27-نوفمبر-2015

ماذا سيحقق كل من أردوغان وبوتين للعرب؟(ديميتري أزاروف/Getty)

يبدو أن قراءة وسرد قصص التاريخ ما عاد يلبي الحاجة والنداء في زمن مواقع التواصل الاجتماعي، التي أكدت "انتهاء صلاحية" استحضار حقب وشخصيات مؤثرة في ماضينا العربي حتى كمسكن لآلام وجراحات اليوم الدامية، والدليل أن الجميع منقسم إلى "معسكرين"، يمجدان طرفًا وينتصران لآخر، بناءً على "حسابات" تهم أطرافًا عربية مختلفة.

جاءت المغامرة التركية بإسقاط الطائرة الروسية لتلهب المشهد مجددًا وتقسم المقسم وتجزئ المجزأ وتؤكد "تشرذمنا العربي"

جاءت المغامرة التركية بإسقاط الطائرة الروسية لتلهب المشهد مجددًا وتقسم المقسم وتجزئ المجزأ وتؤكد "تشرذمنا العربي"، كعنوان عريض، يصر البعض على القفز عليه وتجنب النظر إليه. شخصيًا، تأكدت وازداد يقيني بعد أن أقدمت على "مغامرة غير محسوبة العواقب" ونشرت على صفحتي الشخصية على موقع فيسبوك، بعد أن ضقت ذرعًا بحماسة هذا ووعيد ذاك، بعض الكلمات التي أجدها مناسبة لهذا الاحتقان المحتدم وهي "يا حسرتي عليكم يا أبناء جلدتي، ضائعون بين "سلطان جائع" و"ثعلب ماكر" فهل أصيبت أمتكم بالعقم؟".

هنا بقيت مندهشًا من تجاهل الكثير من الأصدقاء لكلماتي، ذلك أن الكثير منهم منخرط في الحملة إياها كل حسب موقفه من تلك الأطراف، لذلك لا مناص من الاعتراف بأن الجهر بهذا الانجراف المثير للاشمزاز سيجعل صاحبه يصنف في خانة المغرد خارج السرب أو الاتهام بالجبن والعجز عن تسمية الأشياء بمسمياتها، رغم أن الأمر مجانب للحقيقة والصواب ذلك أننا نقف على مؤشرات خطيرة تتعلق بهويتنا وما محلنا من الإعراب في هذا العالم المتوحش؟ هل سنكتفي بدور "الكومبارس" و"الضحية الأبدية"؟

"التطبيل" لشخصية الرئيس التركي مثلًا وتبجيل نظيره الروسي والاصطفاف في خندق هذا الطرف أو ذاك وتفشي لغة التخوين والسب والشتم من أجل قناعات مزيفة، تجعلنا ندق ناقوس الخطر على مستقبلنا المهدد من كل الجبهات، والخلاصة المريرة التي لم ولن، للأسف، نقتنع بها وهي أن الأقوياء لا يقدمون خدمات جليلة للضعفاء، الذين هم نحن وفقًا للمعطيات والوقائع والأرقام والماضي والحاضر وحتى المستقبل، ماذا سيحقق لنا أردوغان وبوتين؟ لماذا لا يتدخلون عندما يتعلق الأمر بمجالات التنمية والبناء والتشييد عكس ميادين الخراب وصفقات السلاح ؟

هؤلاء يحاربون ويقتلون في مدننا ويدمرون بلادنا وثقافتنا وتراثنا كي يضمنوا حماية أوطانهم ويتخذون منا "الذخيرة" كي نقتل بعضنا البعض طمعًا في كراسي السلطة وبعض الفتات الذي يمكن أن يشملنا من عطفهم حالما تنتهي المهمة وفق المخطط له، متى سنعي هذه الحقائق ونتعظ من دروس وعبر الأمس القريب والبعيد ؟ متى سندرك أننا مجرد دمى يحركونها شمالًا ويمينًا حسب حاجياتهم وغاياتهم الدنيئة ؟

المريب في الموضوع وقوع الشباب العربي في الفخ نفسه الذي أطاح بالأنظمة العربية الخانعة، التي مرغت كرامة الوطن العربي في الوحل بعمالتها وعجزها الذي أوصلنا للحضيض الذي نقبع فيه الآن وننعم بفضلاته. سأختم بذات السؤال المؤلم، دون أن أنتظر إجابة، هل أصيبت هذه الأمة بالعقم؟

اقرأ/ي أيضًا:

تصادم السياسات الروسية: الخارجية والطاقة

بين أنقرة وموسكو.. مواجهة عسكرية أم قنابل صوتية؟