإرهاب بمكتب واشنطن الميداني التابع لمكتب التحقيقات الفيدرالي رفض طلبًا لإرسال موظف سري إلى العاصمة في 6 كانون الثاني/يناير 2021". وهذا إن دل على شيء، فإنما يدل على أن "إف بي آي كان مدركًا أن هناك سياسة تقيِّد الموظفين السريين من جمع المعلومات الاستخباراتية بالأحداث المحمية بموجب التعديل الأول للدستور الأميركي"، وفقًا للصحيفة الأميركية.

وترى "واشنطن بوست" أن المفتش العام بوزارة العدل "قدّر أن 23 من أصل 26 مخبرًا من الذين ذهبوا إلى واشنطن في 6 كانون الثاني/يناير 2021 فعلوا ذلك بمبادرة منهم".

وتخلص الصحيفة إلى أنه "ينبغي ألا تعاد كتابة الواقعة، ذلك لأن ترامب -وليس مكتب التحقيقات الفدرالي - هو من أخبر المحتجين الذين احتشدوا في منتزه "ذا إيلابس" بأن عليهم القتال بكل قوة لإلغاء نتائج الانتخابات، وأنه سينضم إليهم في مبنى الكابيتول".

تحريف نتائج التحقيق

على الرغم من وضوح استنتاجات تقرير المفتش العام، إلا أنه وبعد مرور 4 أعوام على الحادثة التي اعتبرت تهديدًا حقيقيًا للديمقراطية الأميركية، تحاول أسماء رئيسية في إدارة ترامب تحريف نتائج التحقيقات بهدف "الإيحاء بأنها تثبت صحة الادعاء المنافي للعقل بأن مكتب التحقيقات الفدرالي هو من دبر الهجوم على الكابيتول"، حسب تعبير الصحيفة المعروفة بمعارضتها.

كان نائب الرئيس الأميركي المنتخب جيه دي فانس على رأس قادة حملة "التضليل"، حيث كتب بعد صدور التحقيق أن حدث اقتحام مبنى الكابيتول: "جرى تصنيفه على أنه نظرية مؤامرة خطيرة منذ أشهر".

وعلى المنوال ذاته، تساءل إيلون ماسك، الملياردير الداعم لترامب، قائلًا: "ما الفرق بين مؤامرة يمينية والواقع؟ إنها 6 أشهر تقريبًا"، في إشارة منه إلى أن التحقيق لا يدين أنصار ترامب من اليمينيين، بل على العكس يشير بأصابع الاتهام إلى ما يسميه أنصار ترامب بـ"الدولة العميقة"، وفي القلب منها مكتب التحقيقات الفيدرالي الذي شن عليه ترامب وشخصيات بارزة من دائرته الضيقة حملة انتقادات قوية مطالبين بتطهيره من الأعداء.

وعد ترامب

من الواضح أن الجدل "المفتعل" من طرف إدارة ترامب حول نتائج التحقيق في اقتحام مبنى الكابيتول، يهدف بالدرجة الأولى إلى تبرير قرار وشيك بالعفو عنهم، وبدرجة ثانية يهدف إلى تشويه مكتب التحقيقات الفيدرالي وأي قرارات قد يتم اتخاذها بشأن الجهاز. وتجدر الإشارة إلى أن ترامب قطع وعدًا على نفسه خلال الحملة الانتخابية "بالعفو سريعًا عن المدانين بجرائم اقتحام مبنى الكابيتول".

تأسيسًا على ما سبق، ترى صحيفة "واشنطن بوست" أن محاولة ترامب وحلفائه تسويغ العفو عن المدانين باقتحام الكابيتول بتقرير المفتش العام لوزارة العدل، هو أمر غير وجيه بالمرة.