17-فبراير-2023
getty

يُنظر للاعتقالات باعتبارها محاولة تصفية سياسية من قبل قيس سعيّد (Getty)

تواصل السلطات التونسية نهجها في استهداف المعارضين، حيث قامت بسلسلة اعتقالات جديدة تضاف إلى اعتقالات سابقة لناشطين وسياسيين وإعلاميين، فقد قام الأمن التونسي باعتقال كل من القيادي بحركة النهضة نور الدين البحيري، والمحامي والناشط السياسي لزهر العكرمي، وكذلك مدير عام إذاعة موزاييك نور الدين بوطار، ضمن اعتقالات انطلقت بشكلٍ واسع، بعد الانتخابات البرلمانية التي عقدها سعيّد، بناءً على قانون ودستور جديد، عقب الانقلاب في تونس، ولم تحصل على مشاركة شعبية واسعة. 

تواصل السلطات التونسية نهجها في استهداف المعارضين، حيث قامت بسلسلة اعتقالات جديدة تضاف إلى اعتقالات سابقة لناشطين وسياسيين وإعلاميين

لتُضاف هذه الاعتقالات إلى موجة الإيقافات المسجلة نهاية الأسبوع المنصرم شملت أيضًا كلًّا من الناشط السياسي والقيادي السابق بحزب التكتل خيّام التركي، ثم رجل الأعمال كمال اللطيّف ثم الناشط السياسي والقيادي السابق بحركة النهضة عبد الحميد الجلاصي ثم القاضيين المعفيين البشير العكرمي والطيب راشد.

كما قامت السلطات التونسية أمس الخميس بإعلام فرع المحامين بتونس باستنطاق 14 محاميًا ينوبون في قضايا سياسية، ومن بين الأسماء المحالة إلى الاستنطاق العميد الأسبق للمحامين عبد الرزاق الكيلاني وزوجة نائب رئيس حركة النهضة نور الدين البحيري المحامية سعيدة العكرمي، والمحامون سمير ديلو، وأنور أولاد علي، ورضا بالحاج، ومحمد سامي الطريقي، ومالك عمار، والناصر الصغير هرابي، ومحسن السحباني، ومنية بوعلي، ورمزي بن دية، ونزار التومي، وإيناس حراث، وعبد الرؤوف بن الهادي.

وفي التفاصيل شهدت تونس سلسلة من الاعتقالات الجديدة شملت كلًّا من القيادي بحركة النهضة نور الدين البحيري، والمحامي والناشط السياسي لزهر العكرمي، وكذلك مدير عام إذاعة موزاييك نور الدين بوطار.

getty

وقد أثارت موجة الاعتقالات والمداهمات التي شهدتها تونس تنديدًا واسعًا وانتقادات عارمة للسلطة في تونس، على خلفية هذه الإيقافات التي اعتبرها نشطاء وحقوقيون "استعراضية وغير قانونية".

وفي هذا الصدد أكدت مجموعة من الأحزاب والمنظمات التونسية والشخصيات الوطنية، الخميس 16 شباط/فبراير 2023، أن "إيقاف المعارضين السياسيين واستهداف إعلاميين ونقابيين بتهمة التآمر على أمن الدولة استنادًا لقانون الإرهاب أو إلى المرسوم 54 أو بأي شكل آخر، هو انزلاق خطير نحو الحكم الفردي والاستبداد وهو قمع وإسكات لأيّ صوت يمكنه تعطيل هيمنة السلطة الحالية على أجهزة الدولة". 

واعتبرت الأحزاب والمنظمات، في بيان مشترك لها تحت عنوان "لا للقمع لا للمحاكمات السياسية"، أن "ربط الإيقافات الأخيرة واقترانها بإيقاف قضاة سابقين، كان تتبعهم مطلب جل الطيف المدني والسياسي الديمقراطي ونتيجة لما كشفته هيئة الدفاع عن الشهيدين من قرائن ثابتة، يهدف إلى تضليل الرأي العام وخلق حالة من الضبابية حول ما تقوم به السلطة من خروقات للقانون وتعد على الحقوق والحريات ويندرج ضمن استراتيجية اتصالية سياسية شعبوية الغاية منها التغطية على فشل مسار الرئيس قيس سعيّد وانحساره"، حسب تقديرها.

