30-أبريل-2018

باولو روسي يرفع كأس العالم (Getty)

تأهّل لدور المجموعات الثاني من كأس العالم 1982 اثنا عشر فريقاً من كبار المنتخبات في العالم، وضم الدور الأول 24 فريقاً لأول مرّة، وشهدت المجموعة الثانية مؤامرة حاكتها ألمانيا الغربية والنمسا ضدّ الجزائر التي قهرت الأولى 2-1، فدبّر الفريقان نتيجة الفوز 1-0 لصالح بطل العالم مرّتين آنذاك كي يحرما الجزائر من الوصول لدور المجموعات الثاني، ويقضي نظام البطولة أن يتم تقسيم الفرق الـ12 في الدور الثاني إلى 4 مجموعات يتأهّل متصدّروها إلى الدور نصف النهائي.

عاد روسي إلى اللعب بعد انقطاع لعامين قبل بدء كأس العالم بشهرين، ومع ذلك استدعاه المدرب لصفوف المنتخب الإيطالي

ضمّت المجموعة الأولى كلّاً من الاتحاد السوفييتي وبلجيكا وبولندا، حيث تغلّبت الأخيرة على بلجيكا بثلاثية نظيفة سجّلها اللاعب بونيك وتعادلت مع الاتحاد السوفييتي الذي اكتفى بالفوز على بلجيكا بهدف وحيد، ما يعني تأهّل البولنديين للدور نصف النهائي، وضمّت المجموعة الثانية إسبانيا صاحبة الأرض إضافة إلى إنجلترا وألمانيا الغربية، وتأهّلت ألمانيا الغربية للدور نصف النهائي بعد تعادلها السلبي مع إنجلترا وفوزها على صاحبة الضيافة، فيما اكتفت إنجلترا بالتعادل مع إسبانيا في مباراتها الوداعيّة 0-0، وفي المجموعة الرابعة تعادلت النمسا مع إيرلندا الشماليّة، فيما فازت فرنسا على الفريقين السابقين وحجزت مكانها في الدور نصف النهائي.

حَوَت المجموعة الثالثة من الدور الثاني منتخبات إيطاليا والأرجنتين والبرازيل، هذه الأخيرة قدّمت عروضاً خلّابة جعلتها أكثر المرشّحين لنيل اللقب العالمي، وما زال الكثيرون يصنّفون الفريق البرازيلي الخاص بكأس العالم 1982 بأقوى وأمتع فريق برازيلي على الإطلاق، لكن ما حدث في النسخة الثانية عشرة شكّل صدمة لعشّاق المستديرة في العالم..

عام 1980 ضربت الكرة الإيطالية فضيحة التوتونيرو، وهي فضيحة مراهنات تورّطت بها أندية وشركات ولاعبين، وتمّ بها معاقبة العديد من الأندية بهبوطها لدرجات أدنى كنادي ميلان، وتم إيقاف بعض اللاعبين أبرزهم النجم الإيطالي باولو روسي، حيث حكم عليه بالسجن 3 سنوات، وتمّ تخفيض المدّة إلى سنتين عقب الاستئناف. انقطع باولو روسّي عن اللعب لعامين وعاد إلى الملاعب مع نادي يوفنتوس قبل بدء مونديال 1982 بأقلّ من شهرين، وأثار استدعاء مدرّب منتخب إيطاليا إنزو بيرزوت له من أجل خوض النهائيّات استغراب الجميع، فعلى الرغم من أن باولو روسي أحرز مع بلاده في المونديال الفائت 1978 ثلاثة أهداف إلّا أنه ابتعد عن الكرة لمدّة عامين..

