شهدت العاصمة السعودية الرياض اليوم الثلاثاء، أوّل جلسةِ محادثات بين روسيا والولايات المتحدة الأميركية، بشأن إنهاء الحرب في أوكرانيا. ويأتي هذا الحدث بالتزامن مع اجتماعٍ عقده الأوروبيون أمس الإثنين في باريس، للتعبير عن قلقهم من استبعاد أوروبا وأوكرانيا عن طاولة المفاوضات، كما استبقت كييف المحادثات الروسية الأميركية في الرياض، بالقول إنها ترفض أي صفقة تُبرَم دون موافقتها.
وترى وكالة "رويترز" للأنباء، أنّ المحادثات التي يتابعها الأوروبيون والأوكرانيون بقلق بالغ وهم في وضع الهامش، هي بمثابة اختبارٍ أميركي لمدى جدية الروس بشأن إنهاء الحرب. ومن المتوقع أن يظهر ذلك في طبيعة المطالب التي سيطلبها الروس من نظرائهم الأميركيين. يشار إلى أنّ أحد مطالب روسيا الرئيسية يتمثل في إلغاء حلف شمال الأطلسي "الناتو" للوعد الذي قطعه عام 2008 بشأن عضوية أوكرانيا في الحلف.
ترى وسائل إعلام أميركية أنّ المحادثات التي تستضيفها السعودية تُبرز الوتيرة السريعة للجهود الأميركية لوقف الصراع الدائر بين روسيا وأوكرانيا منذ نحو 3 سنوات
وترى وسائل إعلام أميركية أنّ المحادثات التي تستضيفها السعودية تُبرز الوتيرة السريعة للجهود الأميركية لوقف الصراع الدائر بين روسيا وأوكرانيا منذ نحو 3 سنوات، حيث تنعقد بعد أقل من شهر على تولي الرئيس الأميركي دونالد ترامب منصبه.
قلق أوكراني أوروبي من صفقة متسرعة
هذه الوتيرة المتسارعة، يقابلها قلق لدى أوكرانيا والقادة الأوروبيين من أنّ ترامب قد يُبرم صفقة متسرعة مع موسكو تتجاهل المصالح الأمنية لأوروبا وأوكرانيا، وتكونُ بمثابة مكافأة لروسيا على غزو جارتها، وتَتركَ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حرًّا في تهديد أوكرانيا أو دول أوروبية أخرى في المستقبل.
وبالفعل يعتقد المنتقدون لتوجهات ترامب أنّه برفضه انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي، وادّعاء إدارته بأن "رغبة كييف في استعادة كل أراضيها المفقودة بمثابة وهم"، قد قدّم لروسيا وبشكلٍ مسبق تنازلات كبيرة. في المقابل يردّ المسؤولون في إدارة ترامب على هذا النقد بقولهم إنهم "ببساطة يعترفون بالواقع ولا يقفزون عليه".
يُذكر أنّ روسيا تسيطر حاليًا على حوالي خُمس مساحة أوكرانيا، وجاءت تلك السيطرة على إثر الهجوم الواسع الذي شنته على الأراضي الأوكرانية في شباط/فبراير 2022، وكانت روسيا قبل ذلك بثماني سنوات قد استولت على جزيرة القرم.
يشار إلى أنّ أوكرانيا، لا تقبل بأن تنوب عنها دولة أخرى في التفاوض على اتفاق السلام، وقال الرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي الأسبوع الماضي: "نحن كدولة ذات سيادة، لن نكون قادرين ببساطة على قبول أي اتفاقيات تُبرَم بدوننا".
يذكر أنّ المبعوث الأميركي إلى أوكرانيا، كيث كيلوغ، سيزور كييف اعتبارًا من يوم غد الأربعاء، حيث من المتوقع أن يستمع لمطالب الأوكرانيين مجددًا، وينقل إليهم، في المقابل، وجهة نظر إدارته.
وضمّت طاولة المفاوضات التي انطلقت اليوم في السعودية 3 مسؤولين عن الإدارة الأميركية، هم تواليًا: وزير الخارجية ماركو روبيو، ومستشار الأمن القومي مايك والتز، ومبعوث ترامب إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، أمّا عن الطرف الروسي، فقد حضر وزير الخارجية سيرغي لافروف، الذي يشغل منصبه منذ عام 2004، بالإضافة غلى مساعد بوتين المخضرم يوري أوشاكوف.
ومع انطلاق المفاوضات، تجاهل المسؤولون أسئلة الصحفيين، بما فيها الأسئلة المتعلقة بتغييب الأوكرانيين عن المفاوضات، وأسئلة أخرى تتعلق بطبيعة التنازلات التي سيطلبها المفاوض الأميركي من الروس.
وكان الكرملين قد علّق على محادثات الرياض بالقول إنها قد تمهّد الطريق نحو الاجتماع المرتقب بين ترامب وبوتين. وأضاف المتحدث باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف أنّ "الرئيس بوتين ظل على موقفه بشأن استعداده لمحادثات السلام"، معتبرًا أنّ "أي اتفاق مع أوكرانيا يجب أن يأخذ في الاعتبار التحدي المحتمل لشرعية زيلينسكي، الذي ظل في السلطة بعد نهاية ولايته".
هل تعود مياه العلاقات الأميركية الروسية إلى مجاريها؟
قدّمت الولايات المتحدة الأميركية، خلال عهدة الرئيس الأميركي السابق، جو بايدن، عشرات المليارات من الدولارات من الأسلحة والمساعدات لأوكرانيا، وانضمت إلى حكومات غربية أخرى في فرض سلسلة عقوبات على روسيا.
من غير المتوقع أن يستمر هذا النهج في ظل الإدارة الجديدة لترامب، حيث أعلنت منذ أيامها الأولى انفتاحها على روسيا واستعدادها مناقشة قضايا أخرى معها، بما فيها ملفات الطاقة.
وتدّعي موسكو أنها نجحت في امتصاص صدمة العقوبات الغربية، بل تعتقد أنّ العقوبات ارتدت بمفعول سلبي على الغرب، وبخاصة الولايات المتحدة.
وفي هذا السياق، صرّح رئيس صندوق الثروة السيادية الروسي، كيريل دميترييف، اليوم الثلاثاء من الرياض بأنّ "الشركات الأميركية خسرت نحو 300 مليار دولار بسبب مغادرتها لروسيا. وعليه فإن هناك خسائر اقتصادية ضخمة على العديد من البلدان بسبب ما يحدث الآن".
وكانت وكالة رويترز قد نقلت عن مسؤولين روس قولهم "إن لافروف وروبيو ناقشا في مكالمة هاتفية يوم السبت إزالة الحواجز أمام التجارة والاستثمار".