ويوم الأربعاء 15 شباط/فبراير استنكر الاتحاد العام التونسي للشغل، عقب اجتماع مكتبه التنفيذي، ما وصفها بـ"حملات الاعتقال العشوائية التي طالت العديدين وما شابها من خروقات قانونية وتجاوزات إجرائية ومحاولات تلفيق التهم وحملات تشهيرية في ظلّ التعتيم الكامل وغياب أيّ معلومة رسمية عن طبيعة التهم ومآلات التحقيق" وفقه.

وجدّدت المنظمة الشغيلة رفضها "لأيّ استهداف للحقوق والحريات العامّة والفردية ومنها الحقوق النقابية تحت أيّ ذريعة كانت"، مندّدةً بما تمارسه السلطة من "اعتداءات ضدّ النقابيين بمناسبة ممارستهم لحقّهم النقابي بما فيه حقّ التعبير وحقّ الإضراب سواء عبر الاعتقالات أو تلفيق القضايا الكيدية أو من خلال سعيها لسلب حقّ الإضراب بالتضييقات والتساخير غير القانونية".

هذا على الصعيد الداخلي، أما على صعيد المواقف الدولية فقد أصدر مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان بمنظمة الأمم المتحدة فولكر تورك، الثلاثاء 14 شباط/فبراير 2023، بيانًا عبّر فيه عن قلقه إزاء ما وصفه "بتفاقم القمع تجاه المعارضين السياسيين وممثلي المجتمع المدني في تونس، لا سيما من خلال التدابير التي اتخذتها السلطات والتي ما تزال تقوض استقلال القضاء".

getty

وقبل يوم أمس الأربعاء قال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية نيد برايس خلال مؤتمر صحفي تعرّض فيه إلى حملة الاعتقالات الأخيرة في تونس: "نشعر بقلق بالغ بخصوص اعتقال شخصيات سياسية ورجال أعمال وصحفيين في تونس في الأيام الفارطة".

مردفًا القول: "نحترم تطلعات الشعب التونسي في قضاء مستقل وشفاف يوفر الحريات للجميع، ونتابع مع الحكومة التونسية كل ما من شأنه دعم حقوق الإنسان وحرية التعبير".

وفي رد غير مباشر على هذه الانتقادات قال الرئيس التونسي قيس سعيّد، "نحن مؤتمنون على سيادة الشعب التونسي وسيادة الدولة التونسية"، مضيفًا: "لم نبعث ببرقيات ولم نُدلِ بتصريحات تعبّر عن انشغالنا بأوضاع الحقوق والحريات في عدد من العواصم التي تصدر منها مثل هذه البيانات"، وفق تعبيره.

وتابع قائلًا: "سيادتنا فوق كل اعتبار، وفكرة الحرية استبطنّاها قبلهم بكثير، فلينظروا في تاريخهم قبل أن ينظروا في تاريخنا، ولينظروا إلى واقعهم قبل أن يتحدثوا عن الأوضاع في تونس"، حسب تصريحه.

وزعم السعيّد أن الاعتقالات، في تبريره للاعتقالات الأخيرة، أنها نفذت تجاه "إرهابيون ولا بد أن يحاسبوا بالقانون"، على حد زعمه، وذلك خلال حديث من مقر وزارة الداخلية. مضيفًا: "نحن نعيش في مرحلة دقيقة وخطيرة، والتهم تتعلق بالتآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي.. والهدف من المشروع الذي خططوا له هو إسقاط الدولة"، على حد تعبيره.

أثارت موجة الاعتقالات والمداهمات التي شهدتها تونس تنديدًا واسعًا وانتقادات عارمة للسلطة في تونس

من جانبها، دعت اللجنة الدولية للحقوقيين، الأربعاء 15 شباط/ فبراير 2023، إلى "ضرورة أن تتوقف السلطات التونسية عن كل الملاحقات القضائية التعسفية والمُسيّسة التي تهدف إلى قمع أصوات معارضي الحكومة".