16-يناير-2025
بايدن وترامب

من لقاء الرئيسين جو بايدن ودونالد ترامب في البيت الأبيض نهاية العام الماضي (رويترز)

أعاد الرئيس الأميركي المنتهية ولايته، جو بايدن، التأكيد مجددًا على أنه يجب ألا يكون منصب الرئيس محصنًا من التهم التي يرتكبها، في إشارة غير مباشرة للرئيس المُنتخب، دونالد ترامب، الذي تجنّب الإشارة إليه بشكل مباشر، وذلك في خطاب الوداع الذي ألقاه من وراء المكتب البيضاوي، قبيل أيام من تسلم ترامب لمهامه رسميًا في البيت الأبيض.

كان ترامب قد تجنّب قرار إدانته بمحاولة التشبث بالسلطة التي نجم عنها اقتحام أنصاره لمبنى الكابيتول في السادس من كانون الثاني/يناير 2020، وهو الحكم الذي كان ليصدر لو لم يتمكن من الفوز بانتخابات الرئاسة الأميركية في الخامس من تشرين الثاني/نوفمبر الماضي.

 

بايدن يحذر من المخاطر التي قد تؤثر على "روح أميركا"

وحذر بايدن في خطابه الأخير مما وصفه بالمخاطر التي قد تؤثر على "روح أميركا"، وأضاف في رسالته التي وجهها للشعب الأميركي "لقد ترشّحت للرئاسة (الأميركية) لأني كنت على قناعة بأن روح أميركا على المحك. هويتنا كانت على المحك. وما زال الأمر كذلك"، لافتًا إلى أن "التاريخ بين أيديكم. القوة بين أيديكم. فكرة الولايات المتحدة بين أيديكم. ما علينا سوى أن نحافظ على إيماننا وأن نتذكّر من نكون"، بحسب ما ذكرت وكالة الأنباء الفرنسية.

أعاد الرئيس الأميركي المنتهي ولايته، جو بايدن، مجددًا التأكيد على أنه يجب ألا يكون منصب الرئيس محصنًا من التهم التي يرتكبها، في إشار غير مباشرة للرئيس المُنتخب، دونالد ترامب

وكان بايدن قد أُجبر على الانسحاب من السباق في حزيران/يونيو الماضي بعد مناظرة كارثية في مواجهة ترامب البالغ 78 عامًا، إذ أظهرت المناظرة تأثير عامل السن على قدرات بايدن على التركيز وصياغة حججه، مما أدى إلى تعاظم الانقسام داخل الحزب الديمقراطي، على خلفية القلق من عدم قدرته على الفوز في الانتخابات.

ووصف بايدن إرثه السياسي الذي امتد لأكثر من 50 عامًا بأنه "أكبر امتياز" في مسيرته، معتبرًا أن الولايات المتحدة أقوى مما كانت عليه قبل أربع سنوات عندما كانت "في خطر" بعد ولاية ترامب التي اتسمت بالفوضى وجائحة كوفيد-19، فضلًا عما قال إنه "أسوأ هجوم على ديموقراطيتنا منذ الحرب الأهلية".

وفي إشارة إلى تجنّب ترامب الإدانة تهمة "تقويض الديمقراطية" على خلفية اقتحام أنصاره لمبنى الكابيتول في السادس من كانون الثاني/يناير 2020، شدد الرئيس الديمقراطي على أن الولايات المتحدة "بحاجة إلى تعديل الدستور لتوضيح أنه لا يوجد رئيس"، مؤكدًا أنه يجب ألا يكون الرئيس "محصنًا من الجرائم التي يرتكبها أثناء توليه منصبه"، وتابع مضيفًا أن سلطة الرئيس "ليست مطلقة. ولا ينبغي أن تكون كذلك"، وفقًا لموقع ذا هيل الأميركي.

كان بايدن قد ذهب إلى مهاجمة ترامب في خطاب توليه منصب الرئيس الـ46 للولايات المتحدة عندما تم انتخابه قبل أربع سنوات، واصفًا فترة ولاية ترامب بأنها "مضطربة"، ودليل على "أنها انحراف وانتخابه على أنه عودة إلى الأعراف السياسية"، مؤكدًا حينها من الجهة الغربية لمبنى الكابيتول أنه: "هناك الكثير لإصلاحه. والكثير لاستعادته. والكثير لعلاجه".

وبحسب موقع "يو أس توداي" الأميركي، فإن بايدن وجه تحذيرًا شديد اللهجة فيما يخص "التركيز الخطير للسلطة في أيدي عدد قليل جدًا من الأثرياء للغاية"، وهو ما مثّل رسالة موجهة بشكل مباشر إلى ترامب ودائرته الداخلية، بما في ذلك إيلون ماسك، أغنى شخص في العالم، داعيًا إلى إصلاحات شاملة، بما في ذلك تحديد مدة ولاية قضاة المحكمة العليا بـ18 عامًا، ورغم ذلك تعثر بايدن في خطابه الأخير ببضع كلمات.

 

ستكون ولاية بايدن محددة بين ولايتي ترامب

ويرى الموقع الأميركي أن فترة ولاية بايدن ستكون محدة بين ولايتي ترامب، وهي المرة الثانية في تاريخ الولايات المتحدة التي لا تكون فيها فترتي حكم الرئيس متتاليتين، بعد  الرئيس من أصول هولندية، مارتن فان بيورين، الذي فاز بانتخابات 1836، قبل أن يخسر بعد أربع سنوات، مما جعله ينتظر الفترة نفسها ليُعاد انتخابه لولاية ثانية.

ومنذ فوزه بانتخابات الرئاسة الأميركية قبل أكثر من ثلاثة أشهر، أعلن ترامب أنه سيصدر عشرات الأوامر التنفيذية التي أقرها سلفه بايدن، بما في ذلك المبادرات التي تدعم جماعات التغيّر المناخي، فضلًا عن الدعم العسكري لأوكرانيا في حربها ضد روسيا، وهو جزء من السياسات التي حاول بايدن بناء إرثه السياسي عليها في البيت الأبيض.

من جانبها، ترى وكالة رويترز أن "الخطاب المشؤوم" لبايدن يأتي في الوقت الذي يتمتع فيه الحزب الديمقراطي بـ"نفوذ ضئيل في السياسة الوطنية"، فيما رشّح ترامب مجموعة من أعضاء مجلس الوزراء الذين تعهدوا بقلب التحالفات الأميركية التقليدية والمعايير الحاكمة. وبحسب رويترز، فإن بايدن فشل في "معالجة الانقسامات في البلاد بالطريقة التي كان يأملها، أو وقف التراجع الديمقراطي في جميع أنحاء العالم".

ومن وجهة نظر المستشار السابق للرئيس باراك أوباما، ديفيد أكسلرود، فإن "كل ما أراده جو بايدن هو أن يتذكره الناس بالأشياء العظيمة التي فعلها من أجل هذا البلد، على الأقل في الأمد القريب"، لكن "طغت على هذه الأشياء قراراته السيئة بالترشح". وتابع مضيفًا "لقد أصبح رئيسًا تاريخيًا عندما هزم ترامب. لذا من الواضح أن حقيقة أن ترامب عاد إلى السلطة بقوة أكبر مما كان عليه عندما غادر"، واصفًا نهاية ولايته بأنها "خاتمة غير سعيدة للقصة".

وفي السياق، ترى رئيسة معهد السياسة الاقتصادية، هايدي شيرهولز، أنه لا يمكن "عكس أربعة عقود ونصف من التفاوت المتزايد مع بضع سنوات من النتائج الاقتصادية الجيدة المطلقة والتغييرات السياسية"، وأضافت "لكن أحد أكثر الأشياء الأساسية التي فعلوها هو توفير التعافي الإغاثي بالحجم المطلوب لتوليد انتعاش قوي للوظائف".

أما المستشار السابق للأمن القومي لرئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، فينسنت ريجبي، أن بايدن سيُذكر باعتباره رئيسًا "مؤقتًا"، وذلك على الرغم من إنجازاته القوية في إعادة بناء الثقة في الولايات المتحدة بعد ولاية ترامب الأولى. وقال تعليقًا على ذلك "سنرى كيف سيعامله التاريخ بعد خمسة أو عشرة أو خمسة عشر عامًا من الآن، لكنه سيُنظر إليه باعتباره الرئيس بين ولايتي ترامب. لقد تمسك بموقفه، لكن ترامب عاد".