20-أغسطس-2018

دشن السيسي لحكم الرجل الواحد في مصر (Getty)

ألترا صوت - فريق التحرير

 كرس الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، حكم الرجل الواحد في مصر. وعلى مدى سنوات منذ انتخابه في 2014، رفع سقف القمع الموجه ناحية الحريات إلى أعلى المستويات. لكن الجديد في طبيعة إدارة "الدكتاتور" المثير للجدل للبلاد، أنه يعيد ترتيب أهم مؤسسة داخلية، ترأست السلطة طوال عقود، أي المؤسسة العسكرية التي أتت به إلى الحكم. وحسب تقارير عدة، فإن السيسي يقوم بإعادة ترتيب الولاءات بما يضمن خسارة أي رهانات مستقبلية على إقصائه من الحكم، وبحيث يتم التأسيس أيضًا لحكم الرجل الواحد.

يعيد السيسي ترتيب أهم مؤسسة داخلية، ترأست السلطة طوال عقود، أي المؤسسة العسكرية التي أتت به إلى الحكم

لعبة الكراسي الموسيقية في المؤسسة الرئاسية

تحت عنوان "نظام حكم الرجل الواحد الجديد في مصر.. إنه الرئيس"، نشرت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية تقريرًا، تمر به سريعًا على الأحداث التي كرست حكم الرجل الواحد في مصر، من خلال تغييرات في الوجوه التي تجلس جوار السيسي، فيما أسمته الصحيفة لعبة الكراسي الموسيقية. في الرابع عشر من حزيران/يونيو الماضي، عين السيسي وزيرًا جديدا للدفاع هو الفريق محمد زكي قائد الحرس الجمهوري، بدلًا من الفريق أول صدقي صبحي، وكذلك قام بتعيين اللواء أركان حرب محمد عباس حلمي هاشم، قائدًا للقوات الجوية، بدلًا من الفريق يونس المصري، الذي تم تعيينه في منصب مدني وهو منصب وزير الطيران المدني، وكذلك قام السيسي بتعيين اللواء محمود توفيق وزيرًا للداخلية بدلًا من اللواء مجدي عبد الغفار. وأصدر الرئيس المصري القرار الجمهوري رقم 271 لسنة 2018، بتعيين الفريق أول صدقي صبحي مساعدًا للسيسي لشؤون الدفاع، كما أصدر القرار الجمهوري رقم 272 بتعيين اللواء مجدي عبد الغفار وزير الداخلية السابق، مستشارًا لشؤون الأمن ومكافحة الإرهاب.

اقرأ/ي أيضًا: لماذا عزل السيسي صهره محمود حجازي من رئاسة الأركان المصرية؟

وطبقًا للقانون الذي أصدره الرئيس المؤقت عدلي منصور رقم 18 لسنة 2014، في شباط/فبراير من العام 2014، فإن تعيين وزير الدفاع يكون بموافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة لدورتين رئاسيتين كاملتين من وقت إقرار الدستور، وبناء عليه أيضًا فإن أعضاء المجلس العسكري هم المتحكمون في المقام الأول في تعيين وزير الدفاع، لكن الطريق التي سلكها السيسي في تعيين الوزير جاءت مخالفة يشكل واضح لنص من نصوص الدستور، وهو ما يعني أنه بات يفعل ما يشاء وقتما يشاء، حتى بالنسبة لمن ظنوا أنفسهم بعيدين تمامًا عن الإقصاء.

أما بالنسبة لحكومة مصطفى مدبولي، فقد جاء في تقرير واشنطن بوست أن الحكومة المصرية تم تعيينها من قبل السيسي وأدت أمامه اليمين الدستوري، بعد أن شهدت تغييرات هامة في حقائب وزارية مهمة من بينها الدفاع والداخلية والمالية والصناعة والتجارة والصحة والطيران المدني، لكن الطريقة التي يجري بها القانون في هذه الأمور توحي بأن دور البرلمان، تحول إلى دور بيروقراطي، وصارت وظيفته أن يوافق على ما يجيء به الرئيس من خلال تقرير يقدمه عن "برنامج" الوزارة الجديدة خلال عشرة أيام تالية، كما يشترط أن يكون تصويت الثقة الممنوحة للحكومة في نفس المدة.

وعلى الرغم من اختيار السيسي مصطفى مدبولي رئيسًا للوزارء، وهو الرجل الذي دارت حول مصداقيته فيما سبق شبهات كثيرة أوردتها عدة تقارير في صحف مصرية، إلا أن نفس الصحف امتنعت مؤخرًا عن ذكر ماضي الرجل أو ما يدور حوله من قضايا وشبهات، وهو ما يعني في نفس السياق أن الأهم من كل هذه القضايا، هو "ثقة الرئيس" أما الباقي فهو متروك له وحده أيضًا.

موازين القوى.. من يحددها؟

كان للمجلس العسكري أو المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي أنشأه جمال عبد الناصر عام 1954، تأثير غير مباشر على الحكومات المتتالية التي مرت عليه، لكنه عاد للظهور بقوة وبشكل مباشر من خلال المظاهرات التي خرجت ضد حسني مبارك في أوائل عام 2011، وسيطر على الحكومة حتى انتخاب محمد مرسي في عام 2012.

اختار السيسي مصطفى مدبولي كرئيس للوزارء، وهو الرجل الذي دارت حول مصداقيته فيما سبق شبهات كثيرة أوردتها عدة تقارير في صحف مصرية

وعاد الجنرالات للسيطرة على المشهد بعد 2014، لكنهم كانوا هذه المرة زمرة منتقاة بعناية من المقربين للسيسي، الذي يريد ألا يكون هناك أي قوة معارضة له سواء في الشارع أو من داخل المؤسسة العسكرية. فيما كانت أبرز المحطات في هذه القصة، القرار الذي أصدره السيسي بتحصين مجموعة من الجنرالات بمعاملتهم معاملة خاصة، تجعلهم محصنين ضد أي محاكمة، كما تجعلهم مطلوبين في الخدمة مدى الحياة، وهو القانون الذي أصدره الرئيس المصري بعد أن أظهر بيان ترشح سامي عنان تحديا كبيرًا أزعج المؤسسة العسكرية في عهد السيسي، وأظهر الموقف للشارع وكأن هناك انقسامًا ما داخل المؤسسة العسكرية على مرشحها المفضل.

اقرأ/ي أيضًا: دعابات السيسي المحرجة.. "أهلًا" بالتفاهة

وبينما أرجعت الصحيفة الأمريكية سر وضع السيسي لموازين القوى في يده هو وحده، إلى كراهيته لأي جدل أو نقاش حول أي قرار يتخذه، فإن ظهور عنان وغيره من المرشحين في انتخابات الرئاسة الماضية كانا أكثر تأثيرًا عنده من الجدل الذي دار حول جزيرتي تيران وصنافير في البرلمان مثلًا، حيث صادق البرلمان في النهاية على اتفاقية تسليم الجزيرتين، ليتفادى السيسي أي إحراج أمام حليفته السعودية.

في النهاية فإن حكم الرجل الواحد في مصر ليس أمرًا جديدًا، في بلد شهدت عقودًا من حكم المؤسسة العسكرية، لكن الجديد أن هناك حالة من القمع المزدوج للأفراد والمؤسسات، بما في ذلك الجيش.

 

اقرأ/ي أيضًا:

إسراء عبد الفتاح.. حلقة جديدة في تشويه خصوم السيسي بأساليب هابطة!

بعد أربع سنوات من فض رابعة: تحولات فكرية ودينية لدى شباب مصر