03-سبتمبر-2024
إقليم بلوشستان

(Getty) حملة أمنية كبيرة للجيش والأمن الباكستاني في إقليم بلوشستان

يعرف إقليم بلوشستان، جنوب غربي باكستان، حالة تصعيد مستمرة توصف بأنها غير مسبوقة، وذلك على خلفية التوترات الأمنية التي عرفها الإقليم منذ نهاية آب/أغسطس المنصرم، والتي راح ضحيتها عشرات القتلى معظمهم من الجيش والشرطة، بعد هجمات نفذها الانفصاليون البلوش في الإقليم الذي يهيمن حاليًا على نقاشات النخبة السياسية الباكستانية التي تتضارب مواقفها بشأن مستقبله، علمًا أنه يكتسي أهميته من كون العلاقات التجارية والاقتصادية بين الصين وباكستان مرهونة بالوضع فيه إلى حدٍّ بعيد.

وتتزامن التوترات في إقليم بلوشستان مع تصعيد حركة "طالبان - باكستان" لنشاطها، حيث تمكنت الحركة من خطف عقيدٍ في الجيش الباكستاني، بالإضافة إلى خطف سبعة من عناصر القوات شبه العسكرية في منطقة ديرة إسماعيل خان الواقعة في إقليم خيبر بختونخواه شمال غربي باكستان. وتشترط الحركة لإطلاق سراح هؤلاء إفراج الحكومة الباكستانية عن أسماء بارزة في صفوفهم من المعتقلين في سجونها.

هل يخرج إقليم بلوشستان عن السيطرة؟

تبعث الحكومة والجيش في باكستان برسائل طمأنة، تؤكد من خلالها أن الوضع في بلوشستان تحت السيطرة، وأن الجيش يتابع عملياته لقمع المسلحين، وفقًا لتصريحات أدلى بها قائد الجيش الجنرال عاصم منير ورئيس الوزراء شهباز شريف خلال زيارتهما إلى بلوشستان. لكنّ التصريحات القادمة من العاصمة الباكستانية إسلام أباد، وخاصة من مجلس الشيوخ ومن سياسيين ينحدرون من الإقليم المضطرب أمنيًا، تعكس مخاوف عميقة حول مستقبل هذا الإقليم، الذي يرون أنه بات مرشحًا للخروج عن سيطرة الحكومة والجيش. 

تتهم الحكومة الباكستانية الهند بدعم الانفصاليين في بلوشستان، فيما قال مسؤولون آخرون إن حركة طالبان الأفغانية قدمت الدعم لهم

وفي هذا الصدد، يرى عضو مجلس الشيوخ عمر فاروق، أن: "الإقليم أصبح خارج قبضة الحكومة"، مضيفًا: "وقوات الأمن غير قادرة على احتواء ومواجهة القضية"، معتبرًا أن: "الفساد كان يسود أجهزة الدولة في بلوشستان خلال السنوات الماضية، بالإضافة إلى قمع الناس واختطاف الشباب"، مؤكدًا في كلمة أمام مجلس الشيوخ الباكستاني أن: "تعامل أجهزة الدولة مع المنطقة أرغم البلوش على حمل السلاح والهروب إلى الجبال، والآن عندما تأتي أجهزة الأمن والاستخبارات وتقول إننا سنقضي عليهم جميعًا، أو ليستسلموا ويعيشوا معنا، أقول لهم عسكريًا لا يمكنكم القضاء عليهم. الوضع مأساوي بكل المعاني، وذلك بسبب السياسات التي تبنتها الأجهزة وجعلت البلوش أعداء لها"، وفق صحيفة وموقع "العربي الجديد". 

في المقابل تحرص الحكومة والموالون لها على ربط تمرد البلوش بأيادي خارجية. وفي هذا الصدد يتم اتهام نيودلهي بدعم الحركات الانفصالية في إقليم بلوشستان، وسبق لرئيس الحكومة شهباز شريف، ووزير الداخلية محسن نقوي، أن صرحوا بأن الهند تساعد الانفصاليين البلوش.

لكن أصابع الاتهام الباكستانية تشير أيضًا إلى حركة طالبان في أفغانستان باعتبارها طرفًا خارجيًا قدم دعمًا لتمرد البلوش وحركاتهم الانفصالية. ويشار في هذا الصدد إلى ما قاله حاكم إقليم السند كامران تسوري في مؤتمرٍ صحفي، حيث قال: "حركة طالبان الأفغانية لا تدعم فقط حركة طالبان باكستان بل تسمح أيضًا للبلوش باستخدام الأراضي الأفغانية ضد القوات الأمنية"، على حدّ زعمه.

وكانت طالبان باكستان قد صعّدت هي الأخرى من نشاطها ضدّ الحكومة الباكستانية بإقدامها على اختطاف العقيد في الجيش الباكستاني خالد أمير خان، في مدينة ديره إسماعيل خان. وفي وقتٍ حاول فيه الجيش التكتم على الاختطاف، نشرت حركة طالبان باكستان مقطعًا مسجلا للعقيد يؤكد فيه أنه مختطف من الحركة، وفي منطقة خارجة عن سيطرة ونفوذ الجيش والحكومة، موجّهًا طلبًا للمؤسسة العسكرية والحكومة لتلبية مطالب الحركة مقابل الإفراج عنه وعن عدة معتقلين آخرين.

وتطلب حركة طالبان باكستان، حسب الوسطاء، من الزعامات القبلية إطلاق سراح 20 من قادتها وعناصرها في السجون الباكستانية مقابل إطلاق المعتقلين لديها، وعلى رأسهم العقيد خالد أمير خان.

وبحسب مصادر مطلعة، فإن من بين القيادات التي تريد "طالبان - باكستان" إطلاق سراحهم مقابل الإفراج عن الضابط ورفاقه وعناصر أخرى من الأمن: لطيف محسود، الوجه المعروف في الحركة الباكستانية ولدى "طالبان" الأفغانية وحتى الحكومة الأفغانية السابقة، إذ كان يقوم بدور الوساطة بين حركة طالبان أفغانستان وبين حكومة الرئيس الأفغاني السابق حامد كرزاي.

كما تطالب الحركة بالإفراج عن الناطق السابق باسمها مسلم خان المعتقل منذ 2009، بالإضافة إلى القيادي في الحركة ملك محمود الذي كان من زعماء القبائل في سوات، والذي اعتقل أيضًا في عملية للجيش في 2009. كما تطالب الحركة الإفراج عن المولوي عمر الذي اعتقله الجيش عام 2005، وهو عالم دين ووجه قيادي بارز في الحركة الباكستانية.