20-يوليو-2019

تمتلك إيران ترسانة عسكرية ضخمة (Getty)

وضع موقع جلوبال فاير باور الجيش الإيراني في المرتبة 14 عالميًا بالرجوع لتقييمه للقوة العسكرية، وتفوقت إيران بحسب تصنيف الموقع المختص بتقييم القوة العسكرية على دول عديدة تملك طموحات نووية، والأهم من ذلك تفوقها على تل أبيب عسكريًا، رغم "التزامها الصمت" على الغارات الإسرائيلية التي تستهدف الجماعات المسلحة التابعة لها في سوريا.

تعتمد إيران بترسانتها العسكرية بشكل كامل على قوات الحرس الثوري، الذي أدرجته واشنطن على لائحة المنظمات الإرهابية، لتشكل بذلك سابقة بوضعها مؤسسة رسمية عسكرية لإحدى الدول على هذه اللائحة

عند البحث عن العوامل التي دفعت الموقع لوضع الجيش الإيراني في هذه المرتبة، يمكن الاعتماد على سبيل المثال على التعداد السكاني لإيران الذي يبلغ قرابة 82 مليون نسمة مع قوة عسكرية محتملة قد تصل لـ47 مليونًا، بحسب مجلة ناشيونال إنترست الأمريكية، الذي يبدو أنها اعتمدت على التعداد السكاني للذكور القادرين على حمل السلاح. كما أن لإيران ميزة أخرى تجعلها تتفوق عسكريًا على غيرها من الدول المدرجة ضمن التصنيف، مثل مساحة الأراضي، والمخزون النفطي الكبير لديها، بالإضافة لذلك فقد ذكرت إيران بحسب المجلة الأمريكية أن لديها ما يزيد عن 900 ألف عسكري نشط أو في عداد قوات الاحتياط.

اقرأ/ي أيضًا: لهذه الأسباب لن نشهد حربًا أمريكية – إيرانية في سوريا!

وبالنظر لتصاعد الأزمة الدبلوماسية بين طهران وواشنطن في منطقة الخليج، والتي نتج عنها تعرض ناقلات النفط العابرة لمضيق هرمز لهجمات متفرقة في الآونة الأخيرة، آخرها ما حدث مع الباخرة البريطانية يوم أمس الجمعة، أو حادثة إسقاط الطائرة الأمريكية دون طيار التي نجم عنها مخاوف من نشوب صراع عسكري في المنطقة بين الطرفين قبل أن يتراجع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن توجيه ضربة لمواقع عسكرية داخل إيران، فإن الأخيرة على الرغم من استبعادها نشوب صراع عسكري مع واشنطن، ترى أنها قادرة على خوض هذه الحرب بما تمتلكه من ترسانة عسكرية قامت ببنائها على مدى أكثر من 40 عامًا.

الحرس الثوري الإيراني.. المؤسسة العسكرية الرسمية لإيران

تعتمد إيران بترسانتها العسكرية بشكل كامل على قوات الحرس الثوري الإيراني، الذي أدرجته واشنطن مؤخرًا على لائحة المنظمات الإرهابية، لتشكل بذلك سابقة بوضعها مؤسسة رسمية عسكرية لإحدى الدول على هذه اللائحة. ويتبع الحرس الثوري بشكل مباشر للزعيم الإيراني الأعلى آية الله علي خامنئي، وتتفرع عنه قوات التعبئة الشعبية (الباسيج) التي تقوم بتطبيق قوانين دولة ولاية الفقيه على المواطنين بالقوة، وفيلق القدس المصنف على أنه الذراع العسكري خارجيًا للحرس الثوري، وبرز اسمه بشكل قوي خلال السنوات الثماني الماضية التي شهدت خلالها دول الربيع العربي صراعات عسكرية على السلطة.

