أطلق نشطاء وفاعلون سياسيون في اليمن حملة انتقادات واسعة استهدفت الحكومة اليمنية، وذلك تنديدًا بما وصفوها بالمواقف الحكومية المتخاذلة إزاء المعركة المصيرية في مأرب، التي تتعرض لهجوم مكثّف من الحوثيين، ودعا الناشطون المشاركون في الحملة إلى ما أسموه النفير العام قبل سقوط مأرب بيد الحوثيين.
أطلق نشطاء وفاعلون سياسيون في اليمن حملة انتقادات واسعة استهدفت الحكومة اليمنية، وذلك تنديدًا بما وصفوها بالمواقف الحكومية المتخاذلة إزاء المعركة المصيرية في مأرب
وقال رئيس البرلمان اليمني محسن باصرة في بيان نشره على تويتر: "التاريخ لن يرحمنا إذا دخل الحوثيون مأرب، فهم يجهزون لذلك ومستميتون رغم خسائرهم الكبيرة". وكانت جماعة الحوثي شنت هجومًا جديدًا على محافظة مأرب شرقي البلاد، اندلعت على إثره معارك بينها والجيش اليمني أدّت إلى سقوط عشرات القتلى والجرحى بحسب المصادر اليمنية.
اقرأ/ي أيضًا: تصعيد حوثي بالتزامن مع جهود التسوية.. استعراض قوة وتحسين لفرص التفاوض
وأفادت مصادر تابعة للحوثيين بأنهم أحرزوا تقدمًا على جبهات القتال في محافظة مأرب وخاصة في منطقة صرواح غربي محافظة مأرب، كما أعلنت ذات المصادر أن الحوثيين سيطروا على معسكر كوفل الاستراتيجي غرب مأرب الذي كان تحت سيطرة قوات الجيش اليمني. وكان الحوثون قد دفعوا الأيام القليلة الماضية بـ"أعداد كبيرة" من المقاتلين وشنوا هجمات من عدة جهات على مأرب في محاولة لإسقاطها قبل الدخول في أي مفاوضات سياسية مع الحكومة المعترف بها، خصوصًا في ظل ضغوط إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن للدفع باتجاه الحل السياسي، علما وأن محافظة مأرب مأرب تعد معقلًا من أهم معاقل الحكومة والمقر الرئيس لوزارة الدفاع، إضافة إلى تمتعها بثروات النفط والغاز.
وردًا على تصريحات الحوثيين قال المركز الإعلامي للجيش اليمني إن قوات الجيش "صدت هجمات للحوثيين، وشنت قصفًا مدفعيًا استهدف تجمعات لهم في صرواح، كما تم إسقاط طائرة مسيرة ملغومة للحوثيين"، وأضاف المركز الإعلامي أن طائرات التحالف السعودي الإماراتي شنت غارات استهدفت تعزيزات عسكرية للحوثيين غربي محافظة مأرب.
في الأثناء ذكرت مصادر يمنية متعددة أن مئات القتلى والجرحى سقطوا من الجانبين جراء المعارك خلال الأيام الماضية، بينهم قائد اللواء 203 في الجيش الوطني العميد محمد العسودي. وتُنذر هذه الأحداث المتسارعة بأزمة إنسانية خطيرة، حيث أسفر النزاع منذ 2014 عن مقتل عشرات الآلاف ونزوح الملايين، بحسب بيانات الأمم المتحدة، بينما بات ما يقرب من 80% من سكان اليمن البالغ عددهم 30 مليونًا تقريبًا يعتمدون على المساعدات.
هذا وقد حذرت وكالات الأمم المتحدة الجمعة 12 شباط/ فبراير 2021 من أن نصف الأطفال دون سن الخامسة في اليمن سيعانون من سوء التغذية في العام 2021، وقد يموت مئات الآلاف منهم بسبب نقص المساعدات الإنسانية.
على صعيد آخر استهدف الحوثيون مطارين في السعودية أمس، هما مطاري جدة وأبها، بطائرات مسيرة، وفي هذا الصدد غرد المتحدث العسكري باسم الحوثيين يحيى سريع على تويتر بأن "سلاح الجو المسير ينفذ هجومًا جويًا على مطاري جدة وأبها الدوليين صباح الاثنين بطائرتي صماد 3 وقاصف 2k وكانت الإصابة دقيقة نتج عنها توقف المطارين لساعتين متتاليتين".
وأضاف المتحدث باسم الحوثيين بأن هذا الهجوم بالطائرات المسيرة يأتي في إطار ما وصفه ب "الرد المشروع على تصعيد العدوان العسكري وحصاره المتواصل على شعبنا اليمني".
وكانت جماعة الحوثي، قد قدمت على لسان محمد علي الحوثي عضو المجلس السياسي الأعلى في الجماعة، عرضًا للسعودية، توقف الجماعة بموجبه هجماتها العسكرية التي تستهدف المملكة مقابل إنهاء التحالف بقيادة المملكة ومشاركة الإمارات الغارات في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون وجبهات القتال بين الطرفين.
وقال القيادي بجماعة الحوثي في تغريدة نشرها على حسابه في تويتر: "نحن من ندعو للسلام، وقدمنا لأجله حلولاً كثيرة، ولكن الحاصل حتى الآن أن القصف بالطيران الأمريكي والبريطاني والأوروبي مستمر والمعارك مستمرة، إيقاف القصف مقابل القصف".
وبالتزامن مع تكثف النشاط والعمل الدبلوماسي الدولي والإقليمي لإيجاد حل أو تسوية سياسية توقف الحرب في اليمن، يصعّد الحوثيون بشكل لافت للانتباه من عملهم العسكري وهجماتهم العسكرية على عدة جبهات داخل اليمن وخارجه في السعودية بالتحديد.
حيث كانت جماعة الحوثي كثّفت الأسبوع الماضي من عمليات إطلاق الطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية تجاه المملكة العربية السعودية، دون أن تخلف تلك العمليات أضرارًا بشرية بحسب المصادر السعودية. وإن كان أحد الصواريخ أدى إلى اندلاع حريق في طائرة مدنية بمطار أبها الدولي، وكان الحوثيون قد أعلنوا إطلاق نحو 15 طائرة مسيرة، وصاروخ باليستي، بشكل متفرق، باتجاه السعودية استهدف بعضها مرابض للطائرات بمطار أبها الدولي وقاعدة الملك خالد الجوية جنوب غربي السعودية.
وفي المقابل أعلن التحالف العربي على نحو متفرق اعتراض وتدمير نحو 10 طائرات مسيرة أطلقها الحوثيون تجاه السعودية، خلال أقل من أسبوع، إضافة إلى تدمير صاروخ باليستي. والخميس الماضي، أبلغت السعودية مجلس الأمن الدولي بأنها ستتخذ كافة الإجراءات اللازمة للحفاظ على أراضيها وسلامة مواطنيها من الهجمات "الإرهابية" للحوثيين.
فسرت تقارير هذا التصعيد الأخير بمحاولة الحوثيين تحسين شروطهم في التفاوض عبر استعراض قوتهم من ناحية، وتعزيز أوراقهم على الأرض من ناحية أخرى بمحاولة الاستيلاء على أراضي جديدة خاصة في مأرب التي تعد معقلًا من أهم معاقل الحكومة والمقر الرئيس لوزارة الدفاع، إضافة إلى تمتعها بثروات النفط والغاز.
على سبيل المثال، تشير وكالة الأناضول، إلى أن اللافت في هذا التحرك، هو "أن الحوثيين بدأوا التصعيد العسكري في نفس اليوم الذي زار فيه المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث طهران، في 7 فبراير/شباط الجاري، من أجل بحث سبل إحلال السلام في اليمن". أمر تفسره الوكالة بالقول إنه "يأتي في سياق سعي الجماعة لإظهار نفسها بأنها لا تتلقى قرارها من طهران، وأنها هي من تقرر متى وكيف تنفذ عملياتها في اليمن والسعودية".
فسرت تقارير هذا التصعيد الأخير بمحاولة الحوثيين تحسين شروطهم في التفاوض عبر استعراض قوتهم من ناحية، وتعزيز أوراقهم على الأرض من ناحية أخرى
يُشار إلى أن المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث زار طهران والسعودية من أجل بحث تحقيق خارطة طريق سياسية تفضي للحوار وإنهاء الحرب، على إثر مطالب أمريكية وأوروبية بإنهاء الحرب ووقف كافة أشكال الدعم للحرب هنالك من الجانب الأمريكي. وفي ذات السياق بدأت الإدارة الأمريكية في إجراءات رفع جماعة أنصار الله الحوثي من قائمة المنظمات الإرهابية، وهو الموقف الذي استقبلته الحكومة اليمنية بانتقاد كبير، واعتبره وزير الإعلام اليمني بمثابة إعطاء ضوء أخضر للحوثيين للاستمرار في جرائمهم بحق المدنيين اليمنيين.
اقرأ/ي أيضًا: