03-فبراير-2023
gettyimages

المسودة التي قدمها كوهين، قدمت للسودان عام 2021 ولكن تعطل الاستمرار بها نتيجة الانقلاب (سونا)

أعلن وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين عن تقديم إسرائيل مسودة اتفاق تطبيع مع السودان، سيوقع عليها خلال هذا العام، دون تحديد موعد معين، مشيرًا إلى أن هذه العملية ستتم بعد انتهاء الفترة الانتقالية ووصول حكومة مدنية للحكم في السودان. 

أعلن وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين عن تقديم إسرائيل مسودة اتفاق تطبيع مع السودان

جاء ذلك، بعد اللقاء الذي جمعه مع رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق عبد الفتاح البرهان، أمس الخميس، في العاصمة الخرطوم، وقال كوهين بعد اللقاء، نعود من الخرطوم بـ"نعم ثلاث مرات، للسلام وللمفاوضات وللاعتراف بإسرائيل"، في إشارة إلى "لاءات الخرطوم الثلاثة": لا صلح ولا تفاوض ولا اعتراف، التي أطلقتها القمة العربية التي انعقدت في العاصمة السودانية بعد هزيمة حزيران/ يونيو 1967.

وبحسب مصادر إعلامية عبرية، فإن وجود حكومة مدنية في السودان، هو شرط أمريكي من أجل إنجاز اتفاقية التطبيع الكاملة. خاصةً أن وزير الخارجية الإسرائيلي قال إن الغرض من الزيارة هو الترويج لعملية التطبيع، ورغم أنه سلم مسودة اتفاقية للتطبيع، إلّا أن هذه المسودة نفسها، قدمت عام 2021.

وخلال مؤتمر صحفي عقده في مطار بن غوريون، كشف كوهين أن الزيارة "تمت بموافقة الولايات المتحدة"، موضحًا أن "الطرفين وضعا اللمسات الأخيرة على نص اتفاقية التطبيع"، وذكر كوهين أنه "من المتوقع أن يتم حفل توقيع اتفاقية السلام بعد نقل السلطة في السودان إلى حكومة مدنية سيتم تشكيلها كجزء من عملية الانتقال الجارية في البلاد".

وتابع كوهين، "يقع السودان في موقع استراتيجي على شواطئ البحر الأحمر، وهو ثالث أكبر دولة في إفريقيا"، مذكرًا أن "السودان قاتل سابقًا إلى جانب الدول العربية في عدة حروب، لكن العلاقات مع السودان تبدأ الآن بعد 75 عامًا من العداء". وأشار كوهين إلى أن أهمية العلاقة تنبع من كونها لم تأتي على أسس أمنية، أيّ أنها ليست شبيهة في مصر والأردن، التي جاءت أساسًا نتيجة الحدود الطويلة مع دولة الاحتلال.

كما قدم وزير الخارجية، ضمن زيارته خطةً تفصيليةً تتضمن المساعدة وبناء القدرات في مجالات الأمن الغذائي والصحة العامة وإدارة الموارد المائية، وحول أزمة المناخ والفيضانات التي تعصف بالسودان، بالإضافة لقضايا الأمن الإقليمي، بحسب المصادر العبرية.

من جهته، أعلن مجلس السيادة السوداني أن رئيسه عبد الفتاح البرهان التقى وزير الخارجية الاسرائيلي إيلي كوهين في الخرطوم، وبحثا "تعزيز آفاق التعاون المشترك، لا سيما في المجالات الأمنية والعسكرية".

بدورها، ذكرت وزارة الخارجية السودانية، في بيان أنه "مواصلة للاتصالات السابقة بين السودان وإسرائيل، أجرى وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين زيارة للسودان استمرت بضع ساعات"، وأضاف البيان أن "كوهين التقى وزير الخارجية السوداني علي الصادق، وعددًا من المسؤولين في الدولة، على رأسهم رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح البرهان".

getty

من جهته، أكد نائب رئيس مجلس السيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، بأن لا علم له بزيارة الوفد الإسرائيلي، نافيًا الأنباء التي تحدثت عن لقائه مع الوفد، وبحسب مصادر سودانية فإن لقاءات الوفد الإسرائيلي اقتصرت على قادة الجيش السوداني دون أجهزة الدولة الأخرى. وأشارت إلى أن وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين، طلب من رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، زيارة وفد حكومي سوداني لتل أبيب خلال الفترة المقبلة.

وكانت هيئة البث الإسرائيلية "مكان" قد أعلنت عن هبوط طائرة إسرائيلية في مطار الخرطوم، يوم الخميس، ونقلت عن مصادرها أن الخرطوم في طريقها للتوقيع النهائي على اتفاقيات التطبيع مع إسرائيل المعروفة بـ"اتفاقية أبراهام".

بدورها، نقلت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، عن مسؤول إسرائيلي، قوله إن "الاتصالات بين تل أبيب والخرطوم، بمساعدة أمريكية، حققت تقدمًا ملموسًا يشير لقرب التوقيع على اتفاق للتطبيع"، وأضافت الصحيفة أن "إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، تبذل جهودًا في التوسط بين تل أبيب والخرطوم، بهدف تسريع التوصل لاتفاق"، مشيرةً إلى أن "التوقيع على الاتفاق بات ممكنًا".

وبالتزامن مع زيارة الوفد الإسرائيلي للسودان، قال المصدر إن "إسرائيل تأمل خلال هذه المرحلة، في الدفع باتجاه التوصل إلى اتفاقات تطبيع مع دول أخرى، من بينها موريتانيا وإندونيسيا"، متحدثًا عن إمكانية انضمام سبعة أو ثمانية دول عربية أو إسلامية إلى اتفاقيات التطبيع.

وهذه الزيارة ليست الأولى لوزير الخارجية الإسرائيلي، ففي 26 كانون الثاني/ يناير 2021، زار كوهين العاصمة السودانية الخرطوم، في زيارة غير مسبوقة لوزير إسرائيلي، بصفته وزيرًا لشؤون الاستخبارات في حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك بنيامين نتنياهو.

يذكر أن السودان وافق على اتخاذ خطوات لتطبيع العلاقات مع "إسرائيل" في اتفاق عام 2020، توسطت فيه إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، وفي كانون الثاني/ يناير 2021، أعلن السودان أن وزير العدل في ذلك الوقت نصر الدين عبد الباري، وقع على "اتفاقيات أبراهام"، مع وزير الخزانة الأمريكي ستيفن منوتشين، خلال زيارة الأخير القصيرة  للخرطوم، كما وقع وزير الخزانة الأمريكي، اتفاقيةً تتيح للسودان الحصول على تسهيلات تمويلية، لمساعدته على سداد ديونه المستحقة للبنك الدولي، وتلتزم واشنطن، وفقًا لمذكرة التفاهم مع السودان، بتصفية متأخرات السودان للبنك الدولي، وتمكينه من الحصول على ما يفوق المليار دولار سنويًا من المساعدات، بالإضافة إلى شطبه من "قائمة الدول الراعية للإرهاب".

ويُعتقد أن قيادة الجيش السوداني هى من بادرت إلى التحرك في اتجاه تطبيع العلاقات مع إسرائيل، إذ التقى قائد الجيش عبد الفتاح البرهان في شباط/ فبراير 2020 رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مدينة عنتيبي الأوغندية، وبعد تولي الجيش زمام السودان بعد انقلاب 25 تشرين الأول/أكتوبر 2021، توقفت الاتصالات السياسية بين الطرفين، خصوصًا مع الضغط الدولي على العسكر في السودان لدفعهم للتخلي عن السلطة، فيما تواصلت الزيارات العسكرية والأمنية المتبادلة، فيما تعارض القوى المدنية في السودان عملية التطبيع.

من جانبه، كتب معلق الشؤون السياسية في موقع والاه العبري وأكسيوس الأمريكي باراك رافيد، عدة نقاط على تويتر حول زيارة كوهين للخرطوم، تحدث فيها بسخرية عن اللقاء، قائلًا: "لن ينضم السودان أو يوقع على اتفاقيات أبراهام. هل تعرف لماذا؟ لأنه انضم بالفعل ووقع عليها في 5 كانون ثاني/ يناير 2021 بحضور وزير الخزانة الأمريكي ستيف منوشين". مشيرًا إلى أن السودان لم يوقع على إقامة علاقات دبلوماسية كاملة، رغم استمرار المحاولات، من قبل حكومة نفتالي بينت ويائير لبيد التوصل إلى اتفاق، لكنها فشلت نتيجة الانقلاب في السودان.

ويشير رافيد، إلى أن كافة الاتصالات جمدت بعد الانقلاب، ولكن الموساد استمر في التواصل مع الجيش السوداني، رغم أن عبد الفتاح برهان لم تعجبه العلاقة مع الموساد.

من جانبه، كتب معلق الشؤون السياسية في موقع والاه العبري وأكسيوس الأمريكي باراك رافيد، عدة نقاط على تويتر حول زيارة كوهين للخرطوم، تحدث فيها بسخرية عن اللقاء، قائلًا: لن ينضم السودان أو يوقع على اتفاقيات أبراهام. هل تعرف لماذا؟ لأنه انضم بالفعل ووقع عليها في 5 كانون ثاني/ يناير 2021

وأضاف رافيد أن وزير الخارجية الإسرائيلي، مهتم بشكلٍ كبير في السودان، وعيّن الخبير في شؤون السودان رونان ليفي، مديرًا عامًا وزارة الخارجية، موضحًا أن وصوله إلى هذا المنصب سيعطي دفعةً للتواصل مع السودان. وأشار رافيد، إلى أن مسودة الاتفاق الأولى كانت لدى وزير العدل السابق نصر الدين عبد الباري، الذي وصفه بصديق إسرائيل.