أفاد التلفزيون الرسمي الإيراني بانطلاق الجولة الثالثة من المحادثات النووية بين إيران والولايات المتحدة في سلطنة عمان. ومن المتوقع أن تعقب اجتماعات الخبراء غير المباشرة محادثات مباشرة بين كبار المفاوضين، ممثَّلين بمبعوث ترامب الخاص إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، ووزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي.
وعلى الرغم من تعبير ترامب عن تفاؤله بالاقتراب من توقيع اتفاق نووي جديد مع إيران، إلا أن العديد من العقبات لا تزال تعيق التوصل إلى مثل هذا الاتفاق؛ ومن أبرزها إصرار واشنطن على منع إيران من تخصيب اليورانيوم، ومطالبتها بتضمين الاتفاق بنودًا تتعلق ببرنامج إيران الصاروخي، وهي مسائل تعتبرها طهران خطوطًا حمراء غير قابلة للتفاوض.
وتُعقد اجتماعات اليوم السبت، عقب جولة مفاوضات وُصفت بـ"الجيدة" جرت في روما، كما تأتي بعد تأجيل موعد الاجتماعات، الذي كان مقررًا الأربعاء الماضي، إلى اليوم، على خلفية توترات مرتبطة بالقضايا الفنية المطروحة للنقاش، بالإضافة إلى إعلان وزارة الخزانة الأميركية فرض عقوبات جديدة على شخصيات وشركات تجارية مرتبطة بإيران.
تكمن أبرز العقبات أمام توقيع اتفاق نووي جديد في برنامج إيران الصاروخي والسماح للإيرانيين بتخصيب اليورانيوم
ومع ذلك، أبدى الرئيس الأميركي دونالد ترامب ثقته في التوصل إلى اتفاق جديد من شأنه أن يقطع الطريق على إيران للحصول على قنبلة نووية، وفقًا لتصريحات أدلى بها أمس الجمعة، حيث قال إنّ "الاتفاق مع إيران يسير على نحو جيد"، مضيفًا: "أريد تفادي أن تسوء الأمور"، ومكررًا، في مقابلة أجراها مع مجلة "التايم"، التلويح بالعمل العسكري ضد إيران إذا فشلت الدبلوماسية.
مفاوضات الجولة الثالثة
من المقرر، بحسب وكالة "رويترز" للأنباء، أن تسبق المفاوضات السياسية بين عراقجي وويتكوف جولة أولى من المفاوضات غير المباشرة على مستوى الخبراء، حيث ستناقش الاجتماعات ملفات ذات صبغة تقنية، مثل تخصيب إيران لليورانيوم ورفع العقوبات الأميركية عن طهران.
ومن المنتظر أن يبدأ الخبراء في وضع إطار عمل لاتفاق نووي محتمل، قبل اجتماع ويتكوف وعراقجي. وكانت طهران وواشنطن قد أعلنتا عزمهما على مواصلة الدبلوماسية، مع الإقرار بأنهما "لا تزالان متباعدتين بشأن نزاع مستمر منذ أكثر من عقدين".
برنامج إيران الصاروخي العقبة الكأداء أمام الاتفاق
قال مسؤول إيراني لـ"رويترز" إن العقبة الرئيسية التي تعيق إبرام اتفاق نووي جديد تتمثل في برنامج إيران الصاروخي، وليس في تخصيب اليورانيوم، خلافًا لما يتم ترويجه إعلاميًا.
وأوضح المسؤول أن الوفد الأميركي وافق، خلال محادثات روما، على استمرار إيران في تخصيب اليورانيوم وعدم التخلص الكامل من مخزونها، قبل أن يخرج وزير الخارجية الأميركي بتصريحات متناقضة، حيث أصرّ على تفكيك البرنامج النووي الإيراني بالكامل. وفسر المسؤول تصريحات ويتكوف، التي تحدث فيها عن السماح لإيران بتخصيب اليورانيوم عند مستوى 3.67%، بأن المقصود بها السماح لها باستيراد اليورانيوم من طرف خارجي لتشغيل محطة بوشهر، على غرار ما تفعله الدول غير النووية المستخدمة للطاقة النووية لأغراض مدنية.
ويرى المسؤول الإيراني أن هذا التباين في الموقف الأميركي قد يعيق تحقيق تقدم في المفاوضات الجارية. لكنه شدد على أن نقطة الخلاف الأساسية لا تكمن في تخصيب اليورانيوم، بل في برنامج إيران الصاروخي، لافتًا إلى أن الرئيس ترامب كان قد برّر انسحابه من الاتفاق النووي عام 2018 بتطوير إيران المستمر لقدراتها الصاروخية، بما يهدد جيرانها والعالم.
وفي سياق متصل، أفادت مصادر أميركية أن الدول الأوروبية اقترحت على المفاوضين الأميركيين أن يتضمن الاتفاق الشامل قيودًا تمنع إيران من امتلاك أو تطوير القدرة على وضع رؤوس حربية نووية على صواريخ باليستية.
غير أن هذه المطالب تصطدم برفض إيراني قاطع، إذ تصر طهران على أن قدراتها الدفاعية، بما في ذلك برنامجها الصاروخي، غير قابلة للتفاوض.
موقف سلطنة عمان
وكان بيان صادر عن وزارة الخارجية العمانية قد أفاد بأن مفاوضات روما "أسفرت عن توافق الأطراف على الانتقال إلى المرحلة التالية من المباحثات، بهدف التوصل إلى اتفاق منصف ودائم وملزم، يضمن خلو إيران بالكامل من الأسلحة النووية، مقابل رفع العقوبات عنها، مع الحفاظ على حقها في تطوير الطاقة النووية للأغراض السلمية".
سياسة ترامب تجاه إيران
يُشار إلى أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب استأنف سياسة "الضغط الأقصى" على إيران منذ شباط/فبراير الماضي، عقب عودته إلى البيت الأبيض لولاية رئاسية ثانية. كما دأب ترامب على التلويح باللجوء إلى عمل عسكري ضد طهران إذا فشلت المفاوضات في التوصل إلى اتفاق نووي جديد.
وذكرت صحف أميركية أن ترامب منع، في اللحظة الأخيرة، خططًا إسرائيلية لمهاجمة المواقع النووية الإيرانية، كانت مقررة في أيار/مايو المقبل.