25-أغسطس-2016

من اليسار بديع خيري مع نجيب الريحاني

كان بديع خيري المولود في الثامن عشر من آب/أغسطس عام 1893 في أحد أقدم الأحياء، وأكثرها شهرة في تاريخ السينما "حي المغربلين"؛ يكتب الشعر العامي والزجل تحت اسم مستعار هو "ابن النيل"، ثم اتجه إلى العمل الفني فأخذ في كتابة القصائد في صحف "الأفكار" و"المؤيد" و"الوطن" و"مصر".

نجيب الريحاني: قضينا شهرين في تمثيل رواية "على كيفك" كان الرصيد بعدها قد بلغ ثلاثة آلاف جنيهًا

يقول الريحاني عن بديع خيري في مذكراته: "بعد أن انفصل عنا الأستاذ أمين صدقي، أعددت رواية سميتها "على كيفك"، وهي التي وضع أزجالها الصديق الجديد "بديع". وفي أثناء تمثيلها أدرس حالات الجمهور النفسية، أرقب مقدار الأثر الذي تحدثه تلك الأزجال في نفوسهم، وسرني أنهم يتقبلونها قبولًا حسنًا، بل أحسست فوق ذلك أن جميع الطبقات كانت تستريح لسماعها، وتقبل عليها أحسن إقبال. وقد رأيت أن أشجع هذا الفتى و"أفتح نفسه" للعمل، فرفعت مرتبه من 16 جنيهًا شهريًا إلى ثلاثين جنيهًا دفعة واحدة. ولقد تغير الحال تغيرًا مدهشًا، واتسعت دائرة الأعمال وأصبح مسرح الإجيبسيانة مقصد الرواد من كل حدب وصوب. حتى في الأيام التي كان يُعبر عنها بالميتة وهي الاثنين والثلاثاء والأربعاء. قضينا شهرين في تمثيل رواية "على كيفك" كان الرصيد بعدها قد بلغ ثلاثة آلاف جنيهًا، وقد كان قبل تمثيلها ثمانمائة فقط". 

اقرأ/ أيضًا: أليخاندرو إيناريتو: عليك أن تنهي هذا السباق

بالطبع لم تكن كل الأيام سعيدة، فقد كانت هناك مسرحية الطاحونة الحمراء التي لم تحظ بأي نجاح، لكنه استمر في عمله حتى حقق نجاحات مدهشة، ومن أبرز الأوبريتات التي قدمها بديع مع نجيب الريحاني "عشرة الطيبة" و"البرنسيس" و"أيام العز" و"الفلوس" و"مجلس الأنس" و"لو كنت ملك".

يحكي الريحاني عن بديع خيري في موضع آخر أن الوسيط الذي جاء به ليتعرف على نجيب الريحاني قال له إن الفتى كان يبدو منفوش الصدر مغرورًا، لكن حقيقة الأمر أنه كما ورد في المذكرات "شرب ثلاثة كؤوس من النبيذ حتى يتشجع في ملاقاة نجيب الريحاني، الذي يقول عنه: "تناقشنا بعض الوقت مناقشة دلتني على أن الفتى جد مهذب، وأنه حقًا خجول حسن التربية جم الأدب، ولعله من الظريف أن أقول أنه بعد فترة قصيرة انكمش صدره العريض وتقلص قوامه الممشوق وحل به اضطراب غريب".

وقد طلب منه الريحاني أن يقوم بكتابة زجل تلقيه طائفة من الأعجام وفدت لزيارة "كشكش بيك"، في قرية "كفر البلاص"، وبالفعل أنجزه الفتى وكان مطلعه: "هاي هاي إعجام إخوانا.. كفر البلاص قدامنا".

90% من تراث سيد درويش كتبه بديع خيري مثل أغنية "قوم يا مصري"، و"هز الهلال يا سيد"، و"الحلوة دي"

اقرأ/ أيضًا: "كابتن فانتاستيك".. يوتوبيا خطرة

كتب بديع خيري أيضًا للسينما كلاسيكياتها الأولى فألف فيلم "العزيمة" و"انتصار الشباب"، وكتب من الأغاني أهمها وأشهرها في تاريخ التراث الغنائي العربي عمومًا، والمصري خصوصًا: "الحلوة دى قامت تعجن فى الفجريّة" التي لحنها وغناها الفنان سيّد درويش، كما أنه صاحب كلمات "سالمة يا سلامة" أيضًا.

تقول حفيدته عطية خيري مخرجة أفلام الكرتون: "إن 90% من تراث سيد درويش كتبه جدي مثل أغنية "قوم يا مصري مصر دايمًا بتناديك"، والتي كانت شعارًا لثورة 1919، و"ياما ليه تبكي عليا" و"أنا مسافر الجهادية" و"هز الهلال يا سيد كرماتك لجل نعيد"، و"الأروام" و"الحلوة دي قامت تعجن في الفجرية" و"الوارثين" وفيها ينتقد الأبناء المستهترين، حيث تقول كلماتها: "إن ضاعت أطيان بابا، البركة في سيغة نينة". وفي أغنية القلل القناوي كان يحث المواطن المصري على الإقبال على المنتجات المصرية والامتناع عن شراء المنتج الأجنبي، وقد كان جدي سببًا في التعاون الذي تم بين الريحاني ودرويش بعد ذلك. وتؤكد الحفيد أن إنتاج بديع خيري لم يتوقف عند التعاون مع الريحاني وسيد درويش، بل قام بتأليف بعض مسرحيات الفنان علي الكسار، وأيضًا في الغناء كتب أغنية "عليك صلاة الله وسلامه" للمطربة أسمهان، "وشحات الغرام"، و"ليّ عشم وياك يا جميل" لمحمد فوزي، وكتب لمطربين آخرين منهم الموسيقار فريد الأطرش وليلى مراد وسلطانة الطرب منيرة المهدية".

اقرأ/ أيضًا:

"حب وسرقة ومشاكل أخرى".. ملهاة فلسطينية

لوحات فان جوخ تحكي قصة موته الغامضة