يعد "الوضع الراهن" من أكثر الاصطلاحات الإسرائيلية استخدامًا مع كل توتر أو تصعيد مرتبط بالمسجد الأقصى. ويستخدم هذا التعبير باستمرار من قبل وزراء وسياسيين في إسرائيل عند الحديث عن ازدياد في عدد الاقتحامات الاستيطانية للأقصى، أو عند إقامة مستوطنين صلوات داخل حرم المسجد. حيث يؤكد هؤلاء المسؤولون دائمًا على قيامهم بـ"الحفاظ على الوضع الراهن" وتقديمهم تعهدات بهذا الشأن، سواء لتجنب توترات إضافية محتملة، أو في سياق دبلوماسي موجه للأردن على نحو خاص، التي تمتلك الوصاية على المسجد، وتؤكد بدورها بشكل مستمر على ضرورة الحفاظ على هذا الوضع.
إعلان الوضع الراهن كان اتفاقًا غير مكتوب ولا توجد له أي قيمة قانونية وجاء كنتيجة لتفاهم ضمني بين عمان وتل أبيب
تبلور مصطلح الوضع الراهن عقب احتلال إسرائيل لكامل مدينة القدس في عام 1967. بناءً على الوضع الجديد، وعقب استكمال إسرائيل احتلال ما تبقى من فلسطين، صاغ وزير الأمن الإسرائيلي في حينه موشيه دايان إعلان "الوضع الراهن"، الذي أعلن فيه أن المسجد الأقصى هو وقف إسلامي للأردن حق الوصاية عليه، وستحتفظ بالسيطرة عليه من ناحية الإبقاء على موظفي الأوقاف التابعين لها. كما سيسمح لليهود بزيارة المسجد دون الصلاة فيه، فيما تتولى المهام الأمنية الشرطة الإسرائيلية دون أن تتواجد داخل المسجد.
ما عزز إعلان الوضع الراهن، هو شبه الإجماع الديني اليهودي على حرمة زيارة المسجد الأقصى. فقد أصدر الحاخامات الغربيون والشرقيون أحكامًا تمنع زيارة المسجد، من خلال تبرير ديني يقوم على حرمة زيارة المسجد حتى وصول المسيح المخلص. وكانت هذه الأحكام تحظى بموافقة كافة التيارات الدينية بما فيها القومية، وتقاطعت فيها أسباب دينية مع أخرى سياسية غير معنية بتصعيد مبكر في الأرض المحتلة والحفاظ على الهدوء والسيطرة فيها وترسيخ الاحتلال. ووفقًا لتقرير صادر عن مركز الأبحاث والمعلومات في الكنيست الإسرائيلي في عام 2014، فإن ديان كان يعتقد أن ترك الإدارة للسلطات الأردنية سيمنع انتفاضة في الضفة الغربية، وسيقلل التوتر مع البلدان الإسلامية ويسهل من تثبيت السيطرة الإسرائيلية.
في سنوات السبعينات، بدأت محاولات لخلخلة الإجماع الديني اليهودي في إسرائيل من أجل دفع المستوطنين اليهود إلى اقتحام المسجد الأقصى والصلاة فيه، مع حراك عدد من الحاخامات من أجل تغيير السياسة الإسرائيلية تجاه المسجد والسماح لليهود بالدخول إليه وأداء الطقوس الدينية. لكن هذه المحاولات لم تفلح كثيرًا، ولسنوات طويلة كان يسمح لليهود بالدخول بأعداد قليلة جدًا خلال الاقتحام الواحد، مما يمنع إمكانية إقامة صلاة، كما يمكّن من ضبط المقتحمين بسهولة، فيما كانت أكبر أرقام الاقتحامات تصل 100 مستوطن خلال العام.