لا توجد إحصائية واضحة حول التعداد الفعلي للقوات العسكرية الإيرانية، باستثناء ما ذكرته المجلة الأمريكية، لكن هناك تقديرات بحسب موقع بي بي سي البريطاني تقول إن عدد أفراد الحرس الثوري يقارب 125 ألف عنصر، بالإضافة للقوات البرية والبحرية والجوية، كما أنه يشرف على تطوير ترسانة السلاح الإيرانية، وتشكيله لتحالفات خارجية بإشراف فيلق القدس مع الجماعات المسلحة الشيعية في العراق، أو تأسيسه لجماعات شيعية أسوًة بالتجربة العراقية في سوريا تقاتل إلى جانب رئيس النظام السوري بشار الأسد ضد قوات المعارضة السورية، وجماعة أنصار الله الحوثي في اليمن.

وهناك تكهنات تشير إلى أن الحرس الثوري يستولي على ثلث الاقتصاد الإيراني عبر تحكمه بالعديد من المؤسسات والشركات التي تعمل في مجالات متنوعة، فضلًا عن إنشائه لمنظمات خيرية، ويصنف على أنه ثالث أغنى مؤسسة داخل إيران بعد مؤسسة النفط ووقف الإمام الرضا، وعلى الرغم من أن عدد عناصره يقل عن عدد قوات الجيش النظامي، إلا أنه يعتبر القوة العسكرية المهيمنة في إيران، ويتولى العديد من المهام العسكرية الكبيرة في البلاد وخارجها، وهناك اعتقاد بامتلاكه لعناصر في السفارات الإيرانية تقوم بتنفيذ العمليات الاستخباراتية، وتقيم معسكرات التدريب، وتساهم في تقديم الدعم لحلفاء إيران في الخارج.

الجماعات الخارجية المتحالفة مع إيران

تشكل الجماعات المسلحة التي عمل فيلق القدس على تأسيسها في كل من العراق وسوريا إلى جانب حزب الله اللبناني، وجماعة أنصار الله الحوثي اليمنية المشكلتان قبل عام 2011، قوًة عسكرية لا يستهان بها تعتمد عليها إيران في حروبها الخارجية مقابل تقديمها الدعم المالي واللوجستي والعسكري، على أن هذه الجماعات كما هو معروف عنها لا تقاتل مقابل الحصول على امتيازات من إيران، إنما من المرجح أن قتالها إلى جانب الحرس الثوري في دول العراق وسوريا واليمن ناجم عن موقف أيديولوجي طائفي يستند إلى تبعيتها لدولة ولاية الفقيه.

وفي سياق الأزمة الدبلوماسية المتصاعدة حاليًا بين طهران وواشنطنن فإن هناك تحذيرات من أنه في حال نشوب صراع عسكري بين الدولتين، فإنه لن يقتصر عليهما فقط، إنما سيمتد ليشمل باقي الدول في منطقة الشرق الأوسط، حيث إن إيران ستعتمد بشكل كبير على الجماعات المسلحة لضرب مصالح القوات الأمريكية في الشرق الأوسط أو حلفائها الخليجيين، وتحدثت تقارير صحفية مؤخرًا عن لقاء بين زعيم فيلق القدس قاسم سليماني مع مجموعة من قادة الجماعات المسلحة العراقية الموالية لإيران طلب منها الاستعداد لخوض حرب بالوكالة.

وقبل عام من الآن كشفت وكالة رويترز تقديم إيران صواريخ باليستية للجماعات الشيعية المسلحة الموالية لها في العراق، وقالت إن إيران تطور القدرة على صنع المزيد من الصواريخ هناك لدرء الهجمات المحتملة على مصالحها في الشرق الأوسط، ولامتلاك وسيلة تمكنها من ضرب خصومها في المنطقة، وأشارت إلى أن إيران تمتلك مصانع لتطوير الصواريخ في العراق بالاعتماد على فريق من المهندسين الشيعة كانوا قد عملوا ضمن المصانع عينها سابقًا في عهد الرئيس العراقي صدام حسين، وبطبيعة الحال يمكن إسقاط حالة الجماعات المسلحة العراقية على باقي حلفاء إيران الإقليميين مثل حزب الله اللبناني أو جماعة أنصار الله الحوثي.

