21-فبراير-2018

تنص مجلة حماية الطفولة في تونس على عدد من الإجراءات لحماية الأطفال وضمان حقوقهم (صورة أرشيفية/فتحي بلعيد/أ.ف.ب)

لا حديث هذه الأيام في تونس، خاصة في مواقع التواصل الاجتماعي، إلا عن فيديو مسرّب يظهر سوء معاملة ترتقي لدرجة التعذيب من طرف معلمة تجاه أطفال من مرضى التوحد بمركز رعاية خاصّ، حيث تداول التونسيون هذا المقطع بشكل واسع معبّرين عن غضبهم من هذه الممارسات خاصة بحقّ أطفال يستحقون عناية خاصّة، ومطالبين باتخاذ أشد العقوبات تجاه مرتكبي الانتهاكات.

أثار فيديو مسرّب يظهر سوء معاملة ترتقي لدرجة التعذيب من طرف معلمة تجاه أطفال من مرضى التوحد بمركز رعاية خاص غضب التونسيين ودعواتهم لردع يحد من الظاهرة

 

 

 

 

اقرأ/ي أيضًا: الطفل المعجزة جاكوب بارنيت.. من التوحّد إلى العبقرية

إيقافات وقضية في التعذيب وسوء المعاملة

مع تتالي الغضب شعبيًا من الحادثة والتركيز الإعلامي عليها، دخلت رئاسة الحكومة على الخطّ في أطوار الحادثة التي تحوّلت بسرعة لقضية رأي عام، وذلك باستصدار إذن قضائي لإخضاع الأطفال بمركز رعاية أطفال التوحد الذي عرف حالات التعنيف، للرقابة الطبية والنفسية ووضع المركز تحت رقابة وزارة الشؤون الاجتماعية إلى حين استكمال الأبحاث القضائية الجارية. وكانت قد أعلنت النيابة العمومية إيقاف صاحبة المركز ومرّبيتين ومباشرة قضية عدلية موضوعها "التعذيب وسوء معاملة القصر والاعتداء بالعنف".

وقد كشفت عاملة بهذا المركز أن "ما خفي أعظم"، حيث قالت إنها عايشت ما يتعرض له الأطفال من انتهاكات على غرار الاعتداء عليهم على مستوى الرأس، الضرب وإجبارهم على الاستحمام بطريقة لا إنسانية، بل وقالت إن الأولياء، في فترة سابقة، لم يصدقوا كلامها وإنه تم طردها من العمل.

اقرأ/ي أيضًا: "تشليط"، كي وممارسات أخرى.. رعب أطفال تونس

أمهات وبرلمانية يدافعن عن المركز؟

في الأثناء، نفذت بعض أمهات الأطفال الموجودين في هذا المركز وقفة احتجاجية للمطالبة بإطلاق سراح الموقوفات وعدم غلق المركز، وهو ما أثار حالة استنكار بين طيف واسع من التونسيين، باعتبار أن هؤلاء الأمهات لم يفكّرن إلا في مصالح أبنائهنّ وعدم اهتمامهن بممارسات التعنيف تجاه بقية الأطفال ووجع أمهاتهن، وعدم تقديرهن بشكل سليم، في نظر الكثيرين، لما قد يتطور إليه الوضع.

ولكن ما زاد في حالة الغضب لدى رواد مواقع التواصل الاجتماعي هو دفاع عضو مجلس نواب الشعب مباركة البراهمي عن مركز الرعاية نظرًا "لدور صاحبته في تحسين حالة ابنتها المصابة بمرض التوحد"، كما تقول، إذ اعتبرت مباركة البراهمي أن صاحبة المركز لها عليها "دين ليوم الدين" كما دوّنت على حسابها على فيسبوك. ودعا متابعون لعدم الاستغراب من موقف البرلمانية بالنظر لاشتهارها أصلاً بدعمها المعلن لنظام بشار الأسد.

 

وفي ذات السياق، أدان المحامي خالد الكريشي الذي يرتاد ابنه هذا المركز، ما وثقه الفيديو المتداول من انتهاكات بحق الأطفال، غير أنه دعا إلى عدم تسليط عقوبة جماعية بحق المركز بالغلق، متحدثًا في هذا الإطار عن التطوّر الإيجابي لحالة ابنه المصاب التوحد. في المقابل، كشفت قريبة الطفل المعتدى عليه، في فيديو على فيسبوك، معلومات صادمة عن واقع التعامل مع الأطفال في هذا المركز المختص برعاية الأطفال الذين يعانون من التوحد، مستاءة من "حرص بعض الأولياء فقط على التخلص من أولادهم داخل هذه المراكز دون اهتمام بما يتعرضن له".

ليست المرّة الأولى..

تتواصل الدعوات لأجهزة الدولة في تونس للقيام بمهامها وتوفير الظروف الملائمة خاصة للأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة وتكثيف المراقبة للمراكز الخاصة

يذكر أنها ليست المرّة الأولى التي تُثار فيها مسألة تعنيف الأطفال في المدارس أو ومراكز الرعاية بتونس أو في رياض الأطفال، حيث انتشر فيديو سنة 2016 سرّبته طالبة متربّصة بأحد دور الرعاية يظهر تعنيف المربيات لأطفال مصابين بالتوحّد أيضًا، وفي مناسبات عدة تُلقى المسؤولية على عاتق مندوبيات حماية الطفولة، التي يُلزمها القانون بتلقّي الإشعارات بخصوص الأطفال المهددين. وتتكرر هذه القضايا بشكل لافت خلال السنوات الأخيرة وتثير حيرة الأولياء بشكل خاص.

وتستمرّ، في الأثناء، الدعوات لأجهزة الدولة للقيام بمهامها وتوفير الظروف الملائمة خاصة للأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة. وفي هذا الجانب، كشفت الناشطة والسياسية إيناس الجديدي أنه لا توجد مراكز مختصّة في تونس للعناية بالأطفال المصابين بالتوحّد، وأضافت أن "وزارة التربية لم تعترف بخصوصية هؤلاء الأطفال إلا السنة الماضية". ودعت لاستغلال الحادثة الأخيرة من أجل الضغط على الدولة بهدف توفير العناية اللازمة بهم.

 

اقرأ/ي أيضًا:

تعذيب وعنف متواصل.. أرق تونس الثورة

حي هلال في تونس.. لا يزال للأمل مكان