بدأت مباريات المجموعة الثالثة بفوز إيطاليا على الأرجنتين 2-1، وفي المباراة الثانية التقت البرازيل والأرجنتين، وخسر زملاء مارادونا الذي طُرد في ذاك اللقاء 3-1، ما يعني أن إيطاليا بحاجة للفوز على زملاء زيكو وسقراط كي تبلغ الدور نصف النهائي. كان باولو روسّي آنذاك قد لعب في هذه البطولة في 4 مباريات دون أن يسجّل أيّ هدف، ما أثار الكثير من النقد السلبي تجاه مدرّبه الذي وضع الثقة به، وعندما بدأت المواجهة مع أحد أقوى وأمتع الفرق في تاريخ كرة القدم سجّل باولو روسّي أول أهدافه في المونديال بشباك البرازيل. وسرعان ما عدّل سقراط الكفّتين، وعاد باولو روسي وسجّل هدفاً ثانياً، قبل أن يسجّل فالكاو هدف التعادل الذي يؤهّل البرازيل للدور نصف النهائي. لكنّ باولو روسّي أبى أن يخيّب ظنّ مدرّبه وسجّل هدفاً ثالثاً منح بلاده الفوز 3-2 على البرازيل والتأهّل للدور النصف النهائي، حيث لاقى الفريق الآزوري بولندا وغلبها بهدفين نظيفين سجّلهما باولو روسّي نفسه، فحجزت إيطاليا مكاناً لها في المباراة النهائيّة بانتظار الفائز بين ألمانيا الغربية وفرنسا.

لأول مرة في تاريخ البطولة تم اللجوء لركلات الترجيح، وذلك في نصف النهائي بين ألمانيا وفرنسا

التقت فرنسا مع ألمانيا الغربية من أجل حجز مكان لها في المباراة النهائية التي نالت إيطاليا أوّل مقعديها، انتهى الوقت الأصلي للمباراة بالتعادل 1-1، وسجّلت فرنسا هدفين في الوقت الإضافي ومع ذلك حاول لاعبوها زيادة الغلّة. طمعهم هذا أدى لترك مساحات خالية في صفوفهم الخلفيّة ما أسفر عن عودة ألمانيا الغربية للّقاء بتسجيلها لهدفين عادلت بهما الكفّة 3-3، ليحتكم الفريقان إلى ركلات الترجيح التي ستُلعب لأوّل مرّة في تاريخ كأس العالم، وهنا ابتسم الحظّ لألمانيا الغربيّة وأهّلها للمباراة النهائيّة، بينما اكتفت فرنسا بلعب مباراة تحديد المركزين الثالث والرابع والتي كسبتها بولندا بواقع 3-2.

احتدم الصّراع بين إيطاليا وألمانيا الغربية على لقب النسخة الثانية عشر من كأس العالم، فكلّ من الفريقين يملك لقبين من كأس العالم، وحان الوقت لإحراز الثالث ومعادلة رقم البرازيل التي كانت تملك 3 ألقاب حينها. ومع انطلاق المباراة التي دارت في ملعب سانتياغو برنابيو أمام أكثر من 80 ألف متفرّج ساد الحذر بين الطرفين، إلى أن سنحت لإيطاليا فرصة تسجيل هدف من ركلة جزاء، لكن كابريني أهدر هذه الكرة، ودخل التاريخ كأول لاعب يهدر ركلة جزاء في مباراة نهائية بكأس العالم.


وبعد بداية الشوط الثاني بـ12 دقيقة أسعف باولو روسّي من جديد فريقه وسجّل هدف بلاده الأول، وضاعف زميله تارديلي الغلّة في الدقيقة 69، قبل أن يضع ألتوبيللي هدف إيطاليا الثالث في شباك الحارس الألماني شوماخر، ورغم تسجيل ألمانيا الغربية عبر برايتنر هدف حفظ ماء الوجه إلا أن الإرهاق الشديد طغى على أداء اللاعبين الذين خاضوا أشواطاً إضافيّةً أمام فرنسا، ليعلن الحكم نهاية المباراة بفوز إيطاليا 3-1، في بطولة تُوّج بها باولو روسّي بجائزة أفضل لاعب في البطولة، وحاز أيضاً بها على لقب الهدّاف، لتعادل إيطاليا الرقم التاريخي للبرازيل وتظفر باللقب للمرة الثالثة بتاريخها، بعد أن حرمت أقوى فريق بتاريخ البرازيل من الوصول إلى الدور نصف النهائي..

شهدت النسخة الثانية عشرة من كأس العالم العديد من الأحداث والمفارقات المتناقضة، وحوت على الكثير من الأرقام والأحداث الهامّة التي ما زالت راسخة في أذهان عشّاق كرة القدم في العالم، فماذا عنها؟