القدرات العسكرية الإيرانية

  • القوة الجوية

تمتلك القوات الجوية الإيرانية نحو 700 طائرة ما بين مقاتلة ومهام أخرى، من بينها مجموعة من المقاتلات الأمريكية والروسية، عملت على صيانتها محليًا عن طريق حصولها على القطع البديلة إما عبر السوق السوداء أو بتصنيعها محليًا، كما أنها قامت على مدى الأعوام السابقة بصناعة طائرات مقاتلة محليًا، وصل عددها لأكثر من سبع مقاتلات، كان آخرها مقاتلة كوثر التي تتمتع بجهاز رصد متطور للأهداف، وتعتبر أكثر المقاتلات الإيرانية محلية الصنع تطورًا لامتلاكها نظام التحكم بالنار من طراز الجيل الرابع.

إلى جانب صناعة المقاتلات الحربية أو صيانة المقاتلات غير الإيرانية محليًا، تولي إيران أهمية كبيرة لصناعة الطائرات دون طيار التي يركز المجمع الصناعي العسكري الإيراني بشكل مكثف على صناعتها، والذي يعتبر سببه الأساسي بشكل مباشر حادثة إسقاط الطائرة الأمريكية دون طيار آر كيو 170 نهاية عام 2011 بعد اختراقها للأجواء الإيرانية، إذ عملت إيران على استنتساخ الطائرة، وتصنيع عدة نماذج منها في خطة انتهت عام 2015. كما صنعت إيران طائرة أبابيل القادرة على التجسس ورصد الحدود والتحليق فترة تصل إلى ثماني ساعات متتالية، وطائرة مقاتلة صغيرة لأغراض التدريب تصلح لراكب واحد من طراز آذرخش.

واستطاعت إيران من خلال حفاظها على علاقات طيبة مع روسيا الحصول على التكنولوجيا وتقنيات التصنيع والصيانة والترميم للطائرات، بعدما كان ذلك مستحيلًا نتيجة العزلة الدولية المفروضة عليها فيما يخص تقنيات تطوير ترسانتها العسكرية، إضافة لإنتاجها محليًا لبعض القطع، إلا أن علاقتها مع روسيا أو كوريا الشمالية سمحت لها بطريقة أو بأخرى بالحصول أولًا على مقاتلات حربية وتقنيات الصيانة في القطاع الجوي، وثانيًا تدريب العسكريين الإيرانيين مع بيعها لأسلحة ثقيلة وخفيفة وتوفير تقنيات التصنيع والصيانة لها.

ويتجاوز عدد الطائرات الإيرانية دون طيار  التي قامت إيران بتصنيعها محليًا 20 طائرة، يأتي في مقدمتها سلسلة طائرات أبابيل دون طيار المتطورة بقدرة على حمل رؤوس متفجرة للاصطدام بالهدف، ومثلها طائرات مهاجر المزودة بنسختها الحديثة بقاذفات RPG، ولعل أكثر ما يدل على اهتمامها بهذه التقنية افتتاح سلاح الجو الإيراني الشهر الماضي كلية للطائرات دون طيار في مقاطعة قم الوسطى، وتصنف إيران من بين الدول الخمس الأولى في صناعة الطائرات دون طيار.

  • القوة الصاروخية

تعتبر القدرة الصاروخية للقوات الإيرانية أكثر ما يميزها عسكريًا، إذ عمل الضابط البارز في الحرس الثوري الإيراني العميد حسن طهراني مقدم على هندسة مشروع الصواريخ البالستية الإيرانية منذ وصول النظام الإيراني الحالي للسلطة، قبل أن يقتل عام 2011 في انفجار ضرب قاعدة الغدير لتطوير الصواريخ، وهناك تقارير تقول إن طهراني كان يشرف قبل مقتله على تطوير منشأة سرية ثانية في الصحراء الإيرانية النائية في شهرود على بعد 300 ميل من منشأته الأولى.

