17-مارس-2023
جي بي تي 4

يعد النموذج ثورة كاملة على النماذج التي سبقته (Getty)

أطلقت شركة "أوبن إيه آي" الأمريكية نموذجها الجديد لمحادثات الذكاء الاصطناعي، والذي أطلقت عليه اسم "جي بي تي-4" (GPT-4)، وهو أقوى نموذج مفتوح للذكاء الاصطناعي في العالم حاليًا بحسب تقدير الخبراء، ومن نفس الشركة التي أطلقت "تشات جي بي تي"، ونموذج "دال-إي" للرسم بالذكاء الاصطناعي.

لو افترضنا أن "تشات جي بي تي" بمثابة مركبة، فإن "جي بي تي-4" سيكون المحرّك

هذا النموذج الجديد يستطيع اجتياز كل اختبار، من اختبارات المحامين وحتى اختبارات الأطباء المتخصصين، فلا يصعب عليه حلّ أي لغز ولا تقديم أية توصية في أي مجال كان، من وصفات الطعام من مختلف البلدان وحتى المساعدة في كتابة تغريدة أو تعليق عليها، بمجرّد تزويده بنبذة أو حتى صورة عمّا في بالك.

ولا يخلو ذلك بطبيعة الحال من محاذير وإمكانات للاستخدام السلبي لهذا النموذج، بما في ذلك إنشاء الفبركات المعلوماتية والأفكار الهدّامة والاحتيال وغير ذلك.

في هذه الحلقة من سلسلة باختصار، سنقدّم توضيحًا موجزًا عن نموذج "جي بي تي-4".

يعتبر نموذج "جي بي تي- 4" آخر ابتكارات شركة "أوبن إيه آي" الأمريكية، وهو في أساسه نموذج ذكاء اصطناعي أنشئ لتوليد النصوص. لكنّ الميزة الكبرى به تتمثّل في كونه خارق الجودة والكفاءة، ويتسم بالقدرة العالية على فهم العالم والتعاطي معه في السياقات الفريدة لكل مستخدم ومستخدمة.

فلو سألت هذا النموذج سؤالًا من اختبار اعتماد للمحامين في الولايات المتحدة، فسيكتب لك إجابة تدلّ على تعمّق بالنظام القانوني الأمريكي وتعقيداته، وهو ما سيحصل لو طلبت منه شرح أمر متعلق بالطبّ أو الكيمياء أو الأحياء الدقيقة.

كيف يختلف "جي بي تي-4" عن "تشات جي بي تي"؟

الفرق بين النموذجين ليس هينًا. وبحسب تعبير الغارديان البريطانية، فلو افترضنا أن "تشات جي بي تي" بمثابة مركبة، فإن "جي بي تي-4" سيكون المحرّك. فخلف هذا النموذج تقنية بالغة القوّة يمكن الاستفادة منها في شتّى الاستخدامات، وهو النموذج المعتمد حاليًا في محرك البحث التابع لشركة مايكروسوفت، كما أنّه مهيّأ للاندماج مع تطبيقات مختلفة متخصصة، مثلما حصل مؤخرًا في اعتماده من قبل تطبيق تعليم اللغات الشهير، دولينغو، لمساعدة المتعلمين عند ارتكاب الأخطاء وتكرارها، وذلك عبر "دولينغو  ماكس" الذي أعلنت عنه الشركة مؤخرًا. ثمة شركات أخرى اعتمدت على النموذج في تطبيقاتها الخاصة، لمراقبة أي نشاط مشبوه، في شركة سترايب مثلًا للدفع الإلكتروني، كما اعتمدت على النموذج شركة أخرى لمساعدة الأشخاص ذوي الإعاقات البصريّة على قراءة البيئة المحيطة بهم والتعامل معها.

كلّ ذلك عائد إلى التطوّر الهائل الذي طرأ على النموذج، والذي دفع الشركة إلى اعتباره منتجًا جديدًا قائمًا بذاته، وباسم مختلف عن النماذج الذي سبقته. كما أنّه معدّ بطريقة أفضل للتعامل مع المساحات الحسّاسة من قبل المستخدمين، في الأمور السياسية والمجتمعية والدينية، حيث يظهر النموذج قدرة أكبر على فهم المعطيات السلبية ورصد ما يقصد منه الإساءة أو التهديد أو الإيذاء للذات أو للآخرين.