ويأتي في مقدمة القدرة الصاروخية الإيرانية التي عمل الحرس الثوري على إنتاجها صواريخ شهاب 2 التي يصل مداها لـ500 كم، وغدر بمدى يصل لـ1500 كم، وصاروخ سجيل بمدى يصل لـ2000 كم، إذ يرى مراقبون أن إيران لا تطور فقط ترسانتها التقليدية من الصواريخ قصيرة ومتوسطة المدى فقط، لكن من الممكن أنها دخلت عصر تطوير صواريخ طويلة المدى، ويمكن للصواريخ الباليستية التي أنتجتها بصناعة محلية الوصول إلى دول في آسيا وأوروبا.

لكن تطور القدرة الصاروخية الإيرانية لم يصل بعد لإمكانية إطلاقها صورايخ محملة برؤوس نووية، رغم نجاحها عام 2009 بإطلاق صاروخ سفير الفضائي على مرحلتين لوضع القمر الصناعي أوميد في مداره، وهو الصاروخ القادر من الناحية النظرية على حمل رأس نووي، لتكشف لاحقًا عن صاروخ سيمورغ القادر على حمل مركبة تزن 500 كغ.

  • القوة البرية

تعتمد إيران بشكل عام على ترسانة عسكرية برية من معدات روسية وأمريكية وبريطانية قديمة حصلت عليها قبل عام 1979، ووفقًا للتقارير المعدة بهذا الخصوص فإنها تمتلك في قوام قواتها البرية 350 ألف عنصر، بينهم 220 ألف يؤدون الخدمة الإلزامية، ولديها ما يقارب 1600 دبابة أمريكية وبريطانية الصنع، إضافة للأسلحة المضادة للدروع والأسلحة الخفيفة، إلا أنها لا تقف عند الأسلحة التي حصلت أو ورثتها عن حكم الشاه، إنما تعمل على تصنيع وإعداد أسلحة جديدة، منها مدرعات ومضادات للمدرعات.

كما عمل النظام الإيراني منذ وصوله للحكم على محاولة الاكتفاء ذاتيًا من خلال صناعته للدبابات العسكرية، وتشير التقارير إلى أن إيران قامت حتى اليوم بتصنيع ما لا يقل عن ثلاثة دبابات مقاتلة، أبرزها دبابة كرار التي تتميز بنظام ليزري لتحديد المسافات، وجهاز كمبيوتر باليستي لتوجيه الأسلحة وقدرة على ضرب الأهداف الثابتة والمتحركة في الليل والنهار، وإطلاق الصواريخ وتوجيهها بالليزر بشكل دقيق.

اقرأ/ي أيضًا:  استعراضات ترامب في سماء سوريا.. رسائل التنصل من الاشتباك!

  • القوات البحرية

وضع موقع جلوبال فاير باور إيران في المرتبة الرابعة لتكون بذلك واحدة من بين أضخم الأساطيل البحرية في العالم، حتى أنها تتفوق على روسيا بالتصنيف، وتمتلك في عداد ترسانتها البحرية بالإضافة لـ34 غواصة بحرية متعددة المهام، ستة فرقاطات، وثلاثة طرادات، ومثلها من كاسحات الألغام  فضلًا عن 88 سفينة دورية، وبرزت قوة إيران البحرية خلال الفترة السابقة بتنفيذها لهجمات استهدفت ناقلات النفط في مضيق هرمز رغم نفيها ضلوعها بالهجمات.

تعتمد إيران بشكل عام على ترسانة عسكرية برية من معدات روسية وأمريكية وبريطانية قديمة حصلت عليها قبل عام 1979، ووفقًا للتقارير المعدة بهذا الخصوص فإنها تمتلك في قوام قواتها البرية 350 ألف عنصر

كما أن لديها 19 طائرة بحرية، وكذلك الأمر 30 مروحية، ولواءين مسلحين بأربع منصات إطلاق من 100 إلى 300 صاروخ، ولواءين آخرين مسلحين بمنصات إطلاق  من 60 إلى 100 صاروخ، وتعتمد القوات البحرية الإيرانية بشكل أساسي على الزوارق السريعة لمهاجمة الوحدات العسكرية مثل حاملات الطائرات، وسمح موقعها الاستراتيجي على مضيق هرمز ومياه الخليج بامتلاكها لثلاثة موانئ يزيد طولها عن 2